أصبحت أشعر أن كل ما بحولي غير طاهر!!
2015-10-11 00:59:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال الأول: أخي الصغير يتبول في كل مكان، ويكون سرواله به بلل، ويجلس في أماكن عدة، ويلمس أشياء كثيرة، ويده دائما متعرقة، وهذا يعني أن نجاسة يده تستطيع أن تنتقل، وأيضا حتى حين يذهب الحمام؛ يقضي الحاجة، ويلبس سرواله دون أن ينظف نفسه بالماء، وفي يوم جلست على أحد الأماكن، وكانت ملابسي مبتلة، فهل تنتقل النجاسة؟ علماً أن الكنب لا توجد به رائحة ولا لون، ولكن هو جلس فيه منذ زمن، ويوجد بسرواله بلل البول، وعلماً أن الأماكن لا تنظف.
السؤال الثاني:
مرة كانت ملابسي بها بلل نجس، وجلست على كنب، فهل إذا جلست على الكنب بعد فترة بملابس مبللة أتنجس، علما بأن المكان لا ينظف، ولدي ملابس خاصة للصلاة؟
لقد تعبت، فأنا مصابة بالوسواس، وليس فقط بالطهارة، بل في الصلاة وأشياء عديدة، فأنا لا أخرج من المنزل؛ خوفا من أن أخي سوف يبول علي، أو أؤخر الصلاة، ولا ألمس أشياء أمي؛ لأنها تلمس البول، وتلمس أشياءها بعده، وقد تغير مستواي الدراسي بعد أن كان عالياً، وأيضا أصبحت أؤخر الصلاة، وأيضا كنت مرتبة كثيرا، ولكن الآن أنا غير مرتبة، وعدم الاسترسال لا يجدي نفعا، فكل مرة لا أسترسل، وأتعرق كثيرا، وأضرب نفسي أحيانا!.
يا شيخ، لا أستطيع أن أقول: إن الأشياء طاهرة؛ لأن أخي دائم التعرق، ويلمس سرواله الذي به بول. صرت أشعر أن كل ما بحولي غير طاهر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.
سوف أقوم بالإجابة على الجانب النفسي في استشارتك، وسوف يتفضل الشيخ أحمد الفودعي -جزاه الله خيرًا- بالإجابة على الجانب الشرعي.
أقول لك: إنه من الواضح جدًّا أن الأمر كله يتعلق بالوسواس، لا يمكن أبدًا وبأي صورة من الصور، ومهما كان أخوك يتبول في أماكن مختلفة من المنزل لا يمكن أبدًا أن يؤثِّر هذا الأمر على شخصٍ عادي، أي يكون شاغلاً له، لكن الشخص الموسوس قطعًا الأمر يأخذ حيِّزًا وحجمًا متضخمًا في تفكيره، ودرجة الاستحواذ والإلحاح تكون مزعجة جدًّا.
أنا أقول لك: إن الذي بك هو تفكير وسواسي أكثر من عملية انتقال النجاسة من خلال تبول أخيك، فحقِّري هذه الفكرة، لا تُضخمي الأمور، احرصي على صلاتك في وقتها، وحفِّزي نفسك من خلال الوضوء بكمية بسيطة من الماء، هذا مهم جدًّا، هذا بالفعل يؤدي إلى علاج الكثير من الوساوس: وساوس الطهارة، وساوس الوضوء، وحتى وساوس الصلاة، وجدنا -وبما لا يدع مجالاً للشك- أن الإنسان إذا تخلص من وساوس الطهارة والضوء يتخلص من كل وساوسه، ووجدنا أن أفضل وسيلة للتخلص من وساوس الطهارة والوضوء هي تحديد كمية الماء، بل تجنب استعمال ماء الحنفية، والوضوء بماءٍ في إبريق أو إناءٍ، وأن تكون كمية الماء محدودة جدًّا.
أريدك أن تصرفي انتباهك تمامًا عن هذه الأفكار، وذلك بتنظيم وقتك، والاجتهاد في دراستك بصورة أفضل، وعليك بالنوم الليلي المبكر، عليك بالمشاركات الإيجابية المنزلية الإيجابية.
بالنسبة لأخيك: إذا كانت مشكلته طبية فيجب أن تعالج، وإن كان الأمر يتعلق بتدريبه على التحكم في مخارجه فهذا أيضًا ليس بالأمر الصعب، فيجب ألا يُترك أمره على الشاكلة التي تحدثت عنها.
هذا هو الذي أنصحك به، وإن صعبت عليك الوساوس ولم تتحسَّني ففي هذه الحالة يجب أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي من أجل الجلسات النفسية المعرفية السلوكية المباشرة، وربما أيضًا يعطيك دواءً مضادًا للوساوس يكون مناسبًا لعمرك، وعقار (فافرين Faverin) والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) سيكون هو الأنسب.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
++++++++++++++
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي المستشار الأسري والتربوي
++++++++++++++
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله لك العافية والشفاء من هذه الوساوس، ونحن نتفهم مدى المعاناة التي تعيشينها، فالوساوس شرٌّ عظيم وداءٌ مستطير، ولذا فنحن ندعوك إلى مجاهدة نفسك للتخلص منها، والتخلص منها سهلٌ يسيرٌ -بإذنِ الله- إذا عزمتِ عزمةَ صدقٍ، وممَّا يُعينك على ذلك أن تعلمي أن الله سبحانه وتعالى لا يُرضيه هذا الحال الذي أنت عليه، ولا يُحبه، فإنه سبحانه وتعالى لا يُريد منك أن تتبعي خطوات الشيطان، فقد قال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.
فكل ما يُمليه عليك الوسواس من الاحتياط للدين، والاعتناء به، والاهتمام به، كل ذلك وساوس شيطانية، لا يُريد الله تبارك وتعالى منك الانقياد لها والعمل بمقتضاها، فإذا أيقنت هذا تمام اليقين؛ سَهُلَ عليك -بإذن الله تعالى- أن تتخلصي من هذه الوساوس.
وطريق التخلص: أن تُعرضي عنها بالكلية، فلا تبني أحكامًا على مجرد الشكوك والوساوس والأوهام، واعملي بالأصل، أن الأصل في كل شيءٍ الطهارة، فلا تنتقل النجاسة إلَّا بيقين، أما مجرد الشك في إصابة النجاسة لشيءٍ فإن ذلك لا يُنجِّسُه، فاستمسكي بهذا الأصل واثبتي عليه.
ثم اعلمي أن انتقال النجاسة قد رخَّص بعض العلماء فيه، والموسوس يسعه أن يأخذ بالرُّخص، حتى يَمُنَّ الله تعالى عليه بالشفاء، فمن العلماء من يرى بأن الطَّاهر إذا التقى بالنَّجس الذي فيه بلل نجاسة فإن ذلك لا ينتقل منه، إلَّا إذا كان هذا الطَّاهر قد أصابه ندى النجاسة، بحيث لو عُصِرْ لخرج منه شيءٌ، فيسعك العمل بهذا القول، فلا تحكمي على شيء بالنجاسة فيما دون ذلك.
فإذا صبرت على هذا وثبت عليه متيقنة أن الله تعالى يُحب منك الإعراض عن الشيطان وعن وساوسه، وأنه سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى عبادتك ولا إلى صلواتك، وإنما شرع لك أن تتعبَّدي له وتُطيعيه فيما يأمر وينهى، وأن دينه يُسرٌ، وقد قال في آية الطهارة: {ما يُريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يُريد ليطهركم}، فإذا فهمت دينك فهمًا صحيحًا سَهُل عليك -بإذنِ الله- أن تتخلصي من هذه الوساوس.
نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.