أصلي وأذكر الله ولكني أعاني من الغيرة.. كيف أعالج نفسي؟
2015-10-05 03:39:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أريد حلا لمشكلتي، أنا أعاني من الغيرة أتعبتني, أغار بشكل فظيع جدًا، أغار من أي شيء أفضل مني، وتصل بي للبكاء, والله أنني إذا أعجبت بشيء أني أدعو لصاحبها، وأذكر الله، يعني أرجوكم لا أحتاج وصاية من هذا النوع، أنا أصلي وأدعو وأذكر الله، ولا أعلم ما علاقة الغيرة بالدين لكي أعالجها بالدين؟ أنا أحب أن أعالج نفسي بالدين؛ لأني أؤمن أنه الأنسب لفطرتي وهو الذي سيصلح ما بي، هذا الشق الأول من استشارتي.
أما عن الشق الثاني فهي زميلتي نحن الآن على مشارف التخرج من الجامعة، وزميلتي هذه معي من أيام الثانوية، وكنت حتى في الثانوية أغار منها، والله أني أدعو لها في سجودي، أدعو لها بكل شيء تحبه، ولكني أتعذب كيف أعالج نفسي من هذا الموضوع فأنا أتألم، ولا أستطيع أن أتكلم بهذا, أنا معجبة بكل شيء فيها هي إنسانة جميلة جدًا، وتمتلك ميزات لا تمتلكها الفتيات بشكل عام, وأنا إنسانة بسيطة، صحيح أنني أعجب بحالي إذا كنت لوحدي، أما لو اجتمعت معها في مكان ما، أحس أني لا شيء؟ ما هذا الألم؟ أرجوكم كيف أخرج من هذا؟ ما العلاج؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جوجو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
ما أسميته الغيرة - أيتها البنت الكريمة - أمرٌ قد يكون ممَّا فطر الله تعالى عليه الناس، وإن كانوا يتفاوتون في ذلك، ولذلك قال بعض علماء المسلمين: (لا يخلو جسدٌ من حسد)، ولكن المهم في هذا الباب هو كيف يوجِّه الإنسان هذا التمنِّي الذي قد يُوجد في نفسه - أو الغيرة من وجود النِّعم في يد الآخرين - الواجب على المسلم أن يتوجَّه إلى الله سبحانه وتعالى ليسأله ويطلبه ممَّا في خزائنه بأن يُعطيه كما أعطى الآخرين، فقد قال الله سبحانه: {ولا تتمنوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيبٌ ممَّا اكتسبوا وللنساء نصيبٌ ممَّا اكتسبنَ واسألوا الله من فضله} فهذا هو العلاج الحقيقي:
• أن يتوجَّه القلب إلى الله سبحانه وتعالى مُقسِّمُ الأرزاق بين الخلائق، فإذا قام القلب بوظائفه استراح الإنسان وتوجَّهتْ ميوله الوِجْهَةُ الصحيحة.
• أهم وظائف هذا القلب في هذا الباب هو أن يُوقن تمام الإيقان أن الله سبحانه وتعالى هو مقسِّمُ العطايا بين الناس، كما قال سبحانه: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا}، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما منع، ثم يتيقَّن يقينًا جازمًا أن الله سبحانه وتعالى لا يفعل شيئًا سُدىً، ولا يخلقُ شيئًا عبثًا، وأنه يُعطي لِحكمةٍ ويمنع لحكمةٍ، فعطاؤه سبحانه وتعالى ليس عبثًا، كما أن منعه ليس عبثًا، وقد يكون الخير كل الخير في منعه لعبده، فإذا منعك شيئًا أعطاه للآخرين فاعلمي أنه سبحانه وتعالى إنما منعك من ذلك؛ لأنه يعلم أن الخير لك في المنع، وأنه لو أعطاك ذلك لضرَّك في دينك ولأفسد عليك آخرتك، فهو سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، وأعلم بما يُصلحك، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
• فإذا أيقن القلب بهذه الحقائق استراح الإنسان، وعلم أن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وما أصابه لم يكن ليُخطئه، وأن ما قدَّر الله سبحانه وتعالى له وقضاه هو خيرٌ ممَّا يتمنى هو.
ونحن نرى أنك ولله الحمدُ موفَّقة لسلوك طريق الخير، فمجرد شعورك بهذه المشكلة لديك واشتغالك بذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه، والدعاء لأصحاب النعم بأن يزيدهم الله تعالى من فضله، كل هذا سيكون عونًا لك -بإذن الله تعالى- على التخلُّص من هذه الظاهرة، وسيكون سببًا في سلامة دينك ودنياك، استمري عليه، واثبتي عليه، مع استحضار هذه المعاني التي ذكَّرناك بها، تفوزين وتُفلحين إن شاءَ الله تعالى.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.