أنا مهتمة بتطوير نفسي ولكني أتحمس ثم أفتر.. ما الحل؟
2017-05-28 05:59:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا مهتمة جدا -ولله الحمد- بتطوير نفسي، وأضع أهدافا سنوية لنفسي، ولكني أتحمس يومين أو ثلاثة، وأترك ممارسة الأهداف، لا أعلم لماذا يأتيني الفتور، وعدم حب الإنجاز، علما أن كل من يراني يقول أنت منجزة، ولا أدري هل أنا كذلك أم لا؟
جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روابي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- من جميل نعم الله عليك حرصك على رفع مستوى ومنسوب الهمّة العالية لديك, فإن اعترافك بقصور همتك يستلزم إقرارك بقدرتك على تطويرها إلى الأحسن بإذن الله, فبارك الله فيك ووفقكِ وزادكِ علماً نافعاً وعملاً صالحاً وهمة عالية ونفساً طموحة ونفع بكِ أهلكِ ومجتمعك وأمتك بحوله وقوته.
- واعلمي أنه لا نجاح للإنسان إلا باجتماع القوتين: العلمية والعملية، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( وأصدق الأسماء حارث وهمام) ففيه التنبيه إلى العمل، وهو المشار إليه بحارث, وإلى النية، وهي المشار إليه بهمام، فاجتماعهما دليل الصدق كما في الحديث الصحيح.
وعليه فإن نجاحكِ متعلق بثقتك بنفسك وقوة عزمك، وحزمك وتصميمك وطموحك وإرادتك بعد الثقة بالله وتوفيقه: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلِ.
- لا شك أن مما يسهم في رفع الهمّة والقوة العملية لديك – ابنتي العزيزة – ما حباكِ الله من نعمة ثناء من حولك عليك والدراسة والحرص على طلب معالي الأمور.
- من المهم بصدد رفع منسوب الهمّة لديك إدراك أن تحصيل الدين والدنيا من الضروريات الشرعية والإنسانية التي لا بد منها، ولا غنى للفرد والمجتمع والأمة عنها, فهما أمران متلازمان لا يجوز توهم التعارض بينهما بحال أبداً؛ فقوة الدنيا لدى المسلم تعينه على قوة الدين والعكس, وهي من القوة المأمور بإعدادها في قوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم}.
- ولذلك كان من دعاء المؤمنين: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا, ودنيانا التي فيها معاشنا, وآخرتنا التي إليها معادنا, واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير, والموت راحة لنا من كل شر..)
وفي الحديث: (نعم المال الصالح للرجل الصالح)؛ ذلك لأن المال قوام الحياة بنص القرآن الكريم: {أموالكم التي جعل الله لكم قياما} أي بأموالكم تقوم أموركم, فيمكن بالمال بر الوالدين، وصلة الأرحام، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وعموم مصالح الخير إذا توفرت النية الصالحة.
كما أن الفقر آفة كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ منها في أذكار صباحه ومسائه، وقرنها بالكفر في قوله: (وأعوذ بك من الكفر والفقر...)
- كما أنه ولا شك أن طلب العلوم الشرعية والعصرية والإنسانية مطلوب، فاحرصي على إكمال دراستك الجامعية، بل والدراسات العليا, وأن تحققي النجاح بل والتميز والتفوق الدراسي, واجعلي نيتك صالحة في تحقيق مصالح نفسكِ وأهلكِ ومجتمعكِ وأمتكِ, وفي الحديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى)، فالزمي الجد والاجتهاد والمثابرة والمصابرة لله تعالى, ولا تستثقلي مشاق الدراسة والتحصيل, فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة, {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.
إذا ما كنت في أمرٍ مرومِ ** فلا تقنع بما دون النجوم
وما نيل المطالب بالتمني ** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قومٍ منالٌ ** إذا الإيمان كان لهم ركابا".
- ومما يسهم في رفع همتك وزيادة ثقتك بنفسك حسن الظن بالله والثقة بالنفس وتنمية الإيجابيات وتنمية القدرات وتحسين نقاط الضعف والتحلي بالشجاعة واكتساب مهارات جديدة.
- الدعاء الصادق والالتجاء إلى الرب سبحانه وتعالى: {وقل ربِّ زدني علما}, وكذا قراءة القرآن الكريم والسيرة النبوية وتراجم وسير العلماء والنبلاء لاسيما الصالحين منهم.
- لزوم الصحبة الطيبة ذوي الهمم العالية , فابحثي عن أصدقاء إيجابيين يدعمونك ويثنون على جهدك ويدفعونك إلى الأمام, وابتعدي عن الأصدقاء السلبيين ونظرتهم المحبطة للحياة، وشاركي بالحوارات وتبادل الآراء، والبعد عن كل ما من شأنه الهبوط بالهمّة وتضييعها مثل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وكثرة الزيارات للأقارب والأصحاب أو الإغراق بالجدل والخلافات إذا خلت عن الأهداف الشرعية والمصالح النافعة, وتحاشي كثرة الاستمتاع بالمباحات والملهيات.
- استحضار نعمة الوقت والفراغ والحرص على تنظيم الوقت وحسن إدارته, والحذر من آفة الكسل والفتور, ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن, وأعوذ بك من العجز والكسل, وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ) رواه البخاري, وترك التسويف.
ولا أؤخر شغل اليوم عن كسلٍ ** إلى غدٍ , إن يوم العاجزين غدُ.
- أسأل الله لكِ التوفيق والسداد، وأن يلهمكِ الهدى والخير والصواب ويهديكِ سبل الرشاد.