كيف تكون العلاقة بين الفتاة وزملائها؟
2015-10-03 11:36:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أود أن أطرح موضوعاً لطالما تحدثت فيه كثيرًا، في بلادنا تظن الفتيات أن اختلاطهم مع زملائهم وأصدقائهم، والجلوس بجانبهم أو ملتصقين بهم، يظنون أنها حرية شخصية، ولا يمكن لأحد الاعتراض، حتى وإن خرجوا معهم ولا يوجد بينهم أي علاقة قرابة، ولا يكترثون إن خرجوا ليلًا أو نهارًا، أريد رأيكم في مثل هذا الأمر.
أيضاً أريدكم أن توضحوا جيدًا كيف تكون العلاقة بين الفتاة وزملائها؟ إذا أمكن أريد جوابًا مفصلًا، لأنني أيضًا أريد تربية بناتي في المستقبل تربية صالحة ليرضى عنها الله.
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يُعينك على تربية أولادك تربية طيبة مباركة، وأن يجعلك وذريتك وأسرتك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.
بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإن الشرع قد وضع ضوابط لتعامل المرأة مع الرجل الأجنبي عنها، وهذه الضوابط في غاية القوة وفي غاية الدقة وفي غاية الحزم، لأن الله الذي خلق الإنسان، كما قال سبحانه: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه} يعلم الله تبارك وتعالى أن الرجل بطبيعته يميل إلى المرأة، وأن المرأة بطبيعتها تميل إلى الرجل، وأنه إذا حدث بينهما هذا الاختلاط غير المنضبط؛ فلا بد قطعًا من الوقوع في الحرام بصورة أو بأخرى، لا يلزم أن تكون هناك فاحشة الزنى -عياذًا بالله- وإن كان من الممكن أن تقع، ولكن هناك أمور أعظم من ذلك، كموضوع مُقدِّمات الجماع، كالقبلات والأحضان والضم واللمس والمصافحة، وكذلك الجرأة النفسية، والجرأة على النظر إلى الطرف الآخر، والكلام معه، والتصاق الجسد به، وهذه كلها محرمات، ورد في كل واحدٍ منها نصوص، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا: (أنه لا يُصافح النساء)، (وأنه ما خلا رجل بامرأة إلَّا وكان الشيطان ثالثهما)، وأنه: (لأن يُطعن الرجل بمخيط من حديد في رأسه خير له من أن يمسَّ امرأة لا تحل له)، إلى غير ذلك من النصوص التي لا يتسع المقام لذكرها.
هناك كُتيب بسيط للشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله تعالى- يُبيِّن هذه الأمور، ومخاطر الاختلاط، أو تستطيع أن تبحث في الإنترنت عن (محاذير الاختلاط) لتعرف محاذير الاختلاط وضوابطه.
الإسلام لا يمنع من وجود اختلاط منضبط، إذ أنه يستحيل أن نقضي على الاختلاط بصفة قطعية، فالاختلاط في المناسك والمشاعر، والاختلاط في الأسواق وغيرها، أصبح واقعًا، ولكن اختلاط عن اختلاط يفرق فرقًا عظيمًا.
المرأة التي تعرف أنه لا يجوز لها أن تُكلِّم رجلاً أجنبياً عنها، ولا يجوز لها أن تُصافحه، ولا يجوز لها أن يمسَّ جسدها أو أي مكانٍ منها، ولا يجوز لها أن تدخل معه في مكانٍ فيه خلوة، ولا يجوز لها أن تتكلم معه كلامًا كما لو كان من أرحامها، فإن هذه هي المرأة التي -حتى وإن كان هناك اختلاط- تحافظ على دينها، وتحافظ على فطرتها وعفَّتها وحيائها، وهذا الذي نُربِّي عليه أبناءنا.
لكن حتى يتيسَّر ذلك؛ لا بد أن تبدأ التربية من داخل الأسرة، فالفتاة لا تحتكُّ بالرجال، ولا وتحتك بالشباب، ولا تحتك بأبناء عمتها أو أبناء خالتها، خاصة إذا وصلت إلى مرحلة البلوغ، ونحاول دائمًا أن يكون هناك فصل ما بين الرجال والنساء في البيت، حتى تخرج الفتاة وهي تعلم أن هناك فوارق بينها وبين الرجال، وأنه ليس كل رجلٍ تستطيع أن تتكلم معه أو تتحدث إليه، وإنما فقط تتحدث إلى أرحامها كالأخ والأب والعم والخال والزوج؛ إذا مَنَّ الله عز وجل عليها بزوجٍ فإنها كذلك أيضًا تختلط به وتحتكُّ به كما تحتكُّ أُمُّها بأبيها، وما سوى ذلك ينبغي أن تُعلَّم، وينبغي أن يُبيَّن لها أن هذا الأمر لا ينبغي، وأنه لا يجوز أن تفتح أي حوار مع أي شاب من الشباب مطلقًا، ولا أن تخرج مع مجموعة من الطلبة أو الزملاء، ولا أن تجلس معهم بمعزلٍ عن البنات، وإنما حتى وإن كانت في مدرجات التعليم ينبغي أن تحرص على أن تكون بعيدة عن الرجال، وأن تكوِّن لها مجتمعاً خاصاً -مجتمع نسائي خاص-، وأن تجلس معهنَّ، وأن تحاول ألا تُحيي الاختلاط في هذه المؤسسات التعليمية المنفتحة، لأن هناك مدارس ليس فيها اختلاط، وهناك مدارس تعجُّ بالاختلاط، وهناك مدارس تُصِرُّ على أن تكون الفتاة بجوار الفتى في نفس المِقعد، وهؤلاء شياطين الإنس الذين يُفسدون في الأرض ويصدون عن سبيل الله.
نحاول أن نُعلِّم بناتنا المبادرة بأنها إذا وجدتْ مكانًا فيه اختلاط تحاول أن تعتزل، ولا تسمح بالاختلاط أبدًا، ولا تفتح أي حوار مع أي رجلٍ بغير داعٍ، وإذا كان هناك حوار فليكن بمقدار ملح الطعام عند الضرورة، أما الحوار المنفتح والضحك والمزاح وتبادل الآراء فهذا كله ممَّا حرَّمه الله.
هذا وبالله التوفيق.