صيام تارك الصلاة
2004-06-04 12:58:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الذي ألهمني دخول هذا الموقع الديني، والذي أتمنى من الله أن أجد مرادي فيه. أنا شابٌ عمري 20 سنة، مشكلتي تتلخص في الآتي: أخاف الله لكني أعصيه، وأعلم أن هذا ليس خوفاً بمعنى الكلمة.
لا أصلي حالياً، شهر أصلي وشهرين لا.
لا أزني ولا أشرب الخمر، ولست ظالماً، ولم أقهر أحداً، وأتصدق على المساكين.
لا أصلي بنية، ولا أصلي بصدق.
لدي من الأصدقاء اثنان، وهما لا يزنيان ولا يشربان الخمر، ومشكلتهما نفس مشكلتي.
أفهم بعض الأمور الدينية والدنيوية، وأحفظ بعض السور القرآنية، فقد حفظت عندما كنت في الـ12 سنة ربع القرآن.
أصوم الأيام المستحبة ولا أصلي.
هذه هي مشكلتي، فكيف أستطيع أن أتقرب إلى الله بالصلاة ولا أقطعها، وأصلي بصدق؟ فأنا أريد أن أتلذذ بصلاتي، وأن أكون قريباً من الله، بعيداً عن الحرام.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ابني العزيز! أسأل الله لنا ولك الهداية والثبات، ونسأله تبارك وتعالى أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
اعلم أن من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، فاجعل خوفك من الله بقدر قدرته عليك، واستحي من الله بقدر قربه منك، ولا تنظر إلى صغر المعاصي، ولكن تذكر عظمة من عصيت، وبادر بالرجوع والإنابة قبل أن تنخرم بك أيام العمر، فالموت لا يفرق بين شاب وشيخ، ولا يميز الكبير عن الصغير، وترجم هذا الخوف من الله إلى واقع ملموس. فالخوف الحقيقي يدفع للعمل بالصالحات والمسارعة في الطاعات، ويردع صاحبه عن الوقوع في المخالفات.
وتذكر أنه لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، (وأن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) ولا عذر لمسلم في ترك الصلاة ما دام فيه نَفَس يصعد ويهبط، ولا خير في دينٍ لا صلاة فيه. وإذا لم تصلِّ لله في زمن الشباب والقدرة فمتى ستركع للرحمن؟ والصلاة هي الميزان كما كان السلف يسمونها، فكانوا إذا أرادوا أن ينظروا في دين إنسان نظروا إلى صلاته، فإذا كان ممن يتردد على المساجد ويحافظ على فرائض الله في الجماعة فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والصلاة في الآخرة كذلك هي أول ما ينظر فيه من العمل، فإن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت -والعياذ بالله- فسد سائر العمل.
واحمد الله الذي أبعدك عن الزنا والخنا، والظلم والعدوان، وتذكر أن كل ذلك لا يفيد ما لم تواظب على الصلاة، وحتى الكافرين إذا فعلوا الخيرات فقد يمنحهم الله عافية وأموالاً في الدنيا، ولكن لا يقيم لهم يوم القيامة وزناً، ولا يقبل منهم صرفاً ولا عدلاً.
وتذكر أن الذي فرض الصلاة هو الذي حرم الفواحش، ولابد من أن تأخذ الدين كله، وتدخل في الإسلام كافة، ولا تجعل القرآن عضين، فتؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، (( فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ ))[البقرة:85].
وعندما تنتظم في أداء الصلوات وتحرص على الْجُمع والجماعات وتتوجه إلى رب الأرض والسماوات سوف تجد حلاوة للصلاة، وصدقاً في العبادة.
وأحذرك من تخليط الشيطان! فإنه يريد أن يصرفك عن الخير بدعوى أنك لا تصلي بصدق، وهذه من مداخل هذا العدو الذي وضعه ربنا، فقال: (( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ))[المائدة:91].
فإذا أكثرت من الصلاة والسجود لله فسوف يأتيك بإذن الله صلاح النية، وهذا أمرٌ مجرب ومؤكد، فكم من إنسان كان يفعل الخير بلا نية، ثم علم فضل النية فصحح نيته، ونال الخير والتوفيق.
أما هؤلاء الأصدقاء فأرجو أن تجتهد في نصحهم، وأعلن لهم توبتك ورجوعك إلى الله، فإن ساروا معك ووافقوك فنعم الرفاق هم، وإلاَّ فابتعد عنهم، وأنقذ نفسك، وابحث عن رفقة صالحة تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعة الله إن ذكرت، والصاحب ساحب، وقل لي من تصاحب أقل لك من أنت؟
وحافظ على ما حفظت من كلام الله، وأحذرك من هجر القرآن! فإن القرآن يدلنا على الداء والدواء، فالداء هو الذنوب، والدواء هو التوبة والاستغفار واللجوء إلى الغفار.
ولا بأس بالصيام لله، ولكن تذكر أن الصلاة هي الركن الثاني بعد الشهادتين، وأن الذي فرض الصيام هو الذي أمر بالصلاة، والإنسان لا يختار من العبادات ما يريد ويترك ما يريد، فإن فعل ذلك كان عابداً لنفسه وهواه، وليس عبداً لله.
فتب إلى الله، وسارع بالرجوع إليه، واجتهد في أداء الفرائض أولاً، ثم تقرب إلى الله بالنوافل، وبالمجاهدة والاستقامة تجد لصلاتك الحلاوة، وسوف تبعدك الصلاة عن الحرام والآثام.
أسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يأخذ بيدك إلى صراطه المستقيم، وأن ينفع بك وبالشباب المسلم البلاد والعباد.
وبالله التوفيق.