ما هي أساليب العلاج المعرفي السلوكي التي تفيد في حالة القلق؟
2015-10-28 03:24:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
بداية أشكر لك د. محمد على إتاحة الفرصة لي لأسرد تجربتي لكم لعلي أجد حلاً لمشكلتي.
تم تشخيص مرضي منذ العام 2007 م بنوبات الهلع، ولا يخفى على أحد مر بهذا الأمر كيف كانت هي المرة الأولى التي يحس بها بخوف وتوتر وأرق لا يعلم به إلا الله، ولكن -الحمد لله- على كل حال.
كانت مرحلة العلاج تتضمن الأدوية (اميتريبتيلين وانديرال وزاناكس، والدواء الرئيسي هو سبراليكس)، وأيضًا جلسات نفسية خاصة بالعلاج السلوكي المعرفي، ولكني لم أكملها لسبب ما.
منذ العام 2008م إلى الآن وأنا على دواء سبراليكس 10م، حاولت مرارًا وتكرارًا التوقف عنه، ولكن ما إن أنتكس سواء بـ (قلق أو توتر شديد أو أرق ليلي) إلا وأعود له.
مررت بمشاكل كثيرة وظروف مالية وديون، وانتهت علاقتي الزوجية بالطلاق، زادت وحدتي وانعزالي عن الناس، وكم أتمنى أن أتخلص من القوقعة التي أنهيت حياتي فيها، زاد وزني بشكل ملحوظ جدًا، وازدادت معه ضغوطي الداخلية، ثقتي بنفسي تضعف جدًا وتهتز في حال القلق أو التوتر، لا أشعر بفرحة عيد أو رمضان لعدد من السنوات ولا أدري لماذا؟
كنت أرفع وأخفض الجرعة خلال السنوات الماضية، مع كل انتكاسة (من حبتين إلى حبة ونصف وانتهيت إلى نصف حبة).
مؤخراً كانت تجربتي الأخيرة في التوقف عن الدواء، وذلك بتقليص الجرعة إلى نصف حبة كل يومين واستمريت عليها 4 شهور، ولكني انتكست قبل أسبوعين -والحمد لله- على كل حال، وأنا الآن على حبة ونصف.
لا أريد أن أطيل عليك عزيزي الدكتور محمد، ولكني أريد أن أعرف ما هو سبب انتكاساتي الماضية؟ وما هي أفضل طريقة للتوقف عن سبرالكس بشكل نهائي؟ وهل صحيح أنه إذا انتكس الشخص لأكثر من مرة ولأسباب مختلفة يجب أن لا يتكرر الدواء، وأن يستمر معه طيلة حياته؟ وكيف هي أساليب العلاج المعرفي السلوكي التي أستطيع أن أطبقها على نفسي لكي أعيش حياتي بما يرضي الله، ثم بما يرضي من حولي والأهم عائلتي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك - أخِي - ثقتك في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف، وأقول لك: إن شاءَ الله حالتك بسيطة، بالرغم من المتاعب التي سببتها لك، هي ظاهرة نفسية، وليست مرضًا نفسيًا، حالتك هي نوع من القلق الاكتئابي التوتري، وأحسبُ أنه من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة.
أيها الفاضل الكريم: هذه الحالات تنتج من التفاعل ما بين العوامل المُهيأة والعوامل المُرسِّبة، وعوامل الاستمرارية.
العوامل المهيئة: هي البناء النفسي للإنسان، الناس تتفاوت في درجة تحمُّلها، هناك إنسان حسَّاس، هنالك إنسان قلق، وهناك إنسان وسواسي - وهكذا - فربما يكون لديك شيء من السمات التي جعلتك قابلاً للقلق وللاكتئاب، وهذا ليس عيبًا في تركيبك.
العوامل المُرسِّبة: هي الظروف الحياتية السلبية وغير المواتية، أنت مررت بظروف طلاق، وهذا حدث كبير، حدث ضخم جدًّا من الناحية النفسية، وأعتقد أنه قد أثَّر عليك، وربما تُوجد أحداث أخرى.
العوامل الاستمرارية: هي ظروف حياتية غير مواتية، يكون عايش فيها الإنسان باستمرارية، وهذه نسميها بالظروف الاستمرارية، ولذا نحن ندعو دائمًا بأن يُقلل الإنسان من الظروف التي تُساعد على استمراره في القلق والتوتر والاكتئاب متى ما كان ذلك مُستطاعًا.
وأعظم علاج سلوكي هو: التفكير الإيجابي، الإنسان يجب أن يُفكِّر في نفسه إيجابيًا، ويُحقِّر الفكر السلبي، والإنسان يجب أن تكون لك خطوات علمية عملية فعلية في الحياة، هذا علاج سلوكي.
الحرص على الصلاة مع الجماعة، مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، صلة الرحم، أن تكون مفيدًا لنفسك ولأسرتك، النوم الليلي المبكر، ممارسة التمارين الاسترخائية، القراءة، حسن إدارة الوقت، وأن تكون هنالك خارطة ذهنية تُدير من خلالها مستقبلك.
أخِي الكريم: مهما كانت مشاعرك يجب أن تُنزل نفسك لواقع الأفعال وتُطبقها على هذه الأسس السلوكية التي ذكرتها لك، وهذا هو الذي يجعلك -إن شاء الله تعالى- تحسّ بارتياح كبير.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فأنا في حالتك أفضِّل الـ (بروزاك Prozac)، البروزاك لا يُسبب آثارًا انسحابية حين التوقف من تناوله؛ لأنه يحمل إفرازات ثانوية، فلذا يمكن استبدال الـ (سبرالكس Cipralex) بالبروزاك، والذي يسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، والاستبدال يكون مباشرًا، يمكن أن تُخفض السبرالكس إلى خمسة مليجرام يوميًا، وابدأ في تناول البروزاك معه بجرعة عشرين مليجرامًا، استمر على الدوائين مع بعضهما البعض لمدة شهرٍ، ثم توقف عن السبرالكس تمامًا، واستمر على البروزاك لمدة تسعة أشهر مثلاً، ثم اجعله كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.
هذا هو الذي أراه أفضل بالنسبة لك، ولا أعتقد أنك في حاجة لتناول الدواء مدى الحياة، وحتى إن احتاج الإنسان أن يتناول دواء مدى الحياة هذا لا بأس فيه، ولا خطر فيه، ولا ضرر فيه، ما دام يُراجع طبيبه الثقة، ويتبع تعليماته.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.