أعاني من وسواس السفر خوفاً من الغثيان، فكيف أتخلص منه؟

2017-10-22 04:58:04 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب متزوج عمري 24 سنة، أعاني منذ فترة طويلة من وساوس وقلق من السفر، أو عند الذهاب لأماكن بعيدة أو قريبة، وأشعر أنني لا أستطيع السفر خوفا من الغثيان، أو فقد الوعي، أو القيء، حتى وإن جاهدت نفسي تأتيني برودة في الأطراف وغثيان وتنميل في اليد، وبعض الأحيان أعاني من استرجاع المريء وقلق حتى أصل، ثم تذهب هذه الأعراض تماماً.

إذا نويت للذهاب لأماكن أخرى أفقد الشهية، وأرفض الأكل خوفا من تلك الأعراض، وأعاني من القولون العصبي وكثرة الغازات في البطن، مما أدى لنزول وزني.

أريد تشخيصا كاملا عن حالتي، ووصف الدواء المناسب لي، حيث إنني لا أستطيع الذهاب لدكتور نفسي.

قرأت في استشارات لكم عن عقار (السبرالكس)، فهل سينفع لحالتي؟ وكم الجرعة التي يجب أخذها؟ وهل هناك دواء آخر تنصحون به؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي الكريم: بتصفُّحي لحالتك أقول: إن لديك قلق المخاوف، وفيه جانب الاجتماعي، وما يُسمَّى أيضًا (رهاب الساح)، وهو الخوف من الخروج أو السفر دون رفقة آمنة، وهذه الحالات متداخلة في بعضها البعض، يعني: لا أريدك أن تعتقد أنك تُعاني من عدَّة تشخيصات (قلق، ومخاوف، ورهاب ساح، ورهاب اجتماعي)، لا، كلَّها متداخلة وتأتي تحت (قلق الرهاب) أو (قلق الخوف).

والأعراض الجسدية كثيرًا ما تكونُ مصاحبة لهذا النوع من المخاوف، وأكثر الأعراض الجسدية شيوعًا هي اضطرابات الجهاز الهضمي من النوع الذي تعاني منه.

أيها -الفاضل الكريم-: لا أريدك فقط أن تندفع نحو الدواء، الدواء نعم يفيد، والدواء قطعًا سوف يجعل الطريق ممهَّدًا أمام التطبيقات السلوكية، والتي أراها مهمَّة جدًّا، وأهمّ تطبيق سلوكي هو: أن تُحقِّر فكرة الخوف، وألَّا تُناقش فكرة الخوف، وأن يكون لك الإصرار والعزيمة على اقتحام كلّ مصادر خوفك، على النطاق الاجتماعي، على النطاق الأسري، فيما يتعلق بموضوع السفر، الجأ لما يُسمَّى (التعريض مع منع الاستجابات السلبية)، هذا هو العلاج.

والحمدُ لله تعالى مجتمعنا فيه الكثير من الأنشطة والواجبات الاجتماعية التي إذا التزم بها الإنسان يُعالج مخاوفه تمامًا: حضور المناسبات، تلبية الدعوات، حضور وتقديم واجب العزاء، السير في الجنائز، الذهاب إلى الأعراس، زيارة المرضى في المستشفيات، الصلاة مع الجماعة، الترفيه على النفس بالذهاب إلى المجمَّعات التجارية من وقتٍ لآخر، التنزُّه في الحدائق العامّة مثلاً، الجلوس مع أصدقاء، وأكل وجبة في مطعمٍ مثلاً، هذا كله علاج، وهو واقع في مجتمعنا، ويؤطِّر كفاءة الإنسان النفسية، ويرفع من قُدرته كثيرًا.

الرياضة الجماعية أيضًا وجدنا فيها خيرا كثيرا جدًّا، وعلاجا لمثل هذه الحالات، وأريدك أيضًا أن تكون حريصًا على مستقبلك، ضع برامج تُدير من خلالها وقتك لتكتسب الخبرات والمهارات التي تُواجه بها حياتك المستقبلية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: السبرالكس دواء عقار ممتاز، لكن ليس هو الأفضل لعلاج هذه الحالات، إنما الدواء الأفضل هو عقار (سيرترالين)، والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت) أو (لسترال) وله مسميات تجارية أخرى، الجرعة التي تبدأ بها هي نصف حبة، الحبة بها خمسين مليجرامًا، ابدأ (بخمسة وعشرين مليجرامًا)، تناولها ليلاً لمدة عشر ليالٍ، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين ليلاً، وهذه هي الجرعة الوسطية التي تُعالج حالتك -إن شاء الله تعالى-.

استمر على جرعة الحبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم انتقل إلى الجرعة الوقائية، وهي أن تجعل الجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك تناول جرعة التوقف، وهي أن تجعل الجرعة نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

السيرترالين دواء ممتاز وفاعل جدًّا، وقطعًا إذا مزجتَ ما بين التوجيهات السلوكية والإرشادات النفسية -التي ذكرتها لك- وتناولتَ الدواء، هذا سوف يؤدي إلى نتائج علاجية رائعة جدًّا، وفي نفس الوقت تمنع الانتكاسة -إن شاء الله تعالى- بعد أن تتوقف من تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net