عندي مشاكل في النطق أمام الناس ولا أستطيع النظر لشخص في عينيه
2015-08-08 05:35:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أسأل الله أن يكون هذا الموقع الرائع في ميزان حسناتكم.
بعد الاطلاع على مجموعة من المواضيع صراحة رائعة، شكرا لكم. وقلت لنفسي: أكتب عن مشكلتي عسى أن يكون هناك حل بإذن الله.
سوف أسرد لك مشكلتي -يا دكتور- وأتمنى أن تفهمني:
أنا طالب 18 سنة، مشكلتي أنني مللت من الحياة بسبب مشاكل عندي في الكلام أو بالأحرى النطق أمام الناس، ليس هذا فقط، ولكن عندما يطالبني الأستاذ بالقراءة؛ أتغير فجأة: رعشة، احمرار الوجه، خفقان سريع، تعرق، اختناق، وبعدها أبدأ بالقراءة، والحروف الأولى من الكلمات لدي صعوبة في نطقها، مثلا لنفترض أن الكلمة هي (أكل) سوف أنطقها بهذه الطريقة (أأأأأأكل) خمس ثوان في الحرف الأول، ويبدأ الأستاذ بمعايرتي ويطردني من القاعة، أما التلاميذ فيستهزؤون بي، ويضحكون علي.
مثال آخر:
في بداية الحصة أثناء اطلاع الأستاذ على ورقة الغياب، عندما يصل إلى اسمي ينتظر مني أن أقول: حاضر. أنا سمعت اسمي، لكن (حاضر) لا تخرج، كأن شيئا متوغل في حلقي ويمنعني عن التكلم، وعند الكلام يصبح فمي جافا، وأظن أن الجفاف هو السبب!
كل هذا جعلني إنسانا غير اجتماعي، وحيدا لا أحب المناسبات، أو بالأحرى التجمعات بصفة عامة. لا أحب التعرف على أصدقاء؛ حتى لا أقع في هذه المشكلة، وقليل من يفهمني، والبقية يعتقدون أني أتلاعب عليهم.
مشكلة أخرى:
لا أستطيع النظر إلى شخص في عينيه، وكلما حاولت رفعها تهبط أوتوماتيكيا، والله -يا دكتور- كل هذه المشاكل جعلتني مريضا عصبيا.
هل حالتي تحتاج إلى علاج دوائي أم ماذا؟ أريد حلا نهائيا -يا دكتور- لحالتي مع أنك ستفهمها بسرعة.
وأتمنى الشفاء للجميع، وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، أعانك الله وخفف عنك.
يبدو أنك تعاني من أمرين: الخجل الاجتماعي، وصعوبة النطق، وطبعا الأمران لهما علاقة ببعضهما، وليس مستغربا أن صعوبة النطق أحدثت عندك الخجل الاجتماعي، مما يزيد أيضا في صعوبات النطق والكلام.
لا أظن أنك تحتاج حاليا للعلاج الدوائي، وأكثر ما ينفعك هو العلاج السلوكي عن طريق التعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى (تتعلم) من جديد كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما أنت تتصور حاليا.
وهناك العلاج المعرفي السلوكي والذي يشرف عادة عليه الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.
ولكن ليس بالضرورة على كل من يعاني من الخجل الاجتماعي أن يذهب للأخصائي النفسي، فكثير منهم يعالج نفسه بنفسه، والمطلوب منك الآن العمل على اقتحام مواقف الاختلاط بالناس والتعامل معهم، وعدم التجنب، فالتجنب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا. وسترى وخلال فترة قصيرة كيف أن ما كنت تخشاه من بعض المواقف في مواجهة الناس ليست مخيفة كما كنت تعتقد.
وأنصحك أيضا بقراءة كتاب عن حالات الخجل والرهاب، فمعرفتك بهذا يزيد من احتمال تعافيك، وهناك على هذا الموقع الكثير من الأسئلة والأجوبة المتعلقة بهذا الموضوع، مما يشير إلى مدى انتشار مثل هذه الحالات، وإن كان معظم الناس يتجنبون الحديث في هذا الموضوع.
وأما بالنسبة لصعوبات النطق أو لفظ الأحرف بالشكل الطبيعي فهناك عادة عدة أسباب جسدية ونفسية، وأنا أفترض أنك متأكد من عدم وجود مشكلة عضوية تفسر صعوبة التلفظ ببعض الأحرف، كالتأتأة مثلا، أو صعوبة تلفظ حرف بعينه. وللتعود على نطق الأحرف بالشكل السليم فعلينا -أولا- أن نكون قد تعلمنا نطق هذه الأحرف بالشكل المناسب، وهنا يأتي دور التدريب والاعتياد من خلال التكرار.
وقد يفيد محاولة التلفظ بهذه الأحرف بصوت مرتفع وأنت بمفردك في غرفتك؛ وبحيث لا يسمعك أحد.
ومما يعين كذلك حفظ ما تستطيع من القرآن، وتعلم أحكام التلاوة، فالتلاوة الصحيحة لكتاب الله يعني إخراج الأحرف من مخارجها الطبيعية والصحيحة، ويمكن أن يعينك هنا أحد المشايخ في المسجد أو مركز تحفيظ القرآن.
وكذلك حفظ الشعر، والأمثال القديمة، فمثل هذه الأبيات والجمل والعبارات ستحسّن النطق أولًا، وثانيًا ستعينك على إخفاء صعوبات نطق بعض الحروف من خلال التلفظ بهذه الأبيات والأمثال اللغوية؛ لأنها ستعطيك جملا مفيدة تتكلم بها في بعض المواقف الاجتماعية.
وفي الحالات الصعبة جدا يمكن أن ننصح بمراجعة أخصائي في علاج النطق، حيث هناك بعض الطرق والمهارات في تعلم النطق السليم.
ولا شك أن صعوبة النطق ببعض الحروف عندك مرتبطة ببعض الخجل الاجتماعي أمام الآخرين، وكما ذكرت لك، وهناك في هذا الموقع الكثير من الأسئلة والأجوبة عن الخجل أو الرهاب الاجتماعي، فعليك بها.
وفي المدرسة أنصحك بأن تكلم المعلم من أول العام الدراسي بأنك تعاني من صعوبة النطق أحيانا، مما يجعلك تشعر بالحرج الشديد، ويمكن للمعلم أن يعينك على تجاوز هذه الصعوبة، وألا يزيد في معاناتك.
وفقك الله، وأطلق لسانك بالشكل الذي تتمنى.