أعاني كثيراً من أخلاق أمي التي لا تطاق، ما نصيحتكم؟
2017-12-21 04:20:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا امرأة متزوجة، عشت حياة مريرة في بيت أهلي، سببها والدتي وأخلاقها، فلم تترك أحداً يعيش بهناء، لدرجة أن الكل هجروا البيت، وأبي وأختاي توفوا من المرض الجسدي والنفسي، بسببها، أقول بسببها، لأنها فعلت ما لا يتوقعه أي مخلوق، والله شهيد على ما أقول.
لا أستطيع البوح، لأنه مخل بالحياء، وأشياء أخرى لا تفعلها أم.
أخواي الذكور أحدهما في كندا والآخر في بيته الشخصي، بقيت أنا لم أتحمل، فاخترت الزواج والعيش مع أهل زوجي وهم غرباء، والله أذيتهم أرحم من والدتي، إلا أني لم أهملها يوماً.
إذا مرضت وإذا احتاجت شيئاً كل ما يلزمها أفعله، وأصبر على أخلاقها، تعبت خصوصاً وأنا حامل، وأعمل وعندي بيت، ولم أعد أستطيع تحملها لا صحياً ولا نفسياً، والله أعلم.
إخوتي ليسوا مبالين إطلاقاً بالأمر، وكلمتهم وكأني أكلم الحائط! ما هو الحل؟
والله أكتب هذه الرسالة وألم مبرح في الغدة الدرقية التي قد تتسبب في أذية الجنين.
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك – أختي الفاضلة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلاً الله تعالى أن يرزقك الصبر وعظيم الثواب والأجر، وأن يصلح والدتك، ويجمع شمل الأسرة على محبة وخير.
لا شك أن الله تعالى قد طبع الحياة الدنيا على ألوان الابتلاء، وأثاب الصابرين بأحسن الثواب والجزاء، فقال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين..)، ولا تخلو العلاقات عامة، ومنها الحياة الأسرية والزوجية من ذلك، ولذلك فإني أنصحك بالأمور التالية.
لزوم الصبر والهدوء والحلم وعدم الإفراط في مشاعر الهم والحزن؛ لما سبق من فضل الصبر (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، ولما له من أثر حسن وكريم في معالجة المشكلات والإيجابيات، وعدم الوقوع في ردود الأفعال السلبية والتي تعمّق من المشكلات، لاسيما وكون ذلك الصبر الجميل مع والدتك – حفظها الله وعافاها – حيث التزمتِ الصبر على أخلاقها ولم تقصري معها هو نوع من البر بها والإحسان إليها الواجب شرعاً لقوله تعالى: (وبالوالدين إحساناً)، ولا سيما مع ما ذكرتِ من تأثير الهم والقلق والاضطراب على مشكلتك العضوية (الغدّة الدرقية) وتأثير ذلك على الحمل جعله الله سهلاً مباركاً.
أوصيك بحسن الظن بالله تعالى وتعزيز الثقة بالنفس والرضا بالقضاء والقدر، والتحلي بالأمل والطموح والتفاؤل وعدم الإحباط واليأس والقنوط، قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه)، وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.
احرصي – سلمك الله وقواك – على حسن التعامل مع زوجك وأهله خاصة وأنك في بيتهم، وذلك بلزوم حسن الخلق والخدمة بالمعروف؛ كون ذلك كما فيه طاعة لربك فهو طاعة لزوجك وكسب لمودته ومودة أهله، وكما يقال: (الإنسان أسير الإحسان)، مع التحلي بنوع من الحزم والحلم وقوة الشخصية.
نعم، فإن من الواجب على إخوانك طاعة لربهم ولوالدتهم القيام بحقها الشرعي أيضاً، إلا أنه ينبغي أن يكون البر مجال تنافس وتزاحم في الطاعة والخير، ولذلك فلا تنتظري مشاركتهم إياك حمل هم هذا الواجب، كما يجب أن تستمعي أنتِ بذلك لما تعلمين من عظيم الأجر والثواب فيه.
أوصيك – حفظك الله – بصدد تحصيل عون وتوفيق الرحمن، وطرد الهم والأحزان ووساوس النفس والهوى والشيطان بضرورة تنمية الإيمان، وذلك بشغل الوقت والفراغ فيما يعود عليك بالمنفعة والفائدة - لاسيما مع كونك معلمة قد شرفك الله تعالى بهذه المهنة الكريمة - في توسيع مداركك، وذلك بتنمية الثقافة والمواهب والمعارف، ولزوم الصحبة الصالحة الطيبة وقراءة القرآن وطلب العلم النافع، والازدياد من العمل الصالح ومتابعة المحاضرات والدروس والبرامج النافعة والمفيدة والترويح عن النفس بالمباح والمشروع، قال تعالى: (ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه) (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
لا أحسن ولا أعظم ولا أجمل من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)، والمحافظة على الرقية الشرعية، وأذكار الصباح والمساء.
أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك وييسر أمرك ويصلح ويعافي والدتك، ويرزقك التوفيق والسداد ويلهمك الصبر والهدى والصواب والرشاد؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله الموفق والمستعان.