أعاني من نقص في التأسيس والتأخر الدراسي، فهل أكمل الثانوية؟
2015-03-31 00:43:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
لديَّ استفسار مهم جداً، وأرجو الإفادة والتوضيح فيه بشكل دقيق.
إخوتي: أنا طالب في الصف الثالث الثانوي، وهذه هي السنة الثانية لي في الصف الثالث، والأسباب مهما شرحت لن تصلْ إلى قارئها.
ملخص حكايتي: أنني عانيت منذ الصغر في المرحلة الابتدائية والإعدادية من عدم اهتمام الأهل، فلم يكونوا يهتمون بي، سواء ذاكرت أو لم أذاكر، وكنت ألعب طوال الفترة الدراسية، ولم أكن أذاكر إلا قليلاً، كنت طفلاً مثل كل الأطفال، لم أكن أعرف مصلحتي.
ظهرت بعد ذلك معضلة عندما أدركت ذلك في أول السنة الدراسية في السنة الأولى لي، وما أحتاجه من تأسيسات في الرياضيات والعلوم، وكان لديّ معضلةٌ مع النحو، ولكن بفضل الله حللتها بعد الصف الثالث الإعدادي، وتفوقت فيه، ولا أدري لماذا لم أنظر إلى باقي المواد؟ ومستواي جيد جداً في الإنجليزية، فمنذ صغري وأنا أهوى تلك اللغة، وكانت أفضل ما أريد مذاكرته في صغري.
المعضلة الأكبر أني بعد (3) شهور من السنة الأولى اكتشفت هذه الفاجعة، وظللت في حيرة، هل أقسّم المواد على عامين؟ ولما كان قبل الامتحانات بـ(3) شهور قررت ألا أدخل كل المواد، وأعالج ضعفي في تلك المواد، وبدأت بالرياضيات، وللأسف أخذتْ كل وقتي حتى بدأت السنة الثانية -الحالية-، ولم أنتهِ منها، وظل جزءٌ صغير منها، وفاجعة العلوم (أذاكر الرياضيات من أجل الفيزياء، والعلوم من أجل الكيمياء، وبعض المعلومات في الأحياء، مع العلم أنني في شعبة علمي/ علوم).
قررت خوض السنة الثانية على أمل أن أواجه ذلك النقص، ولكني عند كل درس في الكيمياء والفيزياء أواجه نقاط جديدة مرتبطة بدروس من الرياضة والعلوم في السنين الماضية.
في شهر يناير قررت ترك الدروس، وإكمال ما بدأته، ولكن أهلي وقفوا لي بالمرصاد، وقالوا: لقد سمحنا لك بسنة واحدة، ولا نستطيع أن نتحمل رؤيتك في مكانك منذ (3) سنوات، فهذا إهدار لعمرك.
مع العلم أنني أعمل على إرضائهم دائماً، ولكن هذا مستقبلي، لا أريد أن أدخل أي كلية، ولا مستقبل لي بعد إنهائها، فها هو حال كثير ممن حولي، معهم شهادات كليات بعضها رديء، وبعضها عادي ومعاهد، ولكن لم يعملوا بها، ويعملون أعمالا حرة.
يبقى السؤال: هل الثانوية كل شيء؟ وهل هي مصيري المحتوم مثلما أنا متخيل؟ هل سأعاني إن لم أدخل كلية من كليات القمة؟ وللأسف تفكيري بأني إذا لم أستطع دخول كلية قمة ستنتهي حياتي للأبد، ولن أنجح في المجالات التافهة -في نظري تافهة-. أنا لا أرى في نفسي معلماً، أو موظفاً حكومياً، مع كامل الاحترام لهذه الوظائف ولأصحابها، ولا أقلل من شأنهم، ولكني لا أحبذها.
السؤال: هل أجازف وأدخل؟ مع العلم أنني لم أُنهِ مادة الكيمياء والفيزياء شرحاً ومذاكرةً، وأنهيت الأحياء، واللغة الفرنسية، وباقي أجزاء قليلة من الإنجليزية، وأيضاً اللغة العربية، وباقي من الوقت (3) شهور.
كيف أغيّر تفكيري؟ وهل سأندم بعد ذلك في المستقبل إذا دخلت هذه السنة؟ هل سألوم نفسي دائماً إذ عملت في مجال عادي، لا مركز له في المجتمع، أو بالأحرى لا قيمة له فيهِ، مع راتب هزيل يكفي لكي أدبر أوْلى احتياجاتي فقط، دون الحصول على بعض الرفاهيات؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdo حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى من الله الكريم أن يوفقك ويرشدك إلى ما فيه الخير.
الحمد لله على حرصك على النجاح، والحمد لله على طموحك العالي، ورغبتك الجادة في تحصيل العلم النافع. وعلى رغم المعاناة التي واجهتها في طفولتك إلا أنك -بحمد الله- وصلت إلى المرحلة التي أدركت فيها أهمية التعليم والعلم.
ابننا العزيز: موضوع اختيار التخصص، أو المهنة المستقبلية من الموضوعات المهمة، والتي ينبغي للفرد أن يدرسها دراسة مستفيضة قبل أن يختار؛ لأنها ترتبط بحياة الفرد المستقبلية، فإذا تم الاختيار وفقاً للقدرات العقلية والميول الدراسية، أو المهنية؛ فسيشعر الإنسان بالمتعة والسعادة وهو يدرس أو يؤدي عمله.
أما إذا تم الاختيار للتخصص وفقاً لرغبة الآخرين، أو لتحقيق أهداف أخرى غير موضوعية، فربما لا يجد الشخص نفسه في هذه الدراسة، أو هذه المهنة.
أحياناً الرغبة وحدها ليست كافية لتحقيق الهدف، وإنما لا بد من مراعاة القدرات العقلية، والميول المهنية، فبعض الطلاب ينجح في دراسته، ولكن عندما ينخرط في مجال العمل يشعر بعدم الرضا عن وظيفته.
ونقول لك -أخي الكريم-: إن الإنسان يمكن أن يبدع في أي مجال من مجلات الحياة، ما دامت له قدرات وميول تؤهله للتفوق في هذا المجال.
ابننا العزيز: بما أنك تملك المقومات الأساسية للنجاح، فتحتاج فقط لتنظيم الوقت، وزيادة الدافعية للمذاكرة.
وأما موضوع القلق والخوف من عدم النجاح فنقول لك: القلق المحمود هو الذي يعمل كمحفز ودافع للإنجاز والأداء الجيد، وأما القلق غير المحمود، وهو الخارج عن الحدود، فهو الذي يعمل كمثبط للأداء الجيد، لذلك حاول ضبط درجة القلق في الحدود المعقولة، وذلك بعدم تهويل الأمور، وإعطائها حجماً أكبر من حجمها.
وتذكر دائماً أن التوفيق بيد الله، وعليك أن تعمل بالأسباب، ولا تربط العلم بالمادة وبالوضع الاجتماعي، فمسألة الرزق هذه متكفل بها المولى -سبحانه وتعالى-، وكما قال الشاعر:
ولو كانت الأرزاق تجرى على الحجا (أي العقل) ***** هلكن إذاً من جهلهن البهائم.
ونقول لك: كم مِنْ غني لا يحمل شهادة ثانوية، بل هناك من لا يقرأ ولا يكتب. وكم من لديه أرفع الشهادات ولكنه مات فقيراً. والله -سبحانه وتعالى- يعلم أي العلوم أنفع لك في دينك ودنياك؛ لذلك عليك باستخارته، فإنك لن تندم -إن شاء الله- بعد الاستخارة.
وفقك الله تعالى، وأرشدك لما فيه صلاح دينك ودنياك.