كيف أحب الصلاة ولا أشعر بثقلها لكي أصل لدرجة الإيمان في رمضان؟
2015-06-23 05:51:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رمضان مبارك، جعله الله لنا ولكم طهارة ومغفرة وقرباً منه -عز وجل- وفرجاً.
أنا فتاة أريد أن أعرف كيف أحب الصلاة وأستمتع بها ولا تكون علي ثقيلة لكي أصل لدرجة الإيمان في هذا الشهر؟ وكيف يمكن أن نعبد الله كأننا نراه؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Wissal حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أهلاً بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.
بخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولاً: هذا السؤال منك -أختنا- يدل -إن شاء الله- على خير كثير فيك، نسأل الله أن تكوني ذلك وزيادة.
ثانيا: كل ما تحدثت عنه يدور -أختنا- حول زيادة معدل الإيمان عندك، فإن الإيمان حين يزداد تنصلح الحياة، وتحلو الصلاة، ويحسن بالقرب بالله، والإيمان كما قال أهل العلم يزيد وينقص.
ثالثا: هناك أسباب لزيادة معدل الإيمان نجملها فيما يلي:
1- التعرف على الله الخالق الذي نعبده: أول ما يزيد معدل الإيمان عندك بالتعرف على الله بالعلم الصحيح، فأهل العلم هم أكثر الناس خشية لله قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، فالعلم طريق للخشية بل هو أصل الخشية، كما قال الإمام أحمد: "أصل العلم الخشية".
2- النظر والتأمل والتفكر في آيات الله المنظورة (الكون ومخلوقات الله جل شأنه)، قال تعالي: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}، وقال أيضا: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}، والتفكر عبادة جليلة القدر عظيمة النفع، يقول عامر بن عبد قيس: "سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- يقولون: "إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر".
3- التعايش مع كتاب الله فهما وتدبرا وتذوقا: وهذه صفات المؤمنين كما قال الله عنهم: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}، يقول ابن القيم رحمه الله: "قراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب وأدعى في حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن".
4- ذكر الله على كل حال: دائما -أختنا- اجعلي لسانك رطبا بذكر الله والاستغفار والتسبيح، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت".
5- مخالفة الهوى بتقديم ما يحبه الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار).
6- الاجتهاد في حضور المجالس التي يذكر فيها الله -عز وجل-، فإن لم تقدري، فالحرص على رفقة صالحة يذكروك بالله -عز وجل، وقد كان ديدن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحرص على مثل هؤلاء الرجال، وكان معاذ بن جبل يقول لأصحابه إذا جلس مع أحد منهم: "اجلس بنا نؤمن ساعة"، فالصحاب كما قيل ساحب.
قد قال الشاعر: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه.. فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقال آخر: فصاحب تقياً عالماً تنتفع بـه..فصحبة أهل الخير ترجى وتطلبُ.
وإياك والفسـاق لا تصحبنهم..فقربهمُ يُعدي وهذا مجَّــربُ.
فإنا رأينا المرء يسرق طبعه..من الألف ثم الشرُ للناس أغلبُ.
7- الابتعاد عن المعاصي لأنها سبب في نقصان الإيمان، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عودا، فأي قلب أُشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرباداً كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا إلا ما أَشرب من هواه) رواه مسلم، ومرباداً أي مخلوطاً حمرة بسواد، وكالكوز مجخيا أي كالكأس المنكوس المقلوب الذي إذا انصب فيه شيء لا يدخل فيه.
وقد قال ابن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب
وقد يورث الذل إدمانها.
وترك الذنوب حياة القلوب
وخير لنفسك عصيانها.
8- الحرص على أداء ما افترض الله والإكثار من النوافل، كما جاء في الحديث القدسي: (من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر فيه، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعـطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).
أخيراً: نوصيك -أختنا- بكثرة الدعاء واللجوء والاحتماء بالله، فلا خاب عبد دعاه ولا ضل عبد احتمي به، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسعدك في الدارين.
والله المستعان.