رغم التزامي بالعبادات والاستغفار لم تتحقق آمالي، فما المشكلة؟
2015-12-14 02:52:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة مواظبة على الصلاة والسنن، والذكر وقراءة القرآن، والتصدق، وشكر الله على كل نعمه، ورغم ذلك لا أشعر بالفرح، ولا أحصل على ما أريد، ولم أحقق شيئا مما أتمنى، وإن تحقق يكون متأخرا بحيث لا أشعر معه بالفرح.
علما أن من بعمري تحققت أمانيهم، وهم سعداء، رغم معاصيهم وذنوبهم، وأنا حياتي متوقفة، رغم أنني أدعو ربي وأستغفره، ولا أفعل ما يغضبه، فهل الاستغفار والتسبيح يغني عن أذكار الصباح والمساء؟ لأنني أشعر بالذنب بتركها، وأتوقع حدوث شيء سيء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأما بخصوص ما تفضلت به، فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: الاستغفار -أختنا- أمر طيب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر منه، فقد روى البخاري عن أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"، وفي صحيح مسلم عن الأغر المزني - وكانت له صحبة - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة "، وعليه فالاستغفار أمر مهم ونافع، وقد قيل إن رجلا دخل على الإمام الحسن البصري، فقال: يا إمام إنّ السّماء لا تمطر، فقال: استغفر الله، ثمّ دخل رجل آخر، فقال: إن زوجتي لا تنجب، فقال: استغفر الله، ثمّ دخل رجل ثالث فقال: إني أشكو الفقر، فقال: استغفر الله، قال أحد الجالسين:عجبنا لك يا إمام أكلما دخل عليك رجل يسألك حاجة، تقول له: استغفر الله! فقال له: ألم تقرأ قوله تعالى:" فقلت استغفروا ربّكم إنّه كان غفّارا* يُرسل السّماء عليكم مدرارا* ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهارا".
ثانيا: الاستغفار على فضله لا يغني -أختنا- عن أذكار الصباح والمساء، فلكل ذكر فوائده.
ثالثا: الهم والغم الذي أصابك -أختنا- هو أيضا من الابتلاء، لكننا ننبه أن هذا البلاء لا يخلو أحد منه، فالدنيا دار كدر وابتلاء، وقد قال الله تعالى : " ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"، لا بد من البلاء والفتن حتى يصبر أهل الحق فيرفعهم الله إلى أعلى درجات الجنة، فالحياة إذا مجبولة على الكدر والابتلاء، وأي زعم بأن إنسانا خاليا من المشاكل هو قول نظري لا صلة له بالواقع، بل ومخالف للسنن الكونية:
جبلت على كدر وأنت تريدها ،،، صفواً من الأقدار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها ،،، متطلبٌ في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنية يقظة ،،، والمرء بينهما خيال سار
وإذا رجوت المستحيل فإنما ،،، تبني الرجاء على شفير هار
فليس ثمة أحد في الحياة ناج من ذلك، لكن البلاء يتنوع من حال إلى حال، فمن الناس من يبتلى بالمرض، ومنهم من يبتلى بالفقر، ومنهم من يبتلى بالهم والغم، ومنهم من ببتلي بالتضييق عليه، المهم أن كل فرد وهو يأخذ قدره من البلاء يعتقد أن بلاءه أكبر وأشد وأشق وأعظم بلاء، لكنه إذا رأى بعين الحقيقة عظم ما يقع فيه الناس، لهان عليه مصابه.
رابعا: لا تتمني أمرا لم تدركيه، ولا تحزني على ما أصابك، ولا تنظري إلى تمتع أهل المعاصي، فالله يمهلهم -أختنا- وعاقبتهم وخيمة، كما لا تنظري إلى الحياة على أنها سواد مطلق، هناك أمور جيدة، ومنها حبك للاستغفار وطاعة الله، وخوفك من معصيته، وهذا أمر عظيم -أختنا-، فإن ضاعت الدنيا كلها وربحت الآخرة ما خسرت شيئا ، وإن ربحت الدنيا وما فيها ومن فيها، وخسرت الآخرة فما ربحت -أختنا- شيئا.
وأخيرا -أختنا- ثقي أن الله سيخلف عليك، وأن الله سيدخر لك الخير، أقبلي على الله وأكثري من الدعاء له، واعلمي أن الدعاء مستجاب على كل أحواله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: { ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر؟ قال الله أكثر}، فأكثري من الدعاء -أختنا-.
نسأل الله أن يخفف عنك، وأن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يحقق لك من الخير فوق ما أردت لنفسك، والله المستعان.