كيف أتوب من مشاهدة ما يغضب الله؟
2015-05-31 01:14:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أنا فتاة في سن المراهقة، مشكلتي أنني أشاهد مواقع إباحية، ولكن بصورة متقطعة، مع أنني أشعر بالندم، لأني أعلم أني أرتكب ذنبا، حتى أنني أحيانا أبكي بحرقة على ما أفعله، وأنني أخون الله، ولكن سرعان ما يدب الشيطان في قلبي وعقلي وأقوم بقطع الصلاة وأذهب إلى مشاهدتها، ثم أغتسل وأصلي، وأعلم أن صلاتي قد تكون باطلة، لكنني والله أريد أن أتوقف عنها، ويشهد الله على ذلك.
أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عيون رحمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظك، وأن يُبارك فيك، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يردَّ عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
وبخصوص ما ورد في رسالتك: فأنا أحيِّيك أولاً على تواصلك معنا، فإنه إن دلَّ على شيءٍ فإنما يدلُّ على أنك فعلاً تحبين الله ورسوله، وأنك تريدين أن تتطهري من هذه المعصية، وأنك تخافين من غضب الله عليك، وأنك حريصة على أن تكون علاقتك مع الله تبارك وتعالى علاقة طيبة.
وأُحِبُّ أن أُبشِّرك بأنك لست ضعيفة، وإنما أنت قويَّة، والدليل على ذلك أنك تتوقفين عن مشاهدة هذه الأفلام في بعض الأوقات، إلا أنك تضعفين وتعودين إليها، وتسألين مساعدة.
أقول لك: أول شيءٍ ينبغي أن تعلميه أن هذه المعاصي قرارها منك أنت، فأنت التي تفتحين هذا الجهاز، وأنت التي تدخلين هذه المواقع، أليس كذلك ابنتِي عيون؟ قطعًا ستقولين نعم، إذًا هل هناك قوةً أو هناك أحد يضغط عليك لتفعلي ذلك؟ قطعًا ستقولين لا، ومن هنا أقول: أنت الوحيدة المسئولة عن هذه التصرفات، لأنك –يا بُنيتي– أنت التي تفتحين الجهاز، وأنت التي تدخلين هذه المواقع، فأنت في حاجة أول شيءٍ إلى قرار شجاع وجريء تقفين فيه مع نفسك، وتقولين: (يا نفسي: إلى متى سأظلُّ بهذا السوء؟ إلى متى سأظلُّ في وضعٍ لا يُحبه الله تعالى؟ يا نفسي أمَا تخافين أن تموتي على هذه المعصية؟).
حاولي أن تخاطبي نفسك، واعلمي –يا بُنيتي– أنك قادرة على أخذ القرار، القرار –صدقيني– ليس مستحيلاً، وإذا رجعت مرةً أخرى فتوبي مرة أخرى، ولا تيأسي ولا تقنطي، فإن الشيطان يريد أن يقنطك، والله يريد أن يتوب علينا وأن نكثر من التوبة {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الشيطان أن يظلكم ظلالاً بعيداً}.
فأوَّلُ شيءٍ أنك تحتاجين إلى أن تجلسي مع نفسك جِلسة، دون أن يكون معك أحد، وحدك، وأن تُقرري: (قررتُ الآن عدم الدخول لهذه المواقع، قررت الآن...)، كرري هذا أكثر من مرة (قررتُ من الآن عدم الدخول لهذه المواقع المحرمة أو رؤية أي أشياء من الأشياء التي لا يُحبها الله تبارك وتعالى ورسوله). هذا أول شيء.
ثانيًا: ابحثي عن العوامل التي تؤدي إلى وقوعك في هذه الأشياء، بلا شك هناك عوامل هي التي تعينك على الوقوع في هذا، منها: أنك تدخلين إلى النت بغير خُطَّةٍ أو هدفٍ، فأنت تدخلين لمجرد التسلية، وهذا خطر، ولذلك عليك أن تُحددي الهدف من الدخول قبل أن تفتحي الجهاز، لماذا أفتح الجهاز؟ لا بد أن تُحددي –يا بُنيتي– لأنك بذلك ستستطيعين المقاومة، أما دخولك بأي وجه، عادةً الشيطان سيجد غفلة منك ليذهب بك أو ليوقعك في مشاهدة تلك المواقع.
ثالثًا: الله تعالى يقول في سورة النور: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبيرٌ بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضنن أبصارهنَّ ويحفظنَ فروجهنَّ...}، ويقول: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}، والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس، وكل الحوادث مبدأها من النظر، ومعظم النار من مستصغر الشرر.
رابعًا: من الأخطاء القاتلة تركك للصلاة، لأن الصلاة صلة بين العبد وربه، هل رأيتِ سيارة – يا بُنيتي عيون – تسير بدون وقود؟ قطعًا ستقولين لا، الصلاة هي وقود الإيمان، ولذلك سمَّاها الله إيمانًا عندما قال: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} فسمَّى الله الصلاة إيماناً، فأنت عندما تتوقفين عن الصلاة تضعفين، وبالتالي يكون السهل على الشيطان أن يضحك عليك، وأن يُعيدك مرة أخرى لمشاهدة هذه الأشياء المحرمة.
الصلاة –يا بُنيتي– تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبُعدك وانقطاعك عنها يزيدك قُربًا من الشيطان ومن الشهوات، وتقعين فيما يُغضب الله تعالى، والصلاة نور، فالصلاة الصلاة يا بُنيتي، لا تهاون ولا تسويف ولا تأخير.
إذًا: الصلاة تؤدينها في جميع الأحوال ولا تتوقفي عنها مطلقًا، حتى وإن كان الشيطان ضحك عليك أو لعب بك أو غير ذلك.
خامسًا: اجتهدي –بارك الله فيك– في ألا تدخلي الجهاز هذا وأنت وحدك، وإنما أتمنى أن تأخذي قرارًا فعلاً إذا كنت جادة –وأنا واثق أنك جادة– أنك لا تفتحي الجهاز بالليل، لأن في الليل عندما ينام الأهل يكون من السهل أن يضحك عليك الشيطان، وإنما اجعلي وقتًا مُحددًا للجهاز.
سادسًا: إذا كنت ستضعفين أخرجي الجهاز من الغرفة، واجعليه خارج الغرفة، وخذي قرارًا شُجاعًا بذلك، لأنك بذلك تُدافعين عن نفسك.
عيون، ينبغي عليك أن تُحبي عيوناً، تُحبي نفسك، أنت الآن تُدمّرين نفسك كثيرًا بالمعاصي والأخطاء، وبذلك تبتعدين عن الله تعالى، وتحرمين نفسك من توفيق الله تعالى، فلا بد أن تُحبي نفسك يا بُنيتي.
لذلك أقول: أخرجي الجهاز من الغرفة، أو اجعلي باب الغرفة مفتوحًا، ولا تدخلي في الأوقات التي لا يدخل عليك فيها أحد، وحددي –بارك الله فيك– الهدف قبل فتح الجهاز.
عليك بالمحافظة على الصلاة، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، واجعلي لك وردًا من القرآن ولو صفحة يوميًا تقرئينها، وأكثري من الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك، وغيري من هذا النمط السيئ في حياتك، الحياة أفضل من هذه الفواحش والفتن، الحياة طيبة بطاعة الله، (الدنيا ملعونة، ملعونٌ ما فيها إلا ذكر الله وعالم ومتعلم) ما أحلى الحياة في طاعة الله، يقول أحد الصالحين: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم، لجالدونا عليها بالسيوف".
أشغلي نفسك بذكر الله وبالمفيد في دينك ودنياك، وأبعدي عن نفسك هذا العبث، وقد سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ الْفَمُ وَالْفَرْجُ.
فاتقي الله، وثقي وتأكدي أنك ستنجحين هذه المرة وتكونين إنسانة رائعة.
هذا وبالله التوفيق.