أخاف أن تموت والدتي بعد أن فقدت والدي

2015-05-18 22:09:46 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أخاف من الغربة، وأن تموت والدتي بعد أن فقدت والدي، وشكرًا لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abderrahmane حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-، فأعتقد أنك تعلم يقينًا أن قضية الموت والحياة لا علاقة لها بالإنسان، ولا دخل للإنسان فيها أبدًا؛ لأن الله -تبارك وتعالى جل جلاله- استأثر نفسه بعلم مفاتيح الغيب، ومما استأثر الله بعلمه قضية الموت، {وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غدًا وما تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموت}.

الإنسان مهما كانت قدرته ومهما كانت إمكانياته العقلية والبدنية والنفسية لا يستطيع أبدًا أن يستدلَّ بهذه القُدرات على موعد وفاته وعلى سبب وفاته وعلى مكان وفاته؛ لأن هذا مما استأثر الله -تبارك وتعالى- بعلمه.

كذلك أيضًا خوف الإنسان على فقد عزيز عليه، أيضًا لن يُقدِّم ولن يُؤخِّر؛ لأن هذا الخوف ليس له مبرره وداعيه الشرعي، وإنما قد يكون أمرًا عاطفيًا نتيجة شدة التعلُّق، ولكن في الواقع هو لا يُقدِّمُ ولا يؤخِّرُ.

نحن لدينا وسائل نستطيع بها أن نُطيل الأعمار، ومنها على سبيل المثال: الدعاء، فإن الدعاء كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يردُّ القضاء إلا الدعاء)، وقال أيضًا –صلوات ربي وسلامه عليه-: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء).

أيضًا من العوامل التي تؤدي إلى طول العمر: صلة الرحم، وهذا ما أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (من سرَّه أن يُنسأ له في عمره ويُبارك له في رزقه فليصل رحمه)، ومعنى يُنسأ: أي يُؤخر.

إذًا نحن أمامنا الوسائل المشروعة التي نتوجَّه بها إلى الله –تعالى-، وقد تكون سببًا مباشرًا، وقد يشاء الله –تعالى- ألا تفعل عملها لعلم الله -تبارك وتعالى- أن الحياة هي خيرٌ للإنسان؛ ولذلك علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الدعاء: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما كان الموت خيرًا لي)، أو يدعوَ فيقول: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)؛ لأن الإنسان قد تكون وفاته أفضل له من حياةٍ مليئةٍ بالمشاكل ومليئةٍ بالمعاصي والذنوب والآثام، ومليئة بالمنغصات الصحية أو النفسية أو الاقتصادية أو غيرها؛ ولذلك نحن نقول هذا الدعاء الذي علمنا إياه النبي -عليه الصلاة والسلام-: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما كان الموت خيرًا لي) ونترك الأمر لله -تبارك وتعالى-، ولا يجوز لنا غير ذلك.

إذًا قضية الخوف هذه ليس لها حقيقةً ما يُبررها؛ لأنك شخصيًا لا تدري عن نفسك شيئًا، وبالتالي لا تدري عن والدتك شيئًا، فاترك الأمر لله –تعالى-، وعليك بالدعاء أن يُطيل الله في عمرها، وأن يحسِّن عملها، وأن يجعل خير عملها خواتيمها، وخير أيامها يوم أن تلقاه، واترك هذا الأمر لله –تعالى- ولا تشغل بالك به؛ لأنه ليس في مقدور البشرية ولا في استطاعة الإنسانية؛ لأنه مما اختصَّ الله -تبارك وتعالى- به قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

هذا، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net