أفكر في الطلاق بسبب عقم زوجي وشخصيته الضعيفة والمسرفة!
2015-11-24 23:09:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركات
متزوجة منذ (14) سنة، وبعمر (27) سنة ولم أرزق بالأبناء -ولله الحمد-.
مشكلتي أن زوجي يعيش بلا هدف، وشخصيته ضعيفة جداً في أغلب الأمور، لا يدير المال بالشكل المطلوب، يشتري بماله أي شيء، أجهزة لا يريدها يشتريها لكن بمجرد أن سمع عن تخفيضها، ولا تأتي نهاية الشهر إلا ويبدأ بالتدين ممن حوله، حاولت معه مراراً لكن دون جدوى، فقط يردد: (عش يومك فما تدري متى تموت)!
بكل بساطة زوجي يعيش بلا هدف في الحياة، فلا يملك أي هدف ديني أو مالي أو اجتماعي، شخصيتي مختلفة عنه؛ فأنا عاقلة أحب أن أدير كل شيء في محله، ولا أحب الإسراف والتبذير، أحب العمل والصرف، فعمري وطاقتي ومالي وفكري كله لعمل الخير؛ لأنني لم أرزق بولد يقوم بالدعاء لي بعد موتي، فأكدس جهودي في الخير، وزوجي لا يساعدني بل يحبطني.
علماً أنه السبب في عدم الإنجاب، وأفكر بالطلاق كثيراً، لكنني صابرة؛ لأنه سبق وقام بتدريسي، وأشعر بالأنانية إذا طلبت الطلاق، فأنا أكملت دراستي وأنا معه، وليس من الذوق أنني عندما أصبحت قادرة ومتمكنة أن أطلب الطلاق.
أعيش في حيرة وأخشى أن يمر عمري معه وأندم لأنني لم أطلق قبل بلوغ الثلاثين.
أفيدوني جزيتم خيراً، فهذه أول استشارة لي معكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قطرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فرداً على استشارتك أقول:
- التبذير بالمال محرم، وهو نوع من السفه، قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}، وقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}، قال أهل التفسير عند هذه الآية: {ولا تؤتوا} -أيها الأولياء- من يُبَذِّر من الرجال والنساء والصبيان أموالهم التي تحت أيديكم فيضعوها في غير وجهها، فهذه الأموال هي التي عليها قيام حياة الناس، وأنفقوا عليهم منها واكسوهم، وقولوا لهم قولا معروفًا من الكلام الطيب والخلق الحسن).
- مقولة زوجك: (عش يومك فما تدري متى تموت) لا يعني أنه يبذر فيما لا فائدة فيه ثم يلجأ للسلف ممن حوله، ففي ذلك إذلال لنفسه مقيت.
- على زوجك أن يعلم أنه سيسأل عن المال الذي يبذر به كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال عن أربع وذكر منها عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه).
- إنجاب الأولاد رزق من الله تعالى ومقدر للعبد، فمنهم من ينجب ومنهم من يحرم من ذلك، قال تعالى: {لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}.
- العقم يعد من العيوب التي تعطي للرجل والمرأة الحق في فسخ النكاح إن حصل الزواج من غير علم بالعلة، لأن الإنجاب من أهم مقاصد النكاح، فإن كان العقيم منهما على علم بعلته ولكنه كتم ذلك فهو غش.
- الأصل تحريم طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة)، وفي حال عقم الزوج فيجوز للزوجة طلب الطلاق أو الخلع إذا تضررت من بقائها بلا إنجاب وصارت لا تحتمل العيش مع زوجها بدون ولد، أو خافت ألا تقوم بحق زوجها، فقد ثبت أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنهما أَتَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً)، والمقصود بقولها: (وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ) أي أكره كفران العشير وهو عدم القدرة على القيام بحق الزوج.
- العقم وحده ليس مسوغاً لطلب الطلاق أو الفسخ، وليس هو الحل الأمثل، خاصة وأن زوجك يحبك وأنت تحبينه ولا مشاكل بينكما، فهنالك نساء صبرن على عقم أزواجهن حتى رزقهن الله تعالى من فضله بالأولاد، ولك أن تتخيلي أن العقم كان من جهتك وأراد زوجك أن يطلقك أما كنت ستشعرين بالألم والحزن، وترين أن زوجك غدر بك ولم يكن وفياً معك؟! فنصيحتي لك بالصبر فالصبر عاقبته خير.
- وثقا صلتكما بالله تعالى، وأكثرا من نوافل الصلاة، والصوم، وتلاوة القرآن الكريم، وتضرعا إلى من بيده مقاليد الأموروالذي إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، أن يرزقكما الله الذرية الصالحة، فذلك من أسباب استجابة الدعاء، وهذا نبي الله زكريا ينادي ربه أن يرزقه الله الذرية الصالحة فاستجاب الله له، قال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}.
- حثي زوجك على العلاج يقول -عليه الصلاة والسلام-: (ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله)، فالطب صار متقدما للغاية، وهنالك حالات كثيرة تعالجت، وفي حالة عدم الاستجابة للدواء يمكن الاستعانة بعد الله بما يسمى بأطفال الأنابيب، فزوروا مركزاً متخصصاً مأموناً، ويمكنكما كذلك أن تتبنيا طفلاً يؤنس وحشتكما، وفق الشروط والضوابط الشرعية.
- صادقي الخيرات وتواصلي معهن، وأشغلي وقتك في الأعمال الاجتماعية والخيرية، وارتبطي بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم تكسبي الإيمان والأجر والرفيقات الصالحات -بإذن الله-.
أسأل الله تعالى أن يشفي زوجك ويرزقكما الذرية الصالحة ويسعدكما في هذه الحياة.