أعاني من القلق والأرق والذعر والفزع إذا نمت، فما العلاج؟
2015-02-26 02:00:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عندما أراجع الاستشارات النفسية أجدكم لا تجيدون العلاج إلا بالأدوية، وهذا جعلني لا أحبذ طريقة الاستشارة.
أنا شاب بعمر 22 سنة، ومشكلتي هي القلق، أقلق دائماً، وكنت نائماً في يوم من الأيام وفجأة أيقظتني أختي على خبر موت قريب لي، فحزنت، وكانت الأمور طبيعية بالنسبة لي، لكن بعد أربعة شهور ظهرت عندي حالة خوف من فقد من أحب سواء أماً أو أباً، وأقلق كثيرا لدرجة أني أفزع من نومي أحياناً، رغم تغلبي على وساوس الشيطان إلا أن فكرة الموت تتردد كثيرا ليس خوفاً من الموت لكن خوفاً من فقد الأحبة.
كذلك من ناحية القلق، في يوم من الأيام وقت اختبارات الجامعة جاءني قلق، وما استطعت أن أنام في الليل أبداً، وكان اختباري 10 صباحاً فلم أستطع النوم لا ليلاً ولا نهاراً، نمت فقط ١٠ دقائق واستيقظت، وكانت تجيئني هواجس أني حين أذهب وأنا ما نمت ستأتيني دوخة، ولا أستطيع حل الاختبار، ولا التركيز، وممكن يحصل لي حادث بالسيارة، رغم أني حين أذهب وأقوم بالإجابة على الأسئلة كأن لم يكن بي شيء!
بشكل عام لاحظت أن شخصيتي قلقة، وحساس وأتأثر من أي كلمة، ومن أي موقف، مع الأصحاب أو الناس أسمع كلمة فتؤثر في، وأجلس أفكر بالكلمة أو الفعل ونفس الطريقة رغم أنها ما فيها شيء، ولا أحد يمكن أن يفكر فيها.
أصبح الخوف والقلق يؤثر أحيانا على جوانب مهمة في الحياة، وفي فترة جاءتني حالة ذعر من السيارة، وعالجتها -ولله الفضل والمنة- وأحيانا تجيئني حالة فأشعر أن الدنيا اسودت في عيني!
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عمر حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذه الخدمة التي تُقدَّم من قِبل (إسلام ويب) هي خدمة تطوعية لمساعدة الناس. وقطعًا، فالموقع له ضوابطه في اختيار المختصين الذين يُشاركون في الإجابة عن استفسارات الناس.
أخِي الكريم: أنا أقدِّر تخوفك وتحفظك حول الأدوية النفسية؛ لأن الكثير من اللغط والكثير من المفاهيم غير صحيحة. عمومًا هذا موضوع يطول فيه الحديث.
الشيء المهم جدّاً في علاج أي مشكلة نفسية الآن هو المنهج الاجتماعي النفسي البيولوجي؛ لأن المشكلات النفسية أيًّا كان نوعها، فأسبابها قد تكون بيولوجية أو نفسية أو اجتماعية، وإذا كان هناك أمر بيولوجي، فلا يمكن أن يُعالج إلا بالدواء. والأدوية نعمة عظيمة، والطب النفسي تغيَّر جدًّاً. والآن إذا عالجنا القلق عن طريق الآليات المعروفة كتمارين الاسترخاء -وهي مفيدة ولا شك في ذلك- أو العلاج النفسي التحليلي، أو العلاج النفسي السلوكي، أو العلاج النفسي المعرفي، أو العلاج عن طريق التأمُّل، فهذه كلها تفيد، ولا ننكر ذلك، لكن الفائدة ليست كاملة، كما أن الناس لا تصبر على التطبيقات السلوكية، وأيضًا التطبيقات السلوكية تتطلب الذهاب إلى المعالج مباشرة، والتواصل معه، وتكرار الجلسات، وهذا أيضًا لا يصبر عليه كثير من الناس.
عمومًا، فالأدوية مفيدة، إذا وُصفت بقدرها المطلوب، ومقدارها المُحدد، والمدة الصحيحة، وتناولها المريض بالتزام. ونحن نتجنب أي دواء إدماني أو دواء يسبب ضررًا.
بالنسبة لحالتك – أيها الفاضل الكريم – هي حالة قلقية، وأنت إن أردت أن تنتهج المنهج السلوكي -وهو منهج جميل- فأقول لك: لا تقلق، واسأل نفسك: لماذا أقلق؟ ولماذا لا أحوُّل قلقي هذا إلى قلقٍ إيجابي من خلال أن أدير وقتي بصورة صحيحة، وأكون نافعًا لنفسي ولغيري ومتفائلاً ومنتجًا؟ وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا إذا وضعت لنفسك خططًاً مستقبلية، تُحدد فيها مبتغاك وآمالك وخطواتك التي تريدها لنفسك في المستقبل، وتضع الآليات التي توصلك إليها، وفي الوقت نفسه تتجنب الخوف من المستقبل، ولا تأسَ على الماضي.
موضوع أن خوفك ليس من الموت، إنما هو من فقدان الأحبة: فهذا أمر طيب وجيد، وهذا النوع من الخوف يُواجه من خلال التوكل واليقين بحتمية الموت.
أخِي الكريم: لا أريدك أن تنزعج، ولا تكن حسَّاسًا، وتواصل اجتماعيًا، والجأ إلى التفريغ النفسي، ومارس الرياضة وتمارين الاسترخاء، فهذا كله الذي أستطيع أن أنصحك به. وقطعًا، فذهابك إلى الطبيب النفسي ليحوّلك إلى الأخصائي النفسي ربما يكون مفيدًا جدًّاً بالنسبة لك.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.