ما هي مقاصد الزواج بالتفصيل بالنسبة للزوجين؟
2017-06-06 03:08:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنني مقدم على الزواج، وأريد أن أقدم عليه وأنا مقتنع به، ( لأجل الاستعفاف )، ولكن هناك أمور منغصة علي في الزواج وهي التالي:
أولا: الزوج منوط به أشياء كثيرة منها:
1- تكاليف الزواج، والتي قد تصل لـ120 الف ريال.
2- توفير السكن للزوجة دائما طالما هي في ذمته.
3- النفقة على الزوجة الحاجات والكماليات، دائما طالما هي في ذمته.
4- القوامة وتحمل مسؤولية الزوجة بالكامل، والذي يأخذ من وقت وجهد وتفكير الزوج.
ما الذي يأخذه الزوج مقابل هذا كله، يقدم أشياء كثيرة في مقابل شيء واحد وهو التمكين من المرأة، هل هذا عدل، يقدم أشياء كثيرة منها نفقتها التي تتضمن الكماليات والأساسيات يقدم كل شيء، مقابل شيء واحد، أريد جوابًا صريحا، حيث إنني مقدم على الزواج، وأريد أن أقدم عليه وأنا مقتنع به.
بعض الأزواج يجبرون زوجاتهم على العمل والمشاركة بالنصف في نفقة البيت وكل شيء، إذا ما أردت ذلك يمكنني أن أفعله، ولكنني أعرف في النهاية أن الشريعة الاسلامية أوجبت على الزوج النفقة والسكن، ولذلك أنا أسألكم.
ثانيا: مشكلة الأبناء، نفقة الأبناء ليست مشكلة بالنسبة لي، ولكن أنا الآن أعزب ومستمتع بحياتي، ولا مسؤوليات لأبناء على رأسي، لماذا أتزوج وأنجب ثم يشيب شعر رأسي بسبب أبنائي يعني عندما يكونون صغارا، بسبب الطفل الشقي وأيضا في فترة المراهقة تزداد مشاكل الأبناء، فلماذا أوجع رأسي بهذا كله، إذ أنني أرى أقراني من المتزوجين وكيف يعانون مع أبنائهم.
ثالثا: ما هي مقاصد الزواج بالتفصيل بالنسبة للزوجين (لا أقصد الأبناء) يعني بين الزوجين، حيث إنني أرى كثيرا من المتزوجين يعيشون حياتهم بمشاكل دائمة.
وجهوني بارك الله فيكم بالكتاب والسنة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى أن يوفقك – أخي العزيز – ويسهل أمورك ويعينك على إكمال نصف دينك وتحصيل العفّة بالزواج الشرعي والمبارك, وفي التوفيق لاختيار الزوجة الصالحة والمناسبة.
- اشتمل سؤالك – أخي الكريم – على ثلاث مسائل: التعليق على ظاهرة غلاء المهور, وإمكانية مساعدة الزوجة مالياً لزوجها في النفقة والسكنى, ونصائح ووصايا في الزواج. فأقول - والله المستعان -:
- نعم, فإن الزواج ضرورة من ضروريات الحياة, وبها يتحصل الزوجان على مصالح الدين والدنيا من غض البصر وإحصان الفرج والعفّة والحياة السعيدة والمطمئنة, إلا أن ظاهرة غلاء المهور – كما يقال – قصم للظهور, وقد صار اليوم مجالاً للمباهاة بين الأسر والقبائل, وتكليف الأزواج بالديون, واللجوء إلى البنوك المحرّمة, والعنوسة, وعزوف الشباب عن الزواج, وانتشار الفواحش, فهي ظاهرة فرضتها العادات والتقاليد ويدفع ثمنها الأجيال, وهي - بلا شك - مخالفة للشريعة لما فيها من إعاقة وتعطيل لهذه المصالح الشرعية.
- نعم, يجب على الزوج تحمّل مسئولية السكن والنفقة دون الزوجة, لكن بالمعروف, وبحسب القدرة؛ لقوله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرٍ يسرا)، إلا أنه يجوز أن يحرص الزوج على اختيار الزوجة الموظفة لا سيما إذا كان محتاجاً شريطة أن تكون على دين وخلق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع )، وفيها قوله: (ولمالها)، ويجوز له أن يشترط عليها المساعدة المالية أثناء العقد في نفقة البيت لتعويض تقصيرها في خدمة الزوج, ومساعدته في إقامة الأسرة الآمنة والعيشة الكريمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم)، وفي الحديث: (إن أحق الشروط أن يوفّى بها ما استحللتم به الفروج) رواه البخاري، وثبت عن عمر رضي الله عنه قوله: (مقاطع الحقوق عند الشروط)، والمعنى: أن الشخص ينقطع حقه بما يلتزم به من شروط على نفسه بغير إكراه وإلزام.
- ولا يخفاك أن من أعظم مقاصد الشريعة في تشريع الزواج: حصول السكن النفسي والمودة والرحمة كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)؛ ولذلك ورد في النصوص اعتبار معايير (الدين والخلق)، لتحقيق مقاصد النكاح كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير) رواه الترمذي وحسّنه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه.
- وفي سبيل استقرار الحياة الزوجية, وبناء الأسرة المسلمة على السكن والرحمة والمودة, فقد جعل الله دفّة قيادة الأسرة بيد الزوج؛ منعاً من الاختلاف بينهما, فللزوج حق القوامة على زوجته بالمعروف قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله...).
- ضرورة الصبر على نشوز الزوجة, وتمردها عن الطاعة أحياناً؛ كون الخطأ طبيعة بشرية من الزوجين, مما يلزم معه الاهتمام بتوعيتها بالحقوق الشرعية للزوجين, وللزوج خاصة , والصبر والحلم, وفي الحديث: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة إن كره منها خلقاً, رضي منها خلقاً آخر) رواه مسلم, وقال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، ولا ينصح بالتأديب بمقتضى بعض الشدّة إلا عند الضرورة أو شدّة الحاجة لاختلاف ردود الأفعال مع التزام الرحمة واللطف والرفق.
- محاولة التخلص من أخطائك - إذا وجِدَتْ - بتوفير القدوة الحسنة منك؛ سداً لذريعة نشوزها, وقياماً بحقوقها الشرعية, فربما كان نشوز الزوجة لخطأ ظاهر منك, فكيف ببضعة أخطاء؟
- الدخول في حوار هادئ وهادف معها مراعياً الزمان والنفسية المناسبة بعيداً عن التشنج والانفعال, ويمكن الاستعانة بصدد إقناعها ببعض أقاربها ممن تتوفر فيهم صفات التأثير عليها والحكمة والأمانة والمروءة, لمعرفة أسباب ودوافع الخلاف والمشكلات طريقاً إلى حلّها بإذن الله.
- محاولة كسبها بالأخلاق الحسنة, والكرم المادي والنفسي والعاطفي, وفي الحديث: (تهادوا تحابوا), ومعلومٌ ما تملك المرأة من مشاعر فياضة رقيقة وحسّاسة, وسرعة في التراجع إذا أحسن معاملتها, مع عدم التخلي عن حق القوامة والحزم إذا لزم.
- إضفاء جو وروح المحبّة والمودّة في الأسرة بنشر ثقافة الابتسامة وروح الدعابة والخروج إلى المتنزهات واصطحابها إلى زيارة الأهل والأصدقاء, وممارسة رياضة المشي مثلاً ونحو ذلك؛ لما في ذلك من صرف الطاقة النفسية والسلبية ودفع الهموم والأحزان.
- تقوية الوازع الديني والإيماني والأخلاقي بالمحافظة على الصلاة والنوافل والصدقة والإكثار من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن والأعمال الصالحة؛ لما في ذلك من كسر دواعي النفس الأمارة بالسوء والهوى ووساوس شياطين الجن والإنس, ولما في الطاعات والأذكار من تنمية الإيمان والتقرّب إلى الرحمن وحصول الرضا والراحة والاطمئنان. (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، (ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه)، (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة).
- الحرص على توفير الصحبة الصالحة لها من الأهل والأقارب, لاسيما ممن يعرفن بالعلم النافع والأخلاق الحسنة، وإبعادها - ما أمكن - عن صديقات السوء, فـ (المرء على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل).
- اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء بأن يصلح زوجك, ويجمع شملكما على سكن ومودة ورحمة, وأن يرزقك التوفيق والسداد والصبر والهدى والرشاد (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين) يا سميع الدعاء.
والله الموفق.