ما هي اختبارات الدنيا واختبارات الآخرة؟
2015-12-10 00:45:21 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ما هي اختبارات الدنيا واختبارات الآخرة مع ضرب الأمثلة للتوضيح؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلنا وإياك من صالح المؤمنين، وأن يعيننا جميعًا على ذكره وشُكره وحسن عبادته.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فإن الله تبارك وتعالى أخبرنا أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، ومعنى ابتلاءات الدنيا أي المشاكل التي يتعرض لها الإنسان في حياته، فقد يُصاب الإنسان في بدنه بالمرض، وقد يُصاب في نفسه بالكآبة والحزن والتوتر، وقد يُصاب في ماله بفقدان ماله أو خسارته كله أو بعضه، وقد يُصاب في عزيز لديه بفقد والد من والديه أو فقدهما معًا، أو فقد زوجٍ، أو فقد ابنٍ أو أخٍ أو أختٍ أو عمٍّ أو خالٍ أو صديقٍ، وقد يُصاب الإنسان في دينه -والعياذ بالله تعالى- بأن يترك الطاعة والالتزام، بل وقد يخرج من الإسلام بالكلية -عياذًا بالله تعالى-.
هذه هي أنواع الابتلاءات التي عادةً تجري على الناس، وهناك ابتلاء آخر أيضًا وهو الابتلاء بالعطاء، بمعنى أن الله تبارك وتعالى يوسِّع على العبد رزقه، حتى يظنّ العبد أنه بذلك قد رضي الله عنه تبارك وتعالى، فبدلاً من أن يشكر الله على نعمة المال ونعمة الصحة ونعمة الأولاد والاستقرار، يستعمل هذه النعم في معصية الله تعالى، كما قال الله تبارك وتعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}، وكما قال: {ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات}.
فالابتلاء بالشر هو الابتلاء بالأمراض والنقص الذي أشرتُ إليه، والابتلاء بالخير هو الابتلاء بالمال وبالوفرة كالصحة والجمال والاستقرار، هذه كلها ابتلاءات، فصاحب البلاء السلبي الذي ابتلي بالأمراض وغيرها هذا مبتلى، ودائمًا الناس يحصرون الابتلاء في المصائب، في حين أن هناك ابتلاء آخر أيضًا بالنعم، ولكنَّ الناس لا ينتبهون له، لأنه كما قال الله تبارك وتعالى: {وإنه لحبِّ الخير لشديد} وكما قال: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمنِ * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهاننِ * كلا}.
فهذه ابتلاءات الدنيا، يُبتلى الإنسان بالرسوب مثلاً في الامتحانات بعد أن كان قد أخذ (مثلاً) بالأسباب، وذاكر جيدًا، واستعدَّ، ثم يُفاجئ بأنه لم يُوفَّق في الإجابة، وبالتالي تضيع عليه فرصة النجاح، هذا نوع من الابتلاء.
أما ابتلاءات الآخرة أولها فتنة القبر، ولذلك أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نستعيذ بالله تعالى من فتنة القبر وعذابه، لأن القبر له ضمَّةٌ عظيمة جدًّا كما ورد في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- .
كذلك فتنة يوم القيامة، لأن الإنسان يُسأل عن دين الله تعالى، ويُسأل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن كذا، فلا يجد لديه جوابًا مُشرِّفًا، كما قال الله تبارك وتعالى: {فلنسألنَّ الذين أُرسل إليهم ولنسألنَّ المرسلين}، وقد يكون الإنسان لديه بعض النقص في حسناته، فيبحث عن حسنات من أقرب الناس إليه فلا يجد أحدًا يعطيه حسنة واحدة ليدخل بها الجنة.
كذلك الوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى وسؤال الله تبارك وتعالى عمَّا قدَّم وعمَّا أخر، وشعوره فعلاً بالحسرة والندامة على ما فرَّط في جنب الله تعالى، كما قال الله تعالى: {أن تقول نفسٌ يا حسرتا على ما فرط في جنب الله وإن كنتُ لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنتُ من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أني لي كَرَّة فأكون من المحسنين}.
هذه ابتلاءات الدنيا والآخرة، أما بعد دخول الجنة فالجنة ليس فيها ابتلاءات وامتحانات واختبارات، وكذلك أهل النار يدخلون النار للعقوبة، ثم إذا كانوا من عُصاة المسلمين يخرجون ليدخلوا الجنة بفضل الله تعالى ورحمته، ولا يتعرضون بعد ذلك لأي عقابٍ أو أي انتقام، لأن الله تبارك وتعالى لا يجمع على العبد عقابين أبدًا، وهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
هذه صور من الابتلاءات الدنيوية والأخروية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا وإياك عند نزول البلاء، وأن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.