أعاني من القلق والانفعال والعصبية الدائمة.. فكيف أتخلص من ذلك كله؟
2017-11-26 03:05:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة أبلغ من العمر 28 سنة، متزوجة ما يزيد عن السنة، في السنة الأخيرة من تحضير الأطروحة، ليس لدي أولاد بعد، أعاني من الخوف والقلق والتفكير الكثير والوسواس، سريعة الغضب والانفعال لأبسط الأسباب، ليس لدي ثقة كافية في نفسي، غالبا ما أشعر أن الجميع أحسن مني أو أنهم ينظرون إلي باحتقار.
لا أنام بسهولة، وعقلي لا يتوقف عن التفكير والقلق، مما يزيد من انفعالي وعصبيتي، وغالبا ما أخرج كل انفعالي على زوجي، لكنه حتما لن يتحمل هذا طيلة عمره، أواظب على الصلاة والاستغفار والتسبيح، ولا أحس بالخشوع في صلاتي، وهذا يزيد من إحساسي بالذنب.
نشأت في وسط من الخوف، فلم يكن والداي على وفاق، وكانت أمي مغلوبة على أمرها، وأبي يضربها أمامنا، إلى أن فرت إلى بيت أبيها قبل 17 سنة.
دائما أتخيل نفسي في صراع مع أشخاص أعرفهم، أو قد أخترعهم من خيالي، أتخيل موت أحد من أقربائي، وأشعر بالذنب على ذلك، كما أشعر أني مدينة لأمي، ويجب علي أن أشتغل وأصرف عليها، لكن زوجي لمح لي عدة مرات بعدم الضرورة للعمل.
أرجو إرشادي للحل، فلم أعد أستطيع المواصلة هكذا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hoda حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
قرأت رسالتك غير مرة، وفهمت من بين سطورها أن المشكلة الأساسية لديك هي عدم قدرتك على ترتيب حياتك، وتحديد أولوياتك في هذه الحياة، إضافة إلى تعرضك إلى مشكلة عائلية في الماضي تركت في نفسك أثراً عميقاً، وساهمت في تشويش أفكارك، وسببت لك قلقا واضطراباً حتى أصبحت لا تستطيعين النوم بسهولة.
وإليك هذه الخطوات المركزة الموجزة:
1ـ تيقَّني أن كل ما حدث في الماضي قد مضى وانتهى، وأن استذكاره واسترجاعه ليتمثل أمامك من جديد لن يفيدك شيئاً، ولن تستطيعي إصلاحه، بل على العكس إنه سيُسْهِم في ازدياد قلقك وتوترك، فالله -سبحانه وتعالى- أنعم على الإنسان بنعمة النسيان، لذلك لا بد أن تقلبي صفحة الماضي وكأنه لم يكن، وذلك الخوف الذي عانيت منه سابقاً بإذن الله لن يتكرر فاهدئي وقري عيناً.
2 ـ حتى تتخلصي من ذكريات الماضي المؤلمة عليك بهذه الاستراتيجية المجربة: تخيلي حياتك عبارة عن شريط فيلم طويل، ومن ثم تخيلي نفسك تمسكين مقصاً وقومي بقطع ذاك الجزء المؤلم من حياتك بيدك، ووستشعرين أنه تلاشى من خيالك وعقلك، وإن حدث وعادت تلك الصور القديمة فقومي بتجاهلها تماماً، واصرفي تفكيرك عنها بالتركيز على اللحظات السعيدة والممتعة في حياتك.
3 ـ إن إشغال نفسك بعمل هام مفيد جداً، وفي الواقع أنت لديك ما يشغلك فهذا سيساعدك كثيراً فأنت متزوجة، ولديك أطروحة على وشك أن تنتهي منها، يمكنك أن تستعيدي روحك المعنوية وتنطلقي لتنهي أطروحتك بأسرع وقت ممكن.
4 ـ وأنصحك بعد أن تقطعي ذاك الجزء المؤلم من شريط ذكرياتك، أن تجلسي جلسة هدوء وصفاء مع نفسك وأن تخططي لمستقبلك، ارسمي خطة للانتهاء من أطروحتك بأسرع وقت، واحرصي على الإبداع والتميز فيها، وتحدي نفسك أن تكون مرتبتك هي الأولى مع مرتبة الشرف.
5ـ تذكري أنك مسؤولة عن عائلة صغيرة، وبإذن الله ستكونين أماً قريباً، وشعور الأمومة سينسيك آلامك وأوجاعك، فخططي كيف ستجعلين بيتك جنة، وبدلاً من الانفعال والعصبية على زوجك، عامليه بود ومحبة، وأظهري له الحنان والمحبة والعاطفة والمشاعر الراقية، وكوني واثقة أنه سيبادلك بالمثل وأكثر، وستجدين منه من الحب والحنان ما ينسيك أحزانك وآلامك فتقر عينك وتسكن نفسك، خططي كيف ستقضيان معاً أوقاتاً سعيدة، نزهات، رحلات، أو حتى قضاء وقت ممتع داخل البيت، فأنت -كما ذكرت- متزوجة منذ سنة، فهذه أجمل مرحلة في الحياة الزوجية فاغتنميها، واطردي الأوهام والمخاوف بعيداً عن حياتك، وتأكدي أن السعادة وحدها كفيلة بنسف كل القلق والتوتر الذي تشعرين به.
6 ـ لا بد أن تنمي ثقتك بنفسك، وأن تكوني واثقة أن كل من حولك ينظر إليك نظرة حب وإعجاب واحترام وتقدير، فكما ترين نفسك يراك الآخرين، وأنه بإمكانك أن تكوني شخصية جذابة ومحبوبة من الآخرين إن أحسنت التعامل معهم، بالأخلاق الحسنة، والابتسامة الدائمة، والتفاؤل والإقبال على الحياة، والتودد إليهم، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وهمومهم، والاطمئنان عليهم ومناصحتهم، افتحي لهم طريقاً إلى قلبك، وابني بينك وبينهم جسور الألفة والود ولا تجعلي نفسك سجينة السلبية والأفكار السيئة، فلا خير في مؤمن لا يألف ولا يؤلف.
7 ـ اقرئي واطلعي على تجارب الكثير من الشخصيات المبدعة والمتميزة، والتي مرت بظروف اجتماعية وعائلية قد تكون أسوأ من الظروف التي مررت بها، ومع ذلك تحدت ظروفها، وخرجت من رحم المحن لتثبت للعالم أن الله معها، فما من قوة على وجه الأرض قادرة على قهرها وتثبيطها، وبين صفحات السير الذاتية للمبدعين ستجدين الكثير من هذه النماذج.
8 ـ الرضا والتسليم لما قضاه الله، ولما حملته الأقدار لك في الماضي والحاضر، فالرضا أساس الطمأنينة والهدوء والسلام النفسي.
9 ـ أنصحك بالمصالحة بينك وبين نفسك أولاً، وأن تنظري إلى نفسك بعين الرضا، ومن ثم المصالحة بينك وبين الآخرين فما ذكرته في رسالتك أنك دائما تتخيلين نفسك في صراع مع أشخاص تعرفينهم، أو قد تخترعينهم من خيالك، أو تتخيلين موت أحدهم وتشعرين بالذنب هذا دليل أنك تشعرين حالة صراع دائماً، احرصي على تطهير قلبك من الحقد والكراهية والغل والحسد، واملئيه بالخير، حافظي على سلامة قلبك ، فالقلب السليم هو الطريق الموصل إلى الجنة ، فكوني على يقين أنك إن طهرت قلبك من هذه الأغلال فإنه سيخشع بين يدي الله -سبحانه وتعالى- في الصلاة، وسيشعر بالاطمئنان بالذكر والاستغفار، وسيطرد الأحزان بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما الحقد والغل وغير ذلك من أمراض القلب فإنما هي ران على القلب فلا ينفذ إليه شيء، فتصبحين لا تتلذذين بكل ما تقومين به من صلوات وقربات.
10 ـ حضور مجالس العلم من أكثر الأشياء التي تساعدك على صفاء النفس وتطهير القلب، وأيضاً بر والديك، ليس أمك فقط بل والدك أيضاً، فلا تجعلي قلبك يحمل الحقد لوالدك فله عليك حق الطاعة والبر والمعاملة بإحسان، فما رأيته في صغرك لا تستطعين الحكم عليه، ولا الحق مع من ولا على من، فلا تجعلي الصورة تؤثر على علاقتك بوالدك، بل توددي إليه وتقربي منه، واطلبي رضاه، وتذكري أن الله -سبحانه وتعالى- وحده المسؤول عن محاسبة عباده وأنه غفور رحيم سبحانه.
11- واظبي على أوراد الصباح والمساء، وقراءة القرآن فله أيضا دور كبير في الوصول إلى الراحة النفسية.
أما بالنسبة لموضوع عملك ومساعدة والدتك، أنصحك أن تؤجليه قليلاً حتى تنتهي من أطروحتك، ومن ثم تناقشين زوجك بهدوء بهذا الموضوع من خلال دراسة الموضوع دراسة منطقية عقلانية فإن اقتنع فنعم، وإلا فبيت المرأة أولى بها، وطاعة الزوج هي الأساس، ولا بأس إن كان وضعه المادي جيدا أن تستأذنيه بمساعدة والدتك، ولو بين الحين والآخر، وأظن والدتك ستقدر لك ذلك.
هذه خطوات مركزة مفيدة لك ولجميع القصص المشابهة لقصتك.
أسأل الله أن يرزقك نفساً راضية وقلباً مطمئناً، وسعادة في الدارين، اللهم آمين.