أشعر بأنه لا فائدة من الدعاء، فما سبب ما أشعر به؟
2015-08-25 04:24:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا لا أدري بماذا أصبت، لقد كنت مؤمنة بالله حق الإيمان، وكان لدي يقين بالله، ولكن لا أدري كيف تملكتني الوساوس والشكوك، فصرت وكأنني قد فقدت يقيني، بمعنى أنني عندما أهم بالدعاء أقول في نفسي لماذا أدعو؟ أشعر وكأنني أقوم بالعبادات في الفراغ، علما بأنني أحاول الحفاظ على أذكار الصباح والمساء والنوم، وما إن يأتيني الإيمان من جديد حتى تتملكني هذه الأفكار.
ساعدوني، لا أدري ماذا يحصل لي؟ أريد أن أعود إلى ما كنت عليه من اليقين والتوكل، أرجوكم لا توجهوني إلى توجيهات سابقة، فقد قرأت عددا لا بأس به من التوجيهات والقصص، ولكن هذه الأفكار تبعث في نفسي اليأس، أرجوكم افهموني، فأنا عندما أهم بالدعاء أشعر كأنني أدعو في الفراغ، كأنني لا أدعو أصلا، سئمت من هذا الوضع، زد إلى ذلك كلما توجهت إلى الإعجاز العلمي أشعر أنني ممن قال فيهم الله: "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"، أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ lydia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقتٍ وفي أي موضوعٍ، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يردَّ عنك هذه الوساوس وتلك الأوهام التي أدخلها الشيطان إلى قلبك، وأن يُعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يرزقك الاستمتاع بطاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فأنا أرى أولاً أنك بحاجة إلى رقية شرعية، لاحتمال أن يكون هناك نوع من الاعتداء الشيطان عليك؛ لأن تصرفاتك فعلاً تصرفات مُحزنة، وأنت تشعرين بألمٍ وأنا أُقدِّر ذلك؛ لأنك لا تشعرين بمتعة العبادة ولا بحلاوة الطاعة، حتى إنك تشعرين أنك كأنك تدعين في فراغ كما ذكرتِ، وهذا كله لعله من اعتداء الشيطان عليك ومن كيد شياطين الجن؛ لأن الشيطان -لعنه الله تعالى- عندما وجدك على طاعة وعبادة واستقامة منك حاول أن يصرفك عن هذه العبادات، ولكنه لمَّا لم يستطع استعمل معك ما يُعرف بحرب الشبهات، بأن يُغِيرُ على قلبك، وجعل المعركة كلها في داخل نفسك، حتى يُفسد عليك علاقتك مع الله تبارك وتعالى، وأنت الآن في وضعٍ فعلاً محزن.
ولذلك الذي أقول: إن الذي تعانين منه إنما هو شيء طبيعي لأي إنسان صالح مستقيم، قد يتعرض لمثل هذه الموجات العدائية من الشيطان -لعنه الله- وعليك أن تعلمي:
- بأن هذه المسألة حلُّها سهلٌ ميسور، وأتمنى ألا تستسلمي أبدًا لهذه الأفكار، وأن تحافظي على علاقتك مع الله تعالى، حتى وإن كنت تشعرين أن الدعاء يكون في فراغ -كما ذكرت- حتى وإن كنت لا تشعرين بحلاوة العبادة، حتى وإن كنت لا تشعرين بالخشوع، حتى وإن كنت تقرئين الكلام مجرد كلام عادي ليس له طعم ولا معنى ولا روح، لا تتوقفي أبدًا عن هذه الأعمال العظيمة؛ لأن هذه الأعمال العظيمة التي تقومين بها لها دورٌ كبير في دفع الشيطان عنك، وتصوري أنك لو تخليت عنها الآن فماذا ستكون النتيجة؟
- وأن مثلك كمثلٍ جُندي يحملُ سلاحًا يُدافعُ عن نفسه وسط أعدائه، وفي لحظةٍ لم يجد معه ذخيرة، ووجد أن السلاح عبارة عن قطعة خشب لا يستطيع أن يُقدِّم ولا يؤخِّر، ممَّا لا شك فيه أن هذا سيكون دمارًا مُحققًا، ولذلك عليك بمواصلة الطاعة والأعمال العظيمة التي تقومين بها، والدعاء لا تتوقفي عنه، خاصة: (اللهم يا مُقلب القلوب ثبِّتْ قلبي على دينك)، وكذلك: {ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}، وكذلك: (اللهم لا تنزعني من الإسلام، ولا تنزع الإسلام مني)، وكذلك: {توفني مُسلمًا وألحقني بالصالحين}، فكل هذه الدعوات التي لها علاقة بموضوعك، لذلك أكثري منها قدر الاستطاعة، ولا تشغلي بالك بأنك لا تشعرين بطعمها أو معناها، أو لا تشعرين بها، المهم أن تواصلي -بارك الله فيك- ولا تتوقفي؛ لأن الشيطان عندما شَنَّ هذه الغارة على قلبك هدفه الأساسي أن يُوقفك عن هذه الأعمال، وهو الآن يُشككك، وهو الآن يُثير عندك هذه الشبهات، ويُقلِّب عليك نفسك -إلى غير ذلك- حتى يُوقفك، فإذا توقفت فقد انتصر عليك، ولحقتْ بك هزيمة قاتلة، ولكن عليك بالمواصلة والدعاء والإلحاح على الله تعالى، وكما قال الله تعالى عن يعقوب عليه السلام: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} قولي: (يا ربِّ أشكو إليك ضعف قوتي وقلَّة حيلتي) كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو.
- وعليك بالرقية الشرعية -كما ذكرتُ لك- في أقرب وقت، وإن شاء الله تعالى سوف تستفيدين منها، لأنها هي عبارة عن مجموعة آيات ومجموعة أحاديث، وهي قطعًا إذا لم تنفع فيقينًا لن تضر.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يردَّك إن شاء الله تعالى إلى الإسلام الحق، وإلى تذوِّق حلاوته ردًّا جميلاً، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.