أريد أن يغفر ربي ذنبي ويرتاح ضميري!
2017-02-07 02:38:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري لا يتجاوز العشرين، مررت بظروف عائلية صعبة جعلت مني إنسانة غير مثقفة ولا متعلمة إلا لمرحلة دراسية بسيطة، والحمد لله كملني الله بالعقل والنسب، وكرمني بالدين، لكن أنا لم أقدس ديني، أشعر بالذنب الشديد، وأشعر بتأنيب الضمير، فلست محافظة على الصلاة في أوقاتها، ولكنني أقرأ القرآن وأستغفر، ولست متفقهة في الدين، ولا أعلم كيف أتثقف، رغم كثرة مواقع النت، لكنني أتوه! ولم أعد أصدق من كثرة ما أشعر بالارتباك بين تضارب الآراء والفتاوى!
هذه المرة الثانية لدخولي هذا الموقع، والذي شدني للدخول هو ذنب اقترفتهُ، ولا أعلم سيغفر لي ربي أم لا! أنا كنت أمارس العادة السرية، وأرى أفلاما إباحية، قررت التوبة وكنت أتوب، ولكن النفس البشرية الضعيفة وقلة الإيمان جعلتني أعود للذنب مرة وثانية وثالثة، بالرغم من أنني كل مرة أنوي التوبة، وأشعر بالراحة، إلا أنني أعود -أسأل الله أن يغفر لي ذنبي- وهذا يجعلني أشعر بالإحباط، وأشعر أن الحياة لم تعد صالحة لي، ولن أوفق في حياتي، وأنا إنسانة فاشلة منافقة أمام الناس، ومن الداخل أشعر بالذنب.
أريد أن أكف عن هذا كله، وهل سيغفر الله ذنبي وسيوفقني في حياتي؟ هل سيتم الله فرحتي بخطيبي، ويجعله زوجا صالحا لي أم أنني سأعيش شقية؟
رجاءً ساعدوني؛ الموضوع يشغل فكري ويرهقني، ويجعلني إنسانة محبطة يائسة من الحياة.
شكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أميرةجميلة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- في الشبكة الإسلامية وردا على استشارتك أقول:
من طبيعة النفس البشرية الوقوع في الذنوب والمعاصي، وليس هنالك معصوم من الوقوع فيها ألا أنبياء الله ورسله.
لو لم يذنب الناس لذهب الله بهم ولجاء بآخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام.
من أسماء الله تعالى التواب والغفور، ومن آثار هذه الأسماء على عباد الله أنه يتوب على التائبين ويغفر للمستغفرين.
ربنا الرحيم يتودد إلى عباده ويطلب منهم أن يتوبوا إليه ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: (يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم) وفي الحديث الآخر: (يا ابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض -ملؤها- خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا للقيتك بقرابها مغفرة).
من رحمة الله تعالى أنه لم يقنط أحدا من التوبة، ولم يجعل واسطة بينه وبين خلقه، بل أبقى أبواب التوبة مفتوحة، ويقبل توبة عبده ما لم تبلغ روحه حلقه، وما لم تطلع الشمس من مغربها، يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل) ويقول: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر وما لم تطلع الشمس من مغربها).
إخفاء الذنب ليس نفاقا وإنما من باب التستر بستر الله كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (من اقترف من هذه الذنوب شيئا فليستتر بستر الله) ولأن المجاهر لا يعافى كما جاء في الحديث (كل أمتي معافى إلا المجاهرين).
لا ينبغي للمؤمن أن يقنط من رحمة الله مهما كانت ذنوبه ومهما عاد إلى تلك الذنوب فلقد غفر الله للكفار الذين كانوا يعبدون الأصنام ويزنون ويشربون الخمر ويقتلون النفس ويقطعون الطريق (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
ما وقعت فيه من ذنب إنما هو نتاج طبيعي للنفس البشرية الضعيفة فينبغي عليك أن تتوبي إلى الله توبة نصوحا، والتي من شروطها الإقلاع عن الذنب والندم عما فعلت، والعزم على ألا تعودي مرة أخرى فإن ضعفت نفسك فعدت مرة أخرى فأحدثي توبة جدية.
إن صحت توبتك فلن تحاسبي ولن تعاقبي عما اقترفت؛ لأن التوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
حافظي على أداء الصلاة ووثقي صلتك بالله تعالى واجتهدي في تقوية إيمانك؛ فإن قوة الإيمان تورث مراقبة الله تعالى وتحجز العبد عن الوقوع في المعاصي.
أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، وحافظي على أذكار اليوم والليلة فذلك سيجلب لقلبك الراحة والطمأنينة كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
أكثري من الأعمال الصالحة فذلك من أسباب تقوية الإيمان وجالب للحياة السعيدة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه أن يتقبل توبتك وأن يرزقك الاستقامة والثبات، وأكثري من الدعاء (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك) وسلي الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك.
أشغلي أوقاتك بكل عمل مفيد، واجتنبي الوحدة؛ فإنها تدعو للوقوع في مثل تلك الذنوب واجتنبي الطعمة المهيجة للشهوة، وأقلي من شرب المنبهات.
عليك بالصوم فإنه علاج نبوي للحد من الشهوة، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليك بالتوبة والاستقامة، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك، والله الموفق.