زوجني كرهني بالحياة بسبب تسلطه وانتقاده!
2017-06-01 04:45:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
متزوجة منذ ثلاث سنوات، وأم لتوأمين -طفلتين-، في البداية خطبت لشاب متعلم ومتدين، وعشت معه أجمل الأيام، أيام مليئة بالحب والسعادة، وبعد خمسة أشهر تزوجنا، وفي الشهر الثاني من الزواج بدأ يتغير، وبدأت المعاناة، أصبح يضيق علي في ملابسي، مع العلم أنني محتشمة وأرتدي الجلباب، أصبح ينتقد الألوان والأشكال وما إلى ذلك، يريد أن أكون امرأة كل حياتها تدور حوله هو والمنزل، لا يريد أن أذهب إلى صديقاتي أو أخرج إلى أي مكان إلا برفقته، وأنا امرأة عاملة، ووصلت إلى أعلى المناصب قبل زواجنا، وتركت عملي من أجله؛ لأنه لا يريد أن أعمل في شركة مختلطة، وفعلت له ما يريد.
تطور الأمر وصار دائم الشك، ولا يعطيني الثقة، ويحرمني التنفس والحرية، زادت المشاكل بعد ذلك كثيرا، تطايرت تضحياتي وتنازلي عن حياتي وصديقاتي وعملي لرجل لا يستحق كل ذلك، تولدت لدي مشاعر الكره، وبعد كل مشكلة تحدث أكرهه أكثر.
يمنعني من الذهاب عند أهلي إن كان يزورهم أحد غريب، لا أعلم هل كان يحب أن يخفيني عن الناس أم ماذا؟ كثرت المواقف المحرجة التي يضعني فيها أمام الناس، صرت أخاف التصرف بأي تصرف لا يعجبه فتحدث مشكلة، علمت بأنه يتستر باسم الدين لينفذ مصالحه الشخصية، عما أن من يتكلم بالدين واجب عليه تطبيق الدين على نفسه قبل دعوة الناس. أكره أي نصيحة منه بأي شكل من الأشكال، صار كثير الانتقاد، ولا يعجبه أي شيء أفعله، وكأنه يريد دمية يحركها كما يشاء، وهنا كانت الكارثة، فبدأت في الرد عليه بالكلام، وأخبره بأنه لا يملك الحق بإلغاء شخصيتي، وأن يمحو وجودي.
اسودت الدنيا بوجهي، تغيرت كثيرا، تحولت من إنسانة مرحة إلى إنسانة كئيبة ولا أضحك، وانعكس الأمر على أطفالي وبيتي، أصبحت عصبية جدا، ولا أهتم بنظافة البيت كالماضي، سعينا للصلح لكن لا فائدة، فعند بداية أي مشكلة أسترجع كل اللحظات السيئة التي عشتها، وبعد كل هذه الضغوط والهموم، وضغط المنزل وأطفالي التوائم ومتطلباتهم، شعرت بأنني سأنفجر من المسؤوليات والهموم والنكد، أصبحت أدخن لإفراغ مشاعري، وهنا الطامة الكبرى حينما علم بأنني أدخن، فبدأ بإهانتي بالكلام والأفعال، وأن هذا حرام شرعا، ولكن ما آلمني أن ذلك لم يكن هدفه الرئيسي، ولكنه خائف من كلام الناس، كيف أن زوجته تدخن وهو متدين؟
زوجي رجل غير ملتزم، نعم هو يصوم ويصلي، ولكن تبين لي فيما بعد أن تصرفاته ليست تدينا، لكنها من باب الخوف من كلام الناس، أصبح تدخيني شغله الشاغل، وكل مشاكلنا بسببه، مع أنني أعلم أنه السبب لمشكلة وليس سببا في كل المشاكل، ولو تركت التدخين سيجد له أمرا آخر لينتقدني به.
مللت منه ومن حياته، بل كرهته، ذهب كل الحب والاحترام ولم يبق سوى التجريح والكلام السيئ، أصبحت متمردة جدا، لا ألقي له بالا، ولا أريده في حياتي كلها، طلبت الطلاق كثيرا لأننا فقدنا التفاهم نهائيا، وكأن كل واحد منا يعيش بكوكب مختلف، لا تعجبه أفكاري والعكس.
أصبحنا نتمنى الموت والأذى لبعضنا حتى يرتاح أحد الأطراف، وهنا كانت الوقفة، فقد جاء منذ يومين بعد مشكلة كبيرة حدثت بيننا، وأخبرني بأنه عازم على الطلاق، وسيستخير ويتوكل على الله ويطلقني، راودتني مشاعر كثيرة، وشعرت بأنني في مفترق الطريق، ولا أعلم ماذا أفعل؟ هل ننفصل وينتهي كل شيء وأكون مطلقة وتنهار أسرتي، أم تستمر الحياة دون تفاهم؟ لا أعلم ولكنني دائمة التفكير والبكاء، تعبت كثيرا.
أرشدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mysaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك حسن ظنك وثقتك والحرص على السؤال لإزالة الإشكال, وحكمتك في كراهيتك لأمر الطلاق، وما يترتب عليه من مفاسد أسرية عظيمة, وأسأل الله تعالى أن يفرّج همك، وييسر أمرك، ويرزقك الصبر وسعة الصبر، والتوفيق والسداد، ويلهمك الرشاد والصواب.
أنصحك بالتخلص من أخطائك ما أمكن, كتعاطي التدخين, والتقصير في نظافة البيت, والكلام السيئ؛ لما في تنزّهك عن الأخطاء من براءة لذمتك عند ربك, وإقامة للحجّة على زوجك, وإزالة للشبهة منه, ودعوة له في مراجعة نفسه وأخطائه, وإن كانت أخطاؤكِ كما ذكرتِ صادرة منك عن ردّة فعل لأخطاء زوجك -هداه الله-.
كما أنصحك بالدخول مع زوجك في حوار هادئ بعيداً عن التشنّج والعصبية, ويستحسن أن تستعيني بمن تثقين به من أهل النصح، والعلم، والحكمة، والأمانة، والمروءة، والتأثير عليه من الأهل والأقارب لغرض الصلح وتقارب وجهات النظر، وترك التجاوزات من الطرفين.
ويمكن بصدد الصلح الاستعانة بطرف من جهتك, وطرف من جهته من الأهل المعتبرين، لقوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكم من أهلها وحكم من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما}.
من الواضح من سؤالك أن زوجك على جانب لا بأس به في الدين والخلق والمروءة, وإن كان قد لا يخلو من تقصير منه في بعض الأمور, وهذا لا يخلو منه كثير من الناس أيضاً، إذ الكمال لله تعالى.
وأما منعه لك من بعض الملاحظات عنده, فهو وإن سلمنا أنه منه من باب الحياء من الناس لا من الله تعالى, فهو أمر وإن كان فيه قصور في الإخلاص, لكنه أمرٌ طيب لحديث: (الحياء من الإيمان)، فهو خير من عدم المبالاة لكلام الناس لمنافاة ذلك خلق المروءة والحياء.
كما يظهر أن زوجكِ يعاني مشكلة المبالغة في الشك والغيرة, وهو أمر مزعج ومقلق لحياتك الزوجية وكرامتك الإنسانية, كمنعه إياك من ترك زيارة الأهل إلا بشروط تحد من كمال حريتك الشرعية, فالواجب تكليف من يحاوره في هذه المشكلة والآفة علمياً ونفسياً، مع التنبيه على ضرورة موافقته في بعض ملاحظاته، مراعاةً لمصلحة الزواج، وحكم العُرف، المتبع كتحاشي الألوان الخلابة الجذابة للنظر في الثياب.
أما تركك العمل, فإن كان عن اتفاقٍ وشرطٍ منه عليك قبل الزواج فهو ملزم لكِ, وكذا لو كانت مفسدة الاختلاط بالرجال ظاهرة, وأما إن كان يمكنك الانتقال إلى عمل يخلو من هذه المفسدة ولم يكن قد اشترط عليك فلا يجوز له إلزامك بترك العمل إلا برضاك, كما قد تشكرين على ذلك مراعاةً لمصلحة العلاقة الزوجية.
من المهم تسامح الطرفين في بعض الأمور ما أمكن, وعدم المبالغة في تضخيم الأخطاء, حيث لا يخفاك أنّي أرى سهولة المشكلة إذا أمكنك التحمّل والتصبّر والتعايش معها, حيث تكثر في بيوت الناس مشكلات أكبر وقد أمكنهم تخطيها أصلاً مع عامل الزمن والحلم, أو التخفيف من آثارها, أو التعايش والتكيّف معها, وتذكّري ما تعانيه مجتمعاتنا من مفاهيم وأعراف, ومن شدة الضغوط والتوترات نتيجة الأزمات المختلفة.
أوصيك بالاستخارة لله تعالى, واللجوء إليه جل ثناؤه بخالص الدعاء متحريةً أوقات الإجابة، كالدعاء في السجود، وأدبار الصلوات المكتوبات، وقيام الليل عن خشوع قلب وحضور عقل وخضوع جوارح، {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}، كذلك الدعاء لنفسك ولزوجك بالصلاح والهداية وجمع الشمل على سكن ومودة ورحمة، لقوله: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماما}.
أسأل الله لكِ الصبر على البلاء، والشكر على النعماء، والرضا بالقدر والقضاء, وأن يجعلك من عباده الصالحين والأولياء, ويجمع شملكم على خير, ويرزقكم سعادة الدنيا والآخرة.