أقضي ساعات طويلة في التحدث مع نفسي دون سماع أصوات غريبة
2015-11-10 04:14:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ترددت كثيراً في طرح مشكلتي، ولكنني لم أجد سوى موقعكم الموقر، أنا فتاة عمري 22 سنة، لدي مشكلة لا أعرف كيف بدأت؟ ولكنها بدأت معي تقريباً منذ أن كان عمري 12 سنة، وما زلت أعاني منها حتى الآن، أثرت على حياتي ودراستي وتفوقي, وحطمتني كثيراً.
أتحدث مع نفسي وأضحك بصوت عال، وكأنني أتكلم مع شخص معين دون سماع أي صوت غريب، وأحيانا أتصرف بشكل غريب، فأقف كثيراً حتى تتعب أقدامي، أو أمشي وأدور في البيت لساعات طويلة، قد تصل لثمانِ ساعات أو أكثر، وأجلس بمكان معين، وأتحرك للأمام والخلف وأنا أكلم نفسي، وأحيانا أقوم بتأخير الصلاة بسبب الحديث مع نفسي، أو أترك مهامي الأساسية كدراسة الامتحان وأكلم نفسي، ولا أبالي بعواقب الأمور، لكنني أشعر فيما بعد بالذنب، وبتأنيب الضمير لإضاعة الوقت.
أعاني بشكل كبير من قلة الانتباه، وعدم القدرة على التركيز لمدة ساعة أو أقل، وكثرة السرحان والشرود الذهني، وعدم القدرة على العمل والدراسة، ولا يمر علي يوم إلا وأتكلم مع نفسي وأضحك، أصلي طوال اليوم وأكمل الكلام مع نفسي، وأنا أتناول طعامي أتكلم مع نفسي أيضاً، وأضحك بصوت عالٍ، وأتفاعل وأحرك يدي، وأضحك بصوت عال، وأحيانا أستيقظ نشيطة في الصباح، وفجأة أقفز من فراشي دون أن أغسل وجهي، وأبدأ بالحديث مع نفسي، وربما أغلب أيام السنة أقضيها مع نفسي بالكلام والضحك، حتى انخفض مستواي الدراسي ولم أعد متفوقة.
أحياناً لا يبقى على الاختبار إلا ساعات قليلة، لكنني أترك الدراسة وأكلم نفسي، ولا أبالي بما يضيع من وقتي، ولدي طقوس معينة أقوم بها عند الاختبارات، فمثلاً:
منذ ثلاث سنوات ألبس لباساً خاصاً للاختبار ولا أغيِّرهُ، رغم أنني أنيقة طوال السنة، وزميلاتي يُلاحِظنَ أفعالي، حتى طعامي ومكان دراسي أيضاً لا أغيره وقت الاختبارات، وأرغب بتغيير ذلك كله، ولكنني أشعر بأن هناك شيئاً يمنعني، وأخشى من الرسوب إن غيرت ملابسي المخصصة للاختبارات، وقد حدث ذلك في أحد المرات ورسبت فعلاً، وأعلم أن ما يخزنه العقل الباطن ينعكس على الواقع، ولا أستطيع التخلص من ربط الأحداث ببعضها البعض رغم تعبي من ذلك.
أصبحت إنسانة مهملة، وخجولة، وأخاف من الرد على الكلام، ودموعي تنهمر بسرعة، ولا يوجد أحد يشعر بمعاناتي، ولا أشعر بمتعة الوقت، ولا بطعم الدراسة، ولا أستمتع بشيء، ولا أستطيع تكوين صداقات قوية، ولا أستطيع نسيان صديقتي القديمة التي أصبحت زميلةً لي فقط.
بحثت في الإنترنت فوجدت حالة مثل حالتي، ومارست تمارين الاسترخاء ولكن دون فائدة، وأخجل من الذهاب لطبيب نفسي حتى لا يقال عني أنني معقدة نفسياً وأنا بهذا العمر، وأخاف أن يدعو علي أي شخص بالسوء، وإن حدث فإنني أتشاءم منه كثيراً، وأعلم أن التشاؤم حرام.
أكره الضجيج وكثرة الثرثرة، ومكان دراستي هو صالة البيت، رغم أن لدي غرفة خاصة، لكنني لا أطيق الجلوس فيها، وأختي التي تكبرني بثلاث سنوات تزعجني كثيراً، فكلما وجدتني أدرس تبدأ بالكلام بصوتٍ عالٍ، وترفع صوت التلفاز، تعبت من حالتي هذه، فأرجو منكم الإفادة والنصح.
بارك الله فيكم، وجزاكم خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ما تقومين به من حديثٍ للنفس، ووقوفٍ لساعات طويلةٍ، وإتيانٍ بحركات مستمرة يُسمى (Action Auto)، أي الإتيان بفعل ما، وهو نوع من أنواع الدفاعات النفسية، يحصل عند الشخص عندما يكون متضايقًا من شيء ما، يتحوّل هذا الضيق إلى أفعالٍ مُحددة يقوم بها الشخص لكي يُقلل من هذا الضيق، ولا يحسّ به في الوعي، وتكثر هذه الأشياء في مرحلة الطفولة والمراهقة.
وبعد ذلك ذكرتِ أعراضاً مباشرة للاكتئاب النفسي: قلة التركيز، السرحان، الانطوائية، التأثُّر السريع والبكاء لأتفه الأسباب، انقباض النفس، حتى تقلُّب المزاج، وإذا جمعنا الاثنين معًا -الأفعال أو التصرفات السلبية مع أعراض الاكتئاب-.
يمكن أن نقول بكل ثقة: إنك تعانين من اكتئاب المراهقة، ويقال أن اكتئاب المراهقة عادةً لا يأتي بصورة واضحة مثل اكتئاب كبار السن، ويأتي في شكل سلوكيات معينة -كما ذكرتِ بعضها-، وقد أثَّر هذا على تفوقك الدراسي، وأثَّر على حياتك العائلية، وأثَّر على حياتك الاجتماعية، لذلك أظنُّ أنك تحتاجين إلى علاج دوائي مضاد للاكتئاب، والذي أنصح به في هذه الفترة هو يعرف تجاريًا باسم: (بروزاك Prozac)، ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine).
قبل أن أشرح لك كيفية استعمال الفلوكستين أضيف أمرًا آخر وهو: تحدُّثك عن بعض الوساوس، بأن تفعلي كذا وكذا، وتلبسين لبسًا معينًا أيام الامتحانات، أيضًا هذا يكثر في الاكتئاب النفسي والأعراض الوسواسية.
إذًا كل هذا يجعلني أقترح بشدة أن تبدئي باستعمال الفلوكستين، كبسولات أو -حبوب- عشرون مليجرامًا، بعد الأكل يوميًا، -وإن شاء الله تعالى- سوف تبدأ هذه الأعراض بالتغير بعد مرور شهرٍ ونصف إلى شهرين، وحتى بعد اختفاء معظم هذه الأعراض، أو كلها، ورجوعك إلى حياتك الطبيعية، ننصحك بالاستمرار في تناول العلاج لفترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن يتم التوقف عن تناول الدواء دون تدُّرجٍ في التوقف.
وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.