توقفت عن الذهاب إلى المسجد خوفا من نظرات الناس وتعليقهم علي!
2017-02-26 04:18:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
كنت أعاني من الرهاب الاجتماعي بسبب انطوائي وبقائي المستمر في المنزل، لكني استطعت مواجهة الناس في الجامعة، وصرت طبيعيا، إلا أنني أعاني من أفكار تتعلق بمواقف تمر بحياتي، فمثلا وقت المحاضرة لا أستطيع التفاعل مع الدكتور ولا الإجابة أمام الطلاب، وإذا تكلمت مع أحد أخشى عدم القدرة على الرد، ولا أستطيع الذهاب إلى الحمام وقت المحاضرة.
وخلال الخروج مع أصدقائي أكون رسميا، أخاف من أي تصرف، وأخاف من رد فعلهم، أفكر أني ربما أتعرض للإهانة والتجريح من قبل أحدهم، وأيضا أواجه هذه المشاكل في التجمعات الأسرية، وبسبب هذه الأفكار توقفت عن الذهاب إلى المسجد خوفا من نظرات الناس وتعليقهم علي، ورغم تفاهة هذه الأفكار إلا أني لا أستطيع السيطرة عليها.
سمعت عن دواء لوسترال، لكني أخاف من استخدامه دون استشارة طبيب، خاصة أني لا أعرف حالتي بالضبط، فما الدواء المناسب لحالتي؟ وما هي الطريقة الصحيحة لاستعماله؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي: قبل أن أتحدث عن أي دواءٍ أودُّ أن أوضح لك أنك تعاني من درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي، لكن المشكلة الأساسية أنك دعّمتَ هذا الرهاب أو هذا الخوف وكافأته من خلال الاستسلام له، مثلاً: كيف تنقطع عن الذهاب إلى المسجد؟ هذا أمرٌ جلل، هذا أمرٌ ليس بالسهل - أيها الفاضل الكريم - ومهما كانت الأفكار وعدم الشعور بالطمأنينة فيجب أن تُقيِّم الأمور بمنطقٍ آخر، حيث إن المسجد هو مكان الأمان، في المسجد الصلاة، في المسجد اللقاء بأفضل الناس، في المسجد الملائكة، في المسجد ذكر الله والجميع يذكرون الله تعالى، وذكر الله يُطمئن القلوب، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، المسجد تنزل به السكينة.
فيا أيها الفاضل الكريم: هذا تهاون، والتهاون يؤدي إلى مكافأة الخوف ويُدعّمه ويقوّيه، يقول أحد علماء السلوك: أن الإنسان يمكن أن يتدهور وينحدر حتى يغلق على نفسه في غرفة واحدة في منزله، بمعنى أنه يكون له خوف اجتماعي، ينقطع من الاجتماعات، من التواصل الاجتماعي، يجلس في بيته، وفي البيت نفسه يكون في غرفة واحدة، لأنه لا يطمئن حين يكون في أجزاء البيت الأخرى.
فيا أخي الكريم: هذا الرهاب يُعالج بالتحقير، وعدم الاستسلام للفكرة، وأنا أؤكد لك أن كل الأفكار والتأويلات التي تأتيك حول ما يدور في خُلد الناس وأفكارهم نحوك، هذا ليس بصحيح، لا أحد يُراقبك، لا أحد يستهزئ بك، لا أحد يستصغرك، لا أحد يُقلل من قيمتك أبدًا.
وحتى إن أتتك مشاعر أنك سوف تفقد السيطرة على الموقف أمام الآخرين ليس صحيحًا، كثير من الأخوة أيضًا يأتيهم أفكار أنهم يرتجفون ويرتعشون ويتعرقون، وأنهم سوف يسقطون أمام الآخرين، هذا كله تفكير خاطئ.
إذًا يجب أن نتفق أن هذا نوع من الرهاب الاجتماعي البسيط، يُعالج من خلال تحقير الفكرة، والاستمرار على المواجهات، نعم في بداية المواجهة سوف تحس بشيء من القلق، و-إن شاء الله تعالى- دور الدواء سوف يُخفف من هذا القلق، لكن العلاج الأساسي والجوهري هو تحقير الخوف والمواجهات، مواجهات بكثافة: الصلوات الخمس في المسجد، الذهاب إلى المناسبات، للأفراح، للأعراس، تلبية الدعوات، زيارة المرضى، ويا حبذا أيضًا لو مارست رياضة، أي نوع من الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، الجلوس دائمًا في الصفوف الأولى، أن تكون شخصًا فاعلاً في أسرتك، أن تبني نسيجًا اجتماعيًا، هذا هو العلاج، و-إن شاء الله تعالى- أنت قادر عليه، وتُوفَّق في ذلك -بإن الله تعالى-.
بالنسبة للدواء: نعم الآن أكلمك عنه، الدواء جيد، الدواء يُساعدك كثيرًا لتخطّي عقدة الخوف والرهبة، ولتُطبِّق ما ذكرته لك سلوكيًا، لأن العلاج السلوكي هو الذي يمنع الانتكاسات وليس الدواء.
اللسترال دواء رائع، دواء بسيط، دواء سليم، ويسمى علميًا (سيرترالين)، جرعته هي أن تبدأ بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - ليلاً، تتناولها لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين ليلاً - أي مائة مليجرام - لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناوله.
الدواء دواء سليم، ويُعالج حالة الرهاب الاجتماعي التي تعاني منها، وأريدك أيضًا أن تُدعم اللسترال بدواء آخر بسيط يُسمى (إندرال) واسمه العلمي (بروبرالانول)، الجرعة المطلوبة هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.