لا أشعر بطعم الحياة بسبب الفشل الذي أعيشه
2018-01-15 00:16:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
منذ عام 2013 حتى الآن وأنا أعاني من حالة لا أعلم ما تشخيصها! عمري 18 عاماً, حالتي تتلخص بانهيار تام للشخصية من عمر الرابعة عشر حتى الآن, بدأ الأمر بتركي للثانوية، حيث لم أستطع المواصلة في الحضور للدروس والمذاكرة لأسباب كثيرة، مثل: انعدام الدافعية التام، وعدم القدرة على التركيز، وصعوبة الجلوس للمذاكرة، واستصعاب أبسط الأمور، مثل: المذاكرة، والمحافظة على الصلاة، وتنظيف المنزل، والخروج لمكان ما, وتتكرر أسئلة في ذهني مثل هل سأستطيع؟ وأني لا أستطيع الحفظ أو الفهم، وأني أنسى سريعاً، وأصابني خوف شديد من الدراسة, وبمجرد أن ألقي نظرة سريعة على المحاضرة يعتريني شعور كامل بأني لن أستطيع فهمها، وأنها صعبة، وما إلى ذلك، فتوقفت تماما عن الدراسة, ودخلت الجامعة لمدة شهرين، وتوقفت بعدها، حيث شعرت أني لا أستطيع المواصلة أبداً رغم أني كنت طالبة متفوقة جداً قبل الذي حدث, أقضي يومي في غرفتي، وليس لدي أي علاقات اجتماعية سوى صديقة قديمة، والكلام يكون عبر الإنترنت؛ نظرا لأننا في منطقتين مختلفتين، ولم يكن لدي فرصة هنا في التعرف على أشخاص، وغالباً ما أشعر بثقل من العلاقات، وأشعر كأنها واجب، ولا يراودني أي شعور بالراحة أو المتعة في الكلام, أي أني أتكلم معهم لمجرد الاحترام للشخص الآخر، لا رغبة مني.
أصابتني نوبات هلع فيما سبق, كما أني في ذهول من الفشل الدراسي وباقي جوانب الحياة، فكنت أبكي طوال الليل، وأنام أكثر من 3 مرات في اليوم, ثم بعدها تأقلمت مع الفشل، وبت أقضي وقتي في غرفتي بصمت، لا أخرج سوى لأداء واجبات المنزل، أو الطعام، ولا أخرج خارج المنزل عدا 10-20 مرة طوال السنة.
كنت أستغرب من سماع اسمي، وأشعر بأنه شيء غريب، وأستغرب أيضا من الكلمات, كأني فجأة أصبحت أراها للمرة الأولى، مثلا كلمة (الأيام)، فجاءة أشعر بالذهول منها، وبدأت أنظر لأحرفها، ورحت أبحث في جوجل عنها كأني أريد التأكد من معناها.
أشعر فجأة أن الكلمات غريبة، وأشك أني لا أعرف معناها, لا أصف حالتي بالحزن بعد الآن, لم أعد أشعر بشيء بعد كل محاولاتي الفاشة للخروج من هذه الحالة, إنما أصفها الآن بالقيد النفسي، أشعر أني مقيدة, لا أشعر بالفرح أو الراحة, كأني في سجن، وأغلب أحلامي في النوم أني مسجونة مثلاً.
طبعاً لم أكن سلبية مع حالتي، حاولت ألف مرة أن أضع لنفسي جدولا وأن أتغير، وأصحو مبكرا، وأصلي الصلوات، وأحافظ على نظافتي الشخصية، وأختلط بالآخرين، وأقرأ الكتب، لكني فشلت، لم أستطع الاستمرار أكثر من أسبوعين، ولا أستطيع تحديد السبب بدقة, أشعر أني عاجزة عن مواصلة حياتي, وأني لن أحقق النجاح العلمي الذي كنت أطمح له، ولن أنجح في أي جانب من جوانب الحياة.
وللعلم فأنا لا أقدر الحياة الأسرية، وما إلى ذلك، يعني لنفترض أني قادرة على تكوين أسرة والاعتناء بها, هذا لا قيمة له عندي, أقيس فشلي الآن بفشلي الدراسي، وفشلي في تحقيق النجاح العلمي والنجاح الشخصي.
لم أعد أسعى لإصلاح مشاعري، والاعتناء بنظافتي الشخصية، وما إلى ذلك, لأني لا أشعر بشيء, كأنه ليس لي قلب, لا أشعر بأي مشاعر تجاه مواضيع مثل: العائلة، والأخوة، والصداقة، والحب, أشعر أني أصبحت قاسية وباردة جداً ولا رجوع في ذلك، ولا أهتم بشكلي؛ لأني لم أعد أهتم بما يقوله الآخرون، ولا أروح عن نفسي، لأني لم أعد أشعر أن هناك شيئا يعود علي بالسعادة أو الراحة النفسية, أصبحت لا أستطيع عمل أي نشاط، لأني لا أشعر بأي شيء, وأشعر بتعب عند بذل أبسط مجهود ذهني.
أشعر بصعوبة شديدة عندما أقرر قراءة نص كامل من البداية للنهاية بتركيز، أفضّل أن أمرر عيني على السطور، وهذا لا يفيد إطلاقاً؛ لأني لا أستفيد شيئا من القراءة بهذه الطريقة, أنا أعلم, لكني لم أعد أستطيع بذل الجهد والتركيز، وإن أرغمت نفسي أشعر بضيق نفسي شديد وخوف وقلق، وأترك الأمر كله حتى لو كان مقالا بسيطا في جريدة لا يعني لي شيئا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن هذه التغيرات النفسية والسلوكية التي طرأت عليك أتتك في المرحلة العمرية الحرجة، والتي فيها الكثير من الهشاشات النفسية، هنالك تغيرات فسيولوجية وبيولوجية ونفسية وسلوكية، وهنالك مشاكل كثيرة حول التكيف والانتماء وخلافه، تحدث أيضاً نوع من المشاعر السلبية في هذه المرحلة ومن الشعور بالإحباط، والشعور بالتغرب عن الذات، هذا كله يحدث لدى بعض الناس، في حالتك أعتقد أن ذلك قد حدث لك، لكن الذي جعل الحالة تستمر هو أنك دخلت فيما نسميه بالاستكانة أو الاستسلام النفسي، حدث استسلام تام للفشل، والفشل حين يستسلم الإنسان له هذا يعني أنه قد تطبع عليه، وأنه أصبح لا يراه أمراً مخزياً كما كان يراه سابقاً.
أنا أعتقد أنك يمكن أن تخرجي نفسك من هذه الحالة التي أنت فيها بأن تدركي بأن الله تعالى قد حباك بمقدرات، وأن الإنسان يستطيع أن يتغير، والتغير يأتي من الذات، يعني من المهم أن تغيري مفاهيمك وأن تعرفي أن هذه الاستكانة النفسية أمر سيء، ويجب أن لا يكون جزءاً من حياتك، ودائماً ذكري نفسك أنك أنت صاحبة القدرة والاستطاعة والإمكانية لتغيير نفسك.
واعرفي أن محاولات النجاح يجب أن تستمر، ولدينا أمثله عظيمة، أديسون الذي اخترع الكهرباء حاول وحاول وفشل وفشل وبعدما يقال أنه بعد أكثر من 1000 محاولة نجح وأضاء لنا الدنيا، لم يستكن، لم يستسلم حتى بعد أن احترق مختبره، بنى مختبرا جديداً وأصر على ذلك، فيجب أن يكون لديك الدافعية ولديك الحماسة ولديك الإصرار، ويجب أن يكون لك جدول يومي لإدارة الوقت، هذا أمر مهم وضروري.
واعلمي أن التغيير يأتي منك أنت، ولا أحد يستطيع أن يغيرك، التزامك ببعض الواجبات المنزلية، وأن لا تكوني شخصاً مهمشاً في أسرتك، يجب أن يكون هو البداية، الحرص على الصلاة في وقتها أيضاً أمر سوف يحسن لك الدافعية في كثير من الأمور الحياتية الأخرى، وتواصلي مع صديقاتك، لا تكثري من هذا التواصل عن طريق الإنترنت وتجلسين في غرفة لوحدك فهذا خطأ وخطأ جسيم جداً، هذه هي الاستكانة والاستسلام.
تعاملي مع نفسك بصورة أكثر إيجابية، ولا بد أن تمارسي شيئاً من الرياضة، الرياضة تحسن الدافعية عند الإنسان، تزيد الطاقات الجسدية وكذلك الطاقات النفسية، هذا هو الذي أراه وانظري إلى نفسك بمرآة أخرى وبتفاؤل وبأمل ورجاء، وتصوري نفسك بعد 5 إلى 6 سنوات من الآن، لا يمكن أن تكوني بدون تعليم، بدون درجة جامعية، بدون الزواج هذا لا يمكن أبداً، فأعدي نفسك، وسلحي نفسك، وارفعي همتك، وأسأل الله تعالى أن يوفقك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.