لماذا يختبر الله الإنسان وهو يعلم بما سيفعله الإنسان؟ أرجو التوضيح
2015-04-28 03:02:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا أريد أن أعرف سبب خلق الله للإنسان واختباره في الدنيا عدة اختبارات، ممكن أن ينجح في الاختبارات ويفوز برضا الله، أو يغضب الله عليه، فلماذا خلقنا الله ويختبرنا في الدنيا مع أنه يعلم ماذا سنفعل هل سنرضيه أم سنعصيه؟ أي لماذا الاختبار مع أنه يعلم النتيجة فهو الله العالم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdelrahman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –أيهَا الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
ينبغي أن نعلم -أولاً-أيهَا الحبيبُ- بأن الله سبحانه وتعالى حكيمٌ، لا يفعل شيئًا عبثًا، ولا يخلق شيئًا سُدىً، وأنه سبحانه وتعالى عدْلٌ، لا يظلم أحدًا، وما ذكرته أنت من وصفك بأن الله سبحانه وتعالى يعلم بأننا سنُرضيه أو نعصيه كلامٌ صحيح، فإن الله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فقد أحاط بكل شيءٍ علمًا، يعلم ما في السماء وما في الأرض، لا يعزبُ عنه مثقال ذرةٍ في السموات ولا في الأرض، فهذا حق متقرر بالأدلة العقلية والنقلية، ولكنه سبحانه وتعالى لم يشأ أن يُحاسب الناس ويجزيهم بعلمه؛ حتى لا يدّعيَ مُدِّعٍ بأنه ظُلم، وأنه لو مُكِّن من العمل لكان يمكن أن يعمل بغير ذلك، وهذا متصورٌ في الناس متوقعٌ منهم، فإن الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً، كما قال الله تعالى، فأراد الله سبحانه وتعالى بحكمته أن يُخرج علمه هذا إلى الوجود، ويُريَ الناس أعمالهم، وأخبرنا سبحانه وتعالى بهذه الحكمة في آياتٍ كثيرةٍ من كتابه عز وجل، فقال سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمَّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}، وقال في سورة التوبة: {أم حسبتم أن تُتركوا ولمَّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبيرٌ بما تعملون} ونحو ذلك من الآيات.
والمقصود بقوله سبحانه وتعالى: {ولمَّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم} علم ظهور، أي أن يعلمه موجودًا ظاهرًا بيِّنًا للناس، لا أن يكون المقصود ليعلم الله تعالى أصل العلم، فإنه سبحانه وتعالى يعلم ذلك قبل أن يخلقنا.
ولكن من المسائل المهمة هنا –أيهَا الحبيبُ– التي ينبغي الالتفات إليها أن تعلم بأن الله سبحانه وتعالى خلقنا ومكّننا من الاختيار لما نفعل، فنحن نفعل باختيارنا، وهذا شيءٌ ملاحظ مشهود، لا يمكن أن يُنكره الإنسان، فإن الإنسان يُفرِّق بين الحركة الإرادية التي يتحركها بإرادته والحركة الاضطرارية التي يتحرَّكها بغير اختياره، هذا أمرٌ معلومٌ مشاهدٌ، فالله تعالى خلقنا ومكننا من الاختيار، ولكننا لا نخرج في ذلك كله عن مشيئة الله سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه وتعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين}.
والخلاصة: أن هذا الجواب به يتبيَّن -إن شاء الله تعالى- ما أردتَّ، ولكن نصيحتنا لك أن تُجنِّب نفسك الاستفسارات والأسئلة والخوض في باب القدر، فإن ثمَّ سِرٌّ من أسرار الله تعالى، قد يعجز الإنسان عن تصوره على حقيقته، وينبغي للإنسان المؤمن أن يشتغل بما كُلِّف به من أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، والحرص على التقرب من الله تعالى ومعرفته، فالاشتغال بما يعني الإنسان فيه كفاية ومشغلة، وهو الذي يجُرُّه إلى كل خيرٍ وصلاحٍ.
نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير.