الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
سأتناول استشارتك من منظورين: من منظور طبي ومن منظورٍ ديني إن شاء الله تعالى.
أما من منظور طبي فبالنسبة لتعاطي الماريجوانا والخمر، فمن أهم الأسس التي ننصح الذين يريدون الإقلاع بعد التوقف هي:
إجراء تحوطات كثيرة لعدم الرجوع، ومن أهم هذه التحوطات التي عادةً نطلبها من كل الذين توقفوا هي:
تجنب الأماكن التي كانوا يتعاطون فيها، وتجنب الأشخاص الذين كانوا يتعاطون معهم، وتجنب الأدوات التي بها يتعاطون، ومحاولة شغل أنفسهم في الأوقات التي كانوا يتعاطون فيها، لأن هذه الأمور الأربعة هي التي تقود إلى الانتكاسة، أي أنهم يرجعون ويتعاطون مرة أخرى، وهذا ما حصل معك يا أخي الكريم.
طالما توقفتَ فيجب عليك أن تقطع صلتك بكل الذين كنت تتعاطى معهم؛ لأن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، ومهما قالوا لك أو سولتْ نفسك بأنك يمكن أن تجلس معهم ولا تتعاطى فهذا غير وارد، أخبرهم بأنك توقفتَ بملء فمك وأنك لن تجلس معهم، ويجب عليك أن تلتزم بهذا التزامًا تامًّا، وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه في المقام الأول، أي أنك جلست مع أُناس يتعاطون، ومن طبيعة مشكلة الإدمان – أو حتى تعاطي هذه المواد – هو أن الإنسان قد ينتكس بعد أن يتوقف من التعاطي مرة أخرى.
لكن هذا ليس نهاية المطاف، فينتكس ويتوقف عن التعاطي، ثم ينتكس ويتوقف، حتى يتوقف نهائيًا بإذن الله.
وهذا ينقلنا إلى المحور الثاني وهو المنظور الديني، ويتمثل في التوبة، وألا يقنط الإنسان من رحمة الله، ولا ييأس من روح الله، قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، {إن الله يُحب التوابين ويُحب المتطهرين}.
أنا لستُ بعالم دين، ولكن من قراءاتي ومجالستي للمشايخ علمتُ أنه حتى الذي يتوب ثم يرتكب الذنب ثم يتوب ثم يتركب الذنب ثم يتوب، فإن الله تعالى بإذنه تعالى سيقبل توبته، كما ثبت في الحديث: (أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربي اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربي اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء)[متفق عليه]، فمن طبيعة البشر، يتوب ثم يُخطئ ثم يتوب ثم يُخطئ، وهم خير التوابين، كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (كل بني آدم خطَّاء) يعني كثير الخطأ وكثير الوقوع في الذنوب، لكن (وخير الخطّائين التوابون).
وذكر هذا الحديث ليس معناه التمادي في الذنب، ولكن معناه يدل على عظمة الله تعالى وسعة رحمته وأنه يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر، وأنه ما دام العبد صادق النية في توبته فإن الله يغفر له، وما دام هذا حال العبد دائمًا - رجَّاع وتوّاب ومنيب - فإن الله تعالى يقبل توبته.
المهم هو عدم الإصرار على الذنب، والمهم أيضًا في التوبة شروطها الثلاثة: الإقلاع، والندم، والعزم على عدم العود إلى الذنب، وهذا واضح أنك لم تُصِرّ على الذنب، بل ندمتَ ندمًا كثيرًا.
فهوّن على نفسك – يا أخي الكريم – المهم هو الإقلاع، والتحوّط من عدم الرجوع إلى هذه الأشياء، أي العزم الأكيد على عدم الرجوع.
وللفائدة راجع وسائل الثبات على التوبة: (
249423-
246818 -
228333 -
293842 -
2131236).
وفقك الله وسدد خطاك.