لا أشعر بنفسي بل أشعر كأني لست بإنسان.. ما توجيهكم؟
2015-11-30 03:49:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا بعمر 16 سنة، مشكلتي أني لا أشعر بنفسي، أشعر كأني لست بإنسان، أسير في الطرق ولا أحس بنفسي، ولا أعرف لماذا هكذا؟!
علماً أني أفزع من نومي كثيراً، وعندي صداع، ووسواس صار عندي حتى فكرت أن أنتحر بالقفز من مكان عال.
علماً أني رياضي جداً، وأعرف ألعب الكورة جداً وعلاقتي مع الناس جميلة، وأصحابي يحبوني كثيراً، وفي البيت يحبوني، وعلاقتي مع الكل جميلة، وأحب التنمية البشرية، وكنت أقرأ في الموضوع، وكنت أصلي، جاءتني نوبة هلع في الصلاة، فتركت الصلاة، ثم رجعت أصلي لأجل أني تعبان نفسياً.
تناولت دواء اسمه (سيتالوبرام) ولا أعرف هل هو سبب هذا الشعور؟ فقرأت على النت والكل أجمع أن أعراضي هي اضطراب الأنية، الدكتور الذي قابلته قال: فكر في أشياء جميلة وإيجابية واترك عنك الوسواس، وما صرف لي علاجاً.
أسرتي أقنعوني على أخذ (سبتالوبرام) وما وجدت حلاً، بينما أنا –الحمد لله- ضحوك وطيب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mostafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأنا أضيف رأيي إلى رأي طبيبك المحترم الذي قال لك (اترك الوسواس وفكر إيجابياً).
لا تُشخِّص نفسك أبدًا، أنت تحدثت عن تغيرات، نعم هي تشبه ما بـ (اضطراب الأنِّية Depersonalization)، لكن - يا ابننا العزيز مصطفى - اضطراب الأنية ذاته تشخيص هُلامي، يعني: تشخيصٌ غير واضح، أو كما يُسمَّى بـ (شمَّاعة الطب النفسي).
الذي تتحدث عنه - ابنِي الكريم - هو مجرد نوع من القلق البسيط والتقلبات المزاجية التي أراها مرتبطة بمرحلتك العمرية، أنت في عمرٍ فيه تغيرات كثيرة جدًّا، لا تنسى هذا الأمر، تغيرات نفسية، تغيرات هرمونية، تغيرات جسدية.
هذا كله يؤدِّي إلى تغيرات، وفي بعض الأحيان يجعل الإنسان يشعر كأنه غير متأكد من ذاته، تكون هنالك ضبابية حول الهوية، لكن هذا كله مؤقتٌ -إن شاء الله تعالى- وعابرٌ وسوف يزول منك تمامًا.
أنا لا أريدك - وأنت في هذه السِّنِّ - أن تعتمد على العلاج الدوائي، ولا تأخذ أي دواء دون استشارة الطبيب، كل الذي بك، وكل الذي تحتاجه شيءٌ من التنظيم لأفكارك، الترتيب لأوقاتك، والحرص على صلاتك، ولا تجعل للشيطان سبيلاً إليك، ولا تجعل له مجالاً أبدًا، أغلق عليه الباب، عليه لعنة الله.
احرص على الصلاة في وقتها مهما كان، وأنا أريد أن ألفت نظرك لشيء عظيم، وهو أن الصلاة إذا اتخذتها ركائز لإدارة وقتك، سوف تكون من الناجحين، يعني تقول لنفسك: (سوف أقوم بعمل كذا وكذا قبل صلاة العصر مثلاً، وسوف أقوم بكذا وكذا بعد صلاة العصر، وسوف أقوم بفعل كذا وكذا ما بين صلاة المغرب والعشاء). هذا يجعلك تتعلم أن تُدير وقتك، وأن تستفيد منه، وأن تشعر بعد ذلك شعور إيجابي، فاحرص على ذلك.
ممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءً من حياتك، جزءً أصيلاً، هذا مُجرَّب ومعروف ومُثبت عندنا الآن في الطب النفسي، أن الرياضة تُهذِّب النفوس، تزيل القلق، تجعل الإنسان أكثر ثقة في ذاته، لأن هنالك تغيرات هرمونية كثيرة تحدث أيضًا من خلال ممارسة الرياضة.
النوم الليلي المبكر من أعظم ما يُقدِّمه الإنسان لنفسه ولصحته الجسدية والنفسية، أن ينام ما بين الصلاتين - أي بعد العشاء وقبل الفجر يستيقظ - هذا مُثبت ومؤكد.
وأريد أن أهمس في أذنك - ابنِي الكريم مصطفى - أحسن وقت تدرس فيه وتُذاكر فيه هو الوقت الذي بعد صلاة الفجر، الدماغ يكون في حالة استرخاء، في حالة انتباه، في حالة تركيز، الخلايا مُرمَّمة بصورة صحيحة جدًّا، بشرط أن ينام الإنسان مبكرًا، فاحرص واستفد من هذا الوقت.
وكن إيجابيًا دائمًا في تفكيرك، تواصل مع أصدقائك، كن شخصًا متطلعًا، ضع لنفسك خارطة لإدارة الوقت، وإدارة المستقبل، مع التوكل على الله تعالى وتقديم مشيئته، تصور نفسك بعد عشر سنوات من الآن، مَن أنت؟ ما هي درجتك العلمية؟ أين الزوجة؟ وهكذا.
هذه هي طريقة العلاج الصحيح، وموضوع اكتساب بعض الخبرات حول التنمية البشرية غير مرفوض، لكن الأمر في غاية الوضوح، التطبيقات العملية هي الأهم. برَّ والديك اجعله ذُخرًا لك، ذُخرًا لك في الدنيا وفي الآخرة، يفتح عليك آفاقٍ جميلة، يجعلك تحسّ بالطمأنينة، فاحرص على ذلك.
وبالنسبة للعلاج الدوائي: أكرر، يمكن أن تستشير فيه الطبيب، وأنا لا أريدك أن تعتمد عليه حقيقة. الـ (استالوبرام Escitalopram) دواء طيب ودواء جيد، لكن يجب ألا يكون خطَّ العلاج الأول بالنسبة لك.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.