دائما أشعر بالحزن ولا أثق بأحد ولا أحسن التعامل مع الناس.. فبماذا تشيرون عليّ؟
2015-03-16 05:16:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي أنني لا أثق بأحد، وسريعة الحزن والبكاء، ولا أحسن التعامل مع الناس، فأحيانا أبدو فظةً، وأحيانا أخرى أبدو ساذجة وشديدة الطيبة، وعندما أحزن تتسارع دقات قلبي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دليلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحك بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه، فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: الحزن والبكاء، والطيبة أو الغفلة، كلها عوارض لمرض واحد قد ذكرته في بداية حديثك حين قلت: لا أثق بأحد، هذا –أختنا- هو منشأ الخلل، وهو المرض الأصلي الذي تتفرع عنه كل تلك الهموم والأحزان والأكدار، فإذا أزيل هذا المانع؛ عادت الأمور إلى طبيعتها -إن شاء الله- وعليه فلا بد أولا من معالجة فقدان الثقة.
ثانيا: سلي نفسك -أختنا الفاضلة-: لماذا لا أثق في الناس؟ هل هناك موقف ما دفعك إلى ذلك؟ هل هناك حادثة ما جعلتك تفقدين الثقة؟ هل كانت الحادثة من أحد المقربين منك مثلا؟ فإن معرفة الأسباب نصف العلاج.
ثالثا: لابد أن تعلمي –أختنا- أن الحياة مليئة بالصالحات والطالحات، وأن الخير قائم في الدنيا إلى قيام الساعة، ومن بحث عن الخير وجده، ومن بحث عن الشر أدركه.
رابعا: اعلمي كذلك -حفظك الله- أنه لا يوجد شر محض ولا خير كامل في أحد من البشر، فالناس تتغير، ونوازع الصلاح والفساد موجودة في كل إنسان، والشيطان حاضر وبقوة مع الجميع من أول يوم ولد فيه وهو معنا يوسوس لنا ويزين، لذلك قد يتعثر الصالح، وقد يتعثر الجواد، ولا يقلل ذلك من شأنه ولا من قدره، فليس ملكا كما أنك لست ملاكا منزها.
خامسا: إذا كانت الأمور على هذه الحالة، وكل فرد معرض للخطأ والصواب، وعلمنا أن الخطأ لا يدل على خبث من فعل، إذا قد يكون صالحا تقيا؛ وجب علينا ساعتها أن نقبل من الناس خيرهم، وأن ندع شرهم، وأن نغفر زللهم، وأن نقبل اعتذارهم، وأن نتوقع منهم أخطاء؛ لأن القاعدة تقول: كل بشر يخطئ ويصيب.
سادسا: التعرف على الشر كذلك ليس أمرا معيبا، إذ لا يعرف طعم الحلو إلا بمذاق الحامض، ولا يعرف فضل ضوء النهار إلا بظلمة الليل، ولا يدرك معنى البياض من لم ير السواد في حياته، ولذلك لا تقلقي من تعرضك لبعض الشر أو لأشخاص في دواخلهم إحن، لأنك حتما ستتعلمين منهم، وقد قال أبو فراس الحمداني:
عَرَفْتُ الشّرَّ لا لِلشّرِّ لَكِنْ لِتَوَقّيهِ
وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشّرَّ منَ الناسِ يقعْ فيهِ
سابعا: نريدك أن تبدئي –أختنا- بالتعرف على الناس دون الثقة فيهم، فالثقة لا تتولد إلا بعد طول زمن وطول عشرة، ومعاملة بالدينار والدرهم، ولا يعني فقدان الثقة ضعف العلاقة الاجتماعية، تعرفي على الجميع، واستمعي من الجميع، وكوّني صداقات عادية ليست عميقة، واحتفظي بأسرارك في هذه الفترة.
ثامنا: من المفيد أن تبدئي هذه العلاقات الاجتماعية بما يسمى: العلاقات المأمونة، بمعنى تعرفي على الصالحات من خواص أهلك، وابدئي معهم تلك العلاقة ولا تخافي ولا تقلقي، حتى وإن اختلفتم ستستفيدين من تلك العلاقة حتما.
تاسعا: لن يكون إلا ما قدر الله وقضى، اجعلي هذا شعارك في حياتك، اجعلي قول الله تعالى: { قُلْ لَنْ يُصِيبنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّه لَنَا } نبراسا لك في حياتك، وحدثي نفسك بذلك: لن يقع في ملك الله إلا ما يريد الله، وكل قضاء الله خير.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدر لك سعادة الدارين.
والله الموفق.