ما موقف المسلم الغيور من انتشار الفساد في الأرض؟
2016-08-11 03:50:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم أيها السادة الكرام على هذا الموقع الرائع، بارك الله فيكم على توجيه الناس لما فيه نفع لهم وللأمة أجمع.
سؤالي ليس بسؤال ولا بفتوى، لكنني بحاجة إلى بعض الإجابات، فكما نعلم فنحن لسنا ولن نكون مثاليين، بحيث لا نخطئ أبدا، وأنا كما الكل إنسان يذنب ويحاول دائما الرجوع إلى الجادة المستقيمة.
فيا ليتني أقوى على نفسي كلما سولت لي نفسي أن أفعل ما يقبح من الحرام، وأنا أفعل ما بوسعي لإصلاح لنفسي، والحمد لله الذي سترني أكثر من مرة، لكن سؤالي ليس يدور حولي، فالحمد لله الحلال بين، والحرام بين، وإن كنا نحوم حول الحمى، لكنني ولعله لحكمة أرادها الله فأنا أعرف الكثير عن الناس، فهم ومن باب الثقة يجهرون بما يسرون من المعاصي لي، ما جعلني أعلم أبواب الشيطان، وسبله للإيقاع بنا في غيابات الضلال.
ولعلها لحكمة بالغة أرادني الله أن أكون ممن يرون الكثير من الأمور الجيدة والسيئة، وما يحزنني إلا كثرة الخبيث منها في قلوب البشر، وما يحزنني إلا أنني أعلم عن الكثير من الناس ما يسوؤني، ويجعلني على باب البكاء،
فلا ستر من معاص، ولا حرمة ولا احترام، ولا ثقافة، فالكثير من الجهل يغزو بلادنا، ذبحت الغيرة على أعراض النساء.
أصبحنا نرى ما لا ينبغي لنا أن نرى من عورات، ومن ذنوب كثيرة، يفعلها أصحابها غير مبالين، فذلك أب يفرح لتزين ابنته أمام الرجال، وتلك فتاة تبيع عرضها لكل الناس، وذلك شاب يفعل ما يفعل فيصبح وقد ستره الله ليقول بكل فخر فعلت كذا وكذا، وتلك أمة تستحل ما حرم الله جهارا نهارا، والله إنه ليحزنني أنني أتفرج على هكذا سوء.
والله إنه ليحزنني أني لا أستطيع أن أغير هذا الواقع، كما أغير من صفحة إلى أخرى على موقعكم، لا أدري لم كل هذا السوء المتفشي؟ لا أعلم لم كل هذه الذنوب؟ أتعبتني والله، فأتمنى أن توجهوني كيف لي مع ما أعلمه من علم أن أغير من نفسي، ومن نفوس غيري رغم صلابة القلوب؟ رغم تعلق الأنفس بالحرام، وابتعادها عن الحلال؛ لعلي أنا من كثرة سوء نفسي لم أعد أرى إلا السوء.
أخيرا ادعوا لي بالهداية والمغفرة، ادعوا لي أن أكون ممن يصلحون أمة الإسلام، وتقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Yusef حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن انتشار الفساد في الأرض سببه هُمُ الناس، قال سبحانه: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا) فالأرض كانت صالحة بالتوحيد والطاعة، فأفسدها الناس بالشرك والمعاصي، قال سبحانه: (فلا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها).
من أجل إزالة الفساد في الأرض بعث الله الرسل، وأنزل الكتب، وأقام الشريعة، وشرع الحدود، وحث الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل بما يستطيع، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
وحينما قصر الناس في هذه الشعيرة العظيمة انتشر الفساد وقل الصلاح، ولا شك أن هناك أسبابا كثيرة لانتشار الفساد بين الناس منها:
- جهود أعداء الإسلام، وبرامجهم الموجهة لإفساد المسلمين.
- تقصير الصالحين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- تجهيل المجتمعات الإسلامية بأحكام الشريعة، والاستقامة عليها.
- تشويه صورة المصلحين والمتدينين في وسائل الإعلام، والتنفير منهم، وإلصاق الأوصاف المنفرة بهم، حتى لا يتأثر بهم الناس.
وغيرها من الأسباب، وهذه الأسباب يجب أن تعالج بجهود مشتركة من الدول الإسلامية، والمجتمعات المسلمة، والأفراد.
فعليك أخي العزيز أن تعتني بنفسك، وتحافظ على صلاحها، واستقامتها في ظل هذا الفساد المنتشر، من خلال الرفقة الصالحة، والاعتناء بالعبادات، وكثرة النوافل، وتدبر القرآن، والدعاء، وغيرها من أسباب تثبيتك على الحق، وعليك أيضا أن تساهم في دعوة الآخرين، ونصحهم حسب استطاعتك وقدرتك، وتدعو لهم، وتحسن إليهم؛ لعل الله أن يهديهم على يديك.
كما عليك أن تتفاءل خيرا بمستقبل أفضل للإسلام والمسلمين، ولا تسمح لليأس والقنوط أن يتسلل إلى نفسك، فما زال في الأمة خير مهما حاول المبطلون القضاء عليها.
وعليك بنصح من ستره الله أن لا يفضح نفسه، وذكره بحديث (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)، وشجع من وجدت فيه خيرا على الاستمرار على الطاعة، ومن وجدت منه منكرا على التوبة، وافتح لهم آمال قبولها، وفرح الله به، وتكفير ما مضى من ذنوبهم إن صدقوا في التوبة، والرجوع إلى الله، وحاول أن تكون مفتاح خير للناس، مغلاقا للشر.
وفقك الله لما يحب ويرضى، وأصلح حالك، وغفر ذنبك، وأتم لك الهداية، واحتسب الأجر عند الله.
والله الموفق.