ما هي آيات السكينة وإزالة الخوف؟
2015-09-02 04:03:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ما هي آيات إزالة الخوف؟ فأنا أعاني من خوف ورهاب اجتماعي، حيث ينتابني تعرق في الجسم، وحرارة، ودوخة، واحمرار، وسرعة في نضبات القلب، ورجفة في اليدين فما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أستغفر الله العظيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، سيفيدك -إن شاء الله تعالى- الشيخ أحمد الفودعي عن آيات إزالة الخوف، ومن ناحيتي أقول لك: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وأفضل أنواع الذكر هي تلاوة القرآن الكريم.
والخوف الاجتماعي أو أي نوعٍ من الخوف المرضي هو خوف مُكتسب، والشيء المكتسب سوف يزول -بإذن الله تعالى- لأنه أمرٌ متعلَّم، وما هو مُتعلَّمُ يمكن أن يُفقد بالتجاهل والتناسي أو بالتعلُّم المضاد. هذه نظرية سلوكية واضحة وجليَّة.
معظم الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي ربما يكونوا قد تعرضوا لنوع من المخاوف أو التخويف في فترات الصغر خاصة في الطفولة المبكرة.
وعمومًا أريدك أن تطمئني تمامًا أن هذا الخوف -إن شاء الله تعالى- ليس دليلاً على ضعف إيمانك أو هشاشة شخصيتك، هو قد يحدث لجميع الناس، وغالبًا يكون عابرًا، وإن شاء الله تعالى - كما ذكرتُ - بالتجاهل والمثابرة وتصحيح المفاهيم حول الخوف هذا، لأن الكثير من الناس يعتقدون أنه جُبنًا وهو ليس كذلك، حيث إن الإنسان يمكن أن يكون مروضًا للأسود لكنه يخاف من القِطَّة.
احمرار الوجه والشعور بالدوخة وتسارع في ضربات القلب، هذه نسميها بالأعراض الفسيولوجية المُصاحبة للمخاوف، لأن الإنسان حين يشعر بالخوف لا بد أن يُحضِّر نفسه جسديًا من أجل أن يهرب من هذا الموقف، ولذا يفرز الجسم مادة تُسمى بالأدرينالين، وهذه تؤدي إلى تسارع ضربات القلب ليزداد ضخ الدم ويرتفع تركيز الأكسجين في العضلات ليُساعد الإنسان على الهروب من الموقف.
إذًا العملية عملية فسيولوجية تعويضية بحتة.
أيتها الفاضلة الكريمة: إذًا يجب أن تُحقري هذا الخوف، وأنا أؤكد لك ما تشعرين به من خوفٍ لا يشعر به أي إنسان آخر، يعني مشاعرك هي خاصة بك، وحتى اعتقادك باحمرار الوجه أو الشعور بالدوخة لا يشعر به مَن حولك، بمعنى أنك لن تفقدي السيطرة على الموقف.
والأمر العلاجي الآخر المهم جدا هو أن تُعرضي نفسك للمخاوف، والتعريض يكون أولاً في الخيال، تصوَّري أنك في تجمُّعٍ كبيرٍ، وأنه قد طُلب منك أن تُلقي درسًا أو محاضرةً أمام مجموعة كبيرةٍ جدًّا من النساء، أو أمام الطالبات وفي حضور الأساتذة والدكاترة، تصوري هذا الموقف، وهذا الموقف قد يحدث في الحياة، هذا نسميه بالتعرض في الخيال، وبالفعل إذا سخَّرت خيالك بصورة جيدة وسلسة وجادة، هذا التمرين سوف يُساعدك كثيرًا جدًّا.
الأمر الآخر هو: أن تلجئي للتطبيق العملي، التطبيقات العملية مهمَّةٌ جدا، وهي أن تخترقي مكامن الخوف وتقومي بفعل الضد، اختلطي بأهل بيتك، وتفاعلي معهم، وكوني مبادرة وسبَّاقة.
طوري أيضًا من مهاراتك الاجتماعية: أن تُسلمي على أفراد أسرتك، وعلى محارمك بشيء من البشاشة، هذا مطلوب ومهمٌّ جدًّا. وفي ذات الوقت لا تتجنبي أبدًا المواقف التي تحسين فيها بالرهبة.
تمارين الاسترخاء تمارين جيدة ومفيدة ومهمَّةٌ جدا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (^2136015) أرجو أن تلجئي لهذه الاستشارة وتطبقي ما ورد بها من تفاصيل، فهي مفيدة جدًّا.
في بعض الأحيان هنالك أدوية مضادة للخوف والرهاب الاجتماعي، لكن لا ننصح باستعمالها لمن هم دون العشرين.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
مرحبًا بك أ-ختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
ما سألت عنه من آياتٍ لإزالة الخوف قد ذكر بعض العلماء أن آيات السكينة، أي الآيات التي ذكر الله تعالى فيها السكينة إذا قُرئت في حالات القلق والاضطراب والخوف فإنها تُنزل السكينة على القلب بمشيئة الله تعالى، فالسكينة معناها الطمأنينة، وقد ذكر الله تعالى السكينة في ستة مواضع، كما قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه العظيم (مدارك السالكين):
• الموضع الأول قوله تعالى في سورة البقرة: {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين}[البقرة:248].
• والآية الثانية قوله تعالى في سورة التوبة: { ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِين }[التوبة:26].
• والموضع الثالث قوله تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم}[التوبة:40].
• والموضع الرابع قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الفتح:4].
• والموضع الخامس قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}[الفتح:18].
• والموضع السادس والأخير قوله تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[الفتح:26].
يقول ابن القيم -رحمه الله-: كان يشيخ الإسلام ابن تيمية إذا اشتدَّت عليه الأمور قرأ آيات السكينة. قال: وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرَتْ له في مرضه، تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرتْ له إذ ذاك في حال ضعف القوة. فقال رحمه الله تعالى: لمَّا اشتدَّ عليَّ الأمر قلتُ لأقاربي ومن حولي: اقرؤوا آيات السكينة. قال: ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلستُ وما بي قَلَبَة.
ثم يقول ابن القيم رحمه الله: وقد جرَّبتُ أنا أيضًا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يَرِدُ عليه فرأيتُ لها تأثيرًا عظيمًا في سكونه وطمأنينته.
هذا ما ذكره ابن القيم -رحمه الله تعالى- من آياتٍ تُقرأ بقصد تحصيل السكون والطمأنينة، فلو فعلتِ بذلك فإنه يُرجى لك الخير، واعلمي أن قراءة كتاب الله تعالى عمومًا والإكثار من ذكر الله من الأسباب العظيمة التي تجلب الطمأنينة والأمن للقلب، فقد أوصى الله سبحانه وتعالى بالإكثار من ذكره عند مُلاقاة العدوِّ، فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُون}[الأنفال:45] فذكر الله كثيرًا من أعظم الأسباب المُوجبة للطمأنينة والسكينة وإزالة الهلع والخوف، ومع هذا كله فإننا نوصيك أيضًا بالتداوي، والأخذ بالأسباب الحسِّية، فإن الله ما أنزل داءً إلا أنزل له دواءً، كما أخبر النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- بذلك.
نسأل الله تعالى لك العافية.