شخصيتي متقلبة وأجد صعوبة في التأقلم على رتم حياة معينة!
2017-01-17 01:00:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا شاب متعلم ومعلّم، أمر بحالة ضياع، عندي مشكلة مع الواقع والتواصل الاجتماعي، لم أفهم نفسي جيدا.
أنا إذا تعاملت مع أحد أو تكلمت مع أحد أتكلم بصدق حاد، وأقول له وجهة نظري في جميع الأمور بصدق وأحكي له عن حياتي أين ذهبت؟ وماذا فعلت في أيامي وأمور عادية؟ ولكن يؤلمني ردة فعل من أتكلم معهم، كأني أريدهم أن يحسوا نفس إحساسي! وعندما يتكلمون معي عن أمورهم لا أتفاعل معهم وأعاملهم بالمثل ببرود وأتمتم في نفسي لن أتفاعل وسأفعل مثل ما تفعلون معي!
وفي بعض المرات أجد من يتفاعل معي وأريد أن أبادله الكلام، ولكن أقع في مشكلة أني لا أجد أي عبارة أرد بها على هذا الشخص ..
مشكلتي الآن بأني إذا جئت إلى مكان عام أو المدرسة أجد صعوبة في الكلام مع الناس، ومن أين أبدأ الحوار وأكره أن أحضر إلى مكان يكون الذين فيه صامتون فهذا يحفزني بأنه لا بد أن أتكلم وأتوتر ويصيبني القلق.
أنا أمر بحالة اهتزاز في الشخصية حتى أسأل نفسي من أنا!
شخصيتي متقلبة، أجد صعوبة في التأقلم على رسم حياة معينة، في الوقت الحالي أصبحت عصبي، ولا أريد أحدا أن يقترب مني! قطعت أصحابي؛ لأن اجتماعاتهم لا تلبي رغباتي النفسية، وهم أناس يكثرون من الغيبة والنميمة ويقللون من احترام الشخص فابتعدت عنهم ..
أجد نفسي في الأمور الكتابية أتكلم بطلاقة، لكن في الحياة العادية أعاني من تجميع أفكاري والتحدث بشكل عادي؛ لأني لا أجد كلمات، ماذا أفعل في نفسي؟
أستغفر الله العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا كتابيا، ومعذرة على التأخير بسبب كثرة الالتزامات.
إن الصورة التي وصفتها، وبشكل جيد، هي في الحقيقة صورة شكل من أشكال الرهاب الاجتماعي، والتي تفسر الكثير من الأعراض التي وردت في السؤال، رهاب اجتماعي وليس اهتزازا أو اضطرابا في الشخصية، وأنت إنما شعرت بهذا "الاعتزاز" بسبب التأثير الاجتماعي لهذا الرهاب الاجتماعي.
إن دقة التشخيص، وفهم الأمر علي حقيقته لأمر هام جدا في العلاج والحلّ.
ويعتبر الرهاب الاجتماعي من أكثر أنواع الرهاب انتشارا بين الشباب، وهو حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات، وكما ورد في سؤالك، وقد يشعر الشخص باحمرار الوجه وتسارع ضربات القلب في مثل هذه المواقف، بينما نجد هذا الشخص نفسه يتكلم بشكل طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط، أو يتحدث مع أحد أفراد أسرته على انفراد.
وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية كالتعرق والإحساس ويشعر وكأنه سيغمى عليه، أو أن الناس ينظرون إليه، وقد يحاول الشخص الإسراع للخروج من المكان الذي هو فيه من أجل أن يتنفس؛ لأنه قد يشعر بضيق التنفس وكأنه سيختنق، ومجموعة هذه الأعراض قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع، وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.
والمشكلة الأساسية في الرهاب الاجتماعي أن مثل هذه الأعراض والانزعاج يجعل الشخص يتجنب أو يكره اللقاء بالناس، وبالتالي لا يعود يحضر مجالسهم، ظنا منه أن هذا سيخفف من شدة الرهاب، بينما الذي يحدث هو العكس تماما.
وفي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصة عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه، فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنه حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.
وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، كذلك أن تحاول أن لا تتجنب الأماكن الخاصة التي تشعر فيها بهذا الارتباك كالحديث مع المعلمين؛ لأن هذا التجنب قد يزيد الأعراض ولا ينقصها، بل على العكس، والنصيحة الأفضل أن تقتحم مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويدا رويدا ستلاحظ أنك بدأت بالتأقلم والتكيّف مع هذه الظروف الاجتماعية.
وإذا استمرت الحالة أكثر ولم تستطع السيطرة عليها، فيمكنك مراجعة الطبيب النفسي الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره، يمكن أن يصف لك أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي.
وإن كنت أشعر بأنك ستقوم بتجاوز هذا من نفسك، وخاصة إذا تفهمت طبيعة هذا الرهاب، وتوقفت عن تجنب الاجتماع بالناس الآخرين.
وفقك الله، ويسّر لك أمرك.