وساوسي تدمرني وعصبيتي تغضب زوجي!
2015-03-29 03:00:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عمري 24 سنة، متزوجة ولدي طفلة، أعاني من عصبية زائدة عن الحد، منذ أن تزوجت ولدي مشاكل مع زوجي.
غير العصبية الزائدة لدي وسواس أشعر بالغباء وأخجل أن أتكلم به، وهو أني أخاف أن يأتي أحد ويقتل ابنتي ويقتلني قبل النوم، وعند الاستيقاظ أبحث في كل غرفة وحمام وفي المطبخ إذا كان أحد هناك يريد قتلي أو قتل ابنتي، أتأكد من الغاز 100 مرة، ومن الباب 100 مرة تعبت وأتعبت نفسيتي، وأغسل لابنتي في اليوم 100 مرة، زوجي أصبح يكره عصبيتي، فأنا حادة الطباع معه، فأنا أرفع صوتي عليه، وأقلل من احترامه، لكني أقسم بالله أني أندم بعد ساعة من ذلك.
علمًا أني أحبه جدًا، وليس بيدي حيلة، عندما أغضب أتكلم بكلام لا أتذكره أبدًا ولا أعنيه، وأصبحت أضرب نفسي بقوة أمام زوجي.
طلبت منه أخذي لدكتور نفسي، لكنه رفض، كل مشكلة تحصل يكون السبب أنا، وبسبب عصبيتي الزائدة وشكي وغيرتي، واكتئابي، أشياء كثيرة كنت أستمتع بها في حياتي أصبحت الآن غير محببة لدي، أرجوكم ادعوا لي، فقد تعبت.
هل أنا مريضة؟ أم هذا كله من طباعي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ yasmen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرًا لك على السؤال، وعلى التواصل معنا على هذا الموقع، بهذا الحال، والذي مما لا شك فيه أن هذه حالة واضحة وشديدة من حالات الوسواس القهري.
ومن أكثر الوساوس انتشارًا هي وساوس الدين والنظافة والسلامة والمرض، وفي أي منها يمكن أن تأتي مجموعة كبيرة من الأفكار اللانهائية، وفي حالتك تكون حول سلامة طفلتك، وهل هي نظيفة فتغسليها مرات ومرات، وهل أنك أغلقت الغاز في البيت حتى أنك يمكن أن تحاولي التأكد من إغلاقه مائة مرة، ومن ثم تسألي نفسك مجددًا هل قمت بإغلاقه أصلا...؟ وكلما انتهيت من التأكد أتاك الشك من جديد، وهكذا.
وصعوبة الوساوس القهرية أنه يأتي في الأمور العزيزة على الإنسان بما هو عزيز عليه كالإيمان، وكالأطفال، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمؤمن تأتيه في إيمانه وتوكله على الله، وأنت تأتيك في هذه العادة من التشكيك في نظافة وطهارة طفلتك أو في قفل الغاز، بينما إنسان آخر تأتيه في صحته واحتمال المرض، حيث تدور في ذهنه أفكار أو جمل أو عبارات أو حتى صور وخيالات...
وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ ب"التعصيب" والغضب، وربما يتفوه بكلام يندم على قوله من بعد وكما يحصل معك، ويتساءل هل أنا شخص طبيعي، مما يضاعف في معاناته، وحتى يدخل في دائرة معيبة.
اطمئني، فكل ما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها مما لم تخبرينا بها ربما لخجلك منها، أو ارتباكك من ذكرها، كلها وساوس قهرية، لست مسؤولة عنها؛ لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لا شك تحاولين جاهدة دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدينها.
صحيح أن بعض الناس، وخاصة ممن لم يصب بالوسواس، يجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الأمر، إلا أن هذا لا يغيّر من طبيعة الأمر شيئا، ويبقى الوسواس عملاً ليس من كسب الإنسان، وليس من صنعه.
والوساوس القهرية إنما هو مرض نفسيّ قد يصيب أي الإنسان لسبب أو آخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية... وكما أن لهذه الاضطرابات البدنية علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية...
والوساوس القهري منتشر بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنه، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات، حيث يعاني أولا بصمت ولزمن طويل قد يصل لسنوات، وحتى أنت ربما تعانين منذ زمن والآن ولأول مرة تتحدثين عنه.
إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، لهو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.
ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية.
فأنصحك بمراجعة طبيب نفسي قريب من مكان سكنكم، ليقوم بتأكيد التشخيص، وشرح المرض ومن ثم البداية بالعلاج، وأرجو أن لا تتأخري في العلاج، ولا يمنعك نظرة الناس السلبية للمرض النفسي والطبيب النفسي.
ومن أهم أسباب عدم التأخير هو ما تقومين به من غسل طفلتك المرات الكثيرة، فهذا لا شك ضار بها، بل قد يصل لدرجة سوء معاملة الطفلة ولو كانت بقصد حسن، فأرجوك أن تذهبي للطبيب النفسي.
وفقك الله، وحفظك من كل سوء.