هل يوجد أمل أن أتغيّر وأسترد ثقتي بنفسي؟
2015-09-30 02:08:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: آسف للإطالة، ولكن فاض بي، ولا أعرف كيف أخرج من هذا!
أنا شاب 28 سنة، ولكن حياتي كانت سيئة منذ الصغر؛ عانيت الكثير من الحرمان، ولكن كبرت وكبرت معي عقدي النفسية، فأثرت على شخصيتي، وجعلتني أشعر بأني قليل وضعيف الشخصية، وأشعر دائما بأني قليل جدا أمام الآخرين، وبرغم ذلك الناس ينظرون لي باحترام كثير، ولكن بتصرفاتي أشعر برهبة وخجل دائم من الناس، وأشعر بأني لم أعرف أن أفعل شيئا سواء زواجي أو مستقبلي، أشعر بأني لم أتحمل المسؤولية، ولكن أنا عكس ذلك.
يلازمني تفكير يكاد يقتلني في كل وقت ولحظة، يجعلني كئيبا، وهو أني كبرت، ولا أحد يقبلني، وعشت وحيدا، وسوف أكون هكذا دوما، ولن ألقى عملا، وسأعيش محروما وقليل الشأن، وأحاول أن أخرج من كل هذا بالصلاة والدعاء، ولكن لم أشعر بتحسن، وأشعر برهبة شديدة من الناس، وأخاف من أن ينظر أحد بعيني، ولا أستطيع النظر بعين أحد.
تعبت مما أنا فيه، وما أنام عليه أستيقظ عليه، هل يوجد أمل أن أتغير وأسترد ثقتي بنفسي، ولا أخاف أحدا إلا الله، وأكون إنسانا طبيعيا أم أن ربي غاضب علي؟ وهل يوجد علاج دوائي لحالتي أم أني مصاب بالمس والحسد؟
وفي الختام: آسف جدا على الإزعاج، ولكن كبتي دفعني للكلام، ولم أعرف كيف أحل هذا!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ gasser حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
أولاً: نقول لك: إنك بدأت الخطوة الأولى في التغيير، وهي خروجك عن الصمت، والتعبير عن ما تعاني منه أو ما تشعر به، وإن شاء الله تتبعها خطوات أخرى إيجابية تسهم في تخطي المرحلة الحالية بكل جدارة.
ثانياً: لا شك أن الأفكار السلبية التي ترعرعت ونمت في ذهنك منذ الطفولة عملت كمعاول هدم وكبلت قدراتك وإمكانيات من الانطلاق، والحمد لله أنك الآن أدركت ذلك. فنرجو منك التحرر من هذه الأفكار، ووضع خططك المستقبلية بروح متفائلة، وتوكل على الله تعالى ولا تيأس، واستمر في الدعاء والتضرع، والفرج قريب -إن شاء الله-.
إليك بعض الإرشادات ربما تفيدك في حل المشكلة:
1- لا بد أن تعلم أن الله -تبارك وتعالى- خلقك في أحسن تقويم، واحمد الله على نعمة العقل؛ فهي أعظم النعم. لذلك لماذا الخوف؟ ولماذا الرهبة من الناس المخلوقين مثلك؟ فكل الناس لها محاسن ولها عيوب، والكمال لله وحده. فتقديرك غير الواقعي للآخرين ولنفسك هو سبب الخوف والتوتر؛ لأن هذا ناتج عن النظرة السلبية لنفسك، والتقييم المتضخم للآخرين، فحاول تعداد صفاتك الإيجابية، ولا تقارن نفسك بمن هم أعلى منك في الأمور الدنيوية، وغيّر المقياس أو المعيار الذي تقيم به الناس، فأفضل المقاييس على الإطلاق هو المقياس المستمد من الكتاب والسنة، فتقوى الله -عزّ وجلّ- هي المحك الحقيقي لتقييم الشخصيات.
2- نقول لك -أخي الكريم-: مشكلة تجنب الآخرين، وعدم الاحتكاك بهم لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية، وأولها المواجهة وعدم الانسحاب والتعذر بأسباب واهية.
3- حاول رفع شعار مفاده التحدي والاقتحام بالزيارات المتكررة للأهل والأصدقاء، وإجابة الدعوات، والمشاركة في المناسبات -ولو بالصورة المتدرجة في المدة الزمنية- فهذه تكسبك الثقة بالنفس، وتزيدها، فإذا انكسر الحاجز النفسي؛ فسيكون الأمر طبيعياً إن شاء الله. فالإنسان يتعلم بالممارسة والتدريب شيئاً فشيئا، ففي البداية تعلم كيفية المحادثة مع الآخرين بالاستماع الجيد لما يقولونه، ثم كيفية إلقاء الأسئلة بالصورة المبسطة، والاستفسار بطريقة فيها احترام وتقدير للشخص الآخر، وإظهار الإعجاب والتعليق على حديثهم ومقتنياتهم بالطريقة التي يحبونها. وإذا أتيحت لك الفرصة للتحدث عن نفسك؛ اغتنمها ولا تتردد، بل انتهج نهج المبادأة، وكن أول من يبدأ دائماً بالتعريف، أو الحديث عن النفس.
4- درب نفسك على إدارة حلقات نقاش مصغرة مع من تألفهم من الأهل والأصدقاء ثم انتقل للغرباء.
وفقك الله تعالى وسدد خطاك.