فرّطت في حق الله وحق الوالدين وصاحب المكان الذي عملت فيه، فكيف أتوب؟!

2016-01-06 02:55:57 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا عمري 15 سنة، وأمارس العادة السرية، وأفوت صلواتي كلها، وعاصٍ لربي، وشبه عاق لأبي وأمي، لكني محبوب من أصدقائي والناس عامة.

كنت أعمل في محل للحلويات، وفي بعض الأحيان عندما يذهب صاحب المحل للصلاة آكل من المحل بدون علمه، وعندي منه مصروف يومي حسب عملي، وأحيانًا أشتري بهذا المصروف من المحل نفسه وهو يدري، ولكني آخذ مصروفي الأصلي بدون علمه؛ خوفًا من أبي وأمي؛ أي كنت أسرق منه.

أنا الآن أريد التوبة من كل شيء، ولا أعرف كيف أبدأ، وكيف أقضي صلواتي؟ وكيف أقضي كل هذه السرقة التي حصلت بدون أن أصارحه؟ فأنا لا أعرف كم سرقت، ولا أعرف كم صلاة فوتُّها.

أرجوكم أن تساعدوني، ماذا أفعل لأخرج من مصيبتي هذه؟!

شكرًا لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نحن سعداء بتواصلك معنا، وفرحون جدًّا بما ألهمك الله –تعالى- من حُب التوبة والرغبة في الإقلاع عن هذه الذنوب التي كنت تُمارسها، ونسأل الله –تعالى- أن يأخذ بيدك لتُكمِل هذه التوبة وتَثبُت عليها.

فعلاً أنت كنت في مصيبة، فإن مصيبة الدِّين أعظم من كل مصائب الدنيا، فالدنيا يمكن للإنسان أن يستدرك إصلاحها إذا فسد منها شيء، أما الدِّين إذا مات الإنسان -والعياذ بالله- على فساده، فإنه متعرِّضٌ لسخط الله، مستوجبٌ لأليم عقابه، والعاقل حين يُقارن بين الأمرين يُدرك عِظَمِ المصائب التي يُصاب بها في دينه إذا أُصيب بشيءٍ منها.

ولهذا نحن ننصحك -أيها الحبيبُ- أن تُبادر بالتوبة، وألاَّ تُؤخرها، وسؤالك عن كيفية التوبة والتخلص من هذه الذنوب يدلُّ على رجاحة في عقلك، ولكننا نتمنى أن تأخذ الجواب مأخذ الجد وتبدأ بتنفيذه من غير تسويفٍ أو إهمالٍ.

التوبة -أيها الحبيبُ- تعني: أن تندم على ذنوبك السابقة، هذا أولاً، والندم إنما يبعث عليه معرفة الإنسان بعواقب هذه الذنوب وما ينتظره من عقاب الله –تعالى-، فإذا أدرك ذلك نَدِمَ وتألَّم قلبه.

والركن الثاني في التوبة: الإقلاع عن الذنوب فورًا، وعدم الاستمرار فيها.

والركن الثالث: العزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، فإذا كان الذنب فيه حقٌّ لآدميٍ، فمن أركان التوبة التحلل من هذا الحق أو ردّه.

وإذا عرفتَ هذا، فأنت مُطالب أولاً بالأركان الثلاثة الأولى، ويأتي بعد ذلك العمل بالركن الرابع، وهو ردّ الحقوق، فحق هذا الإنسان الذي كنت تعمل معه؛ أنت مطالبٌ بردِّه، وتتحرَّى في حسابه ومعرفة قدره، والواجب عليك أن تردّه إليه ولو لم تُخبره بأنك كنت تسرقه من ماله، فاسترْ على نفسك، ولا تُكلِّم أحدًا بما جرى منك من ذنوبٍ ومعاصٍ، واجتهد في ردِّ هذا المال إلى صاحبه، فإن لم تقدر على ذلك، فتحلّل منه، أي اطلب منه المسامحة، وأن يضع عنك ما له عليك من حقوق.

وعليك أيضًا أن تتسامح من والديك، فإن لهما عليك حقًّا عظيمًا، فحقهما بعد حق الله –تعالى-، فالواجب عليك أن تطلب منهما العفو المسامحة، وهذا أمرٌ سهلٌ يسير -بإذنِ الله-، فإنهما يفرحان بتوبتك ويُسرَّانِ بها.

وأما حقوق ربك من الصلوات التي تركتها، فجمهور العلماء يرون أن الواجب قضاؤها، وعلى قولهم: يجب عليك أن تقضي جميع الصلوات التي تركتها، وطريق ذلك: أن تتحرَّى في معرفة قدرها، فإذا شككت هل المتروك مثلاً مائة أو مائة وعشر صلوات، فالواجب أن تقضي مائة وعشر صلوات، وهكذا، تقضي كل يومٍ ما تقدر عليه، ورخَّص بعض الفقهاء بأن جوَّز للإنسان أن يقضيَ صلاة يومين في اليوم الواحد، يعني ففي اليوم الواحد يُصلِّي صلاة ذلك اليوم وصلاة يومين معه، هذا إذا كان منشغلاً بعملٍ يحتاجه من أجل أن ينفقه على نفسه أو على من تلزمه نفقته كالوالدين.

ومن العلماء من يرى بأن الصلوات الماضية التي تركها الإنسان عمدًا، يرى أنه لا يلزمه قضاؤها، ولكن يُكثر من نوافل الصلوات، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وعلماء كثيرون وافقوه على ذلك، فلو عملت بقولهم تقليدًا لهم، فلا حرج عليك، ولكن القول الأول أحوط وأبرأ لذمتك.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يوفقك للبرِّ والتقوى، وأن يعصمك من شر نفسك ومن شر الشيطان، وخير ما نوصيك به: البحث عن الرُّفقة الصالحة من الشباب الطيبين، وتُكثر من مجالستهم، فهم عونٌ لك على الثبات على توبتك.

www.islamweb.net