أعاني من اكتئاب مزمن لم تنفع معه الأدوية وجلسات الكهرباء!!
2015-01-08 05:31:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أرجو أن يتسع صدركم -يا دكتور- حيث إن حالتي قد يطول الوقت لشرحها.
أنا شاب عمري 25 سنة، أعاني من اكتئاب مزمن منذ 10 سنوات تقريباً، ليس هناك أي سبب في حياتي قد يؤدي إلى الاكتئاب؛ فأنا أعيش في أسرة رائعة، ومترابطة، ودخلت المدرسة والجامعة، ولدي أصدقاء، أي أن الوحدة وعدم وجود أنشطة، وكوني أفكر بطريقة إيجابية أو سلبية، ليس لها علاقة بحالتي، فأنا مشكلتي كيميائية بحتة، يتغير إحساسي 180 درجة بين كل يوم وآخر، دون أن أفكر أو يحدث شيء يستدعي أن أكون سعيدًا أو حزيناً، ولكني متقلب المزاج.
أجلس في البيت ولا أشعر بأي رغبة في الخروج، أجلس بالأسابيع دون أن أخرج من البيت إلا للضرورة القصوى، لا عمل ولا دراسة، ولدي إحساس رهيب بالحزن والملل، واللامبالاة، وعدم الرغبة في فعل أي شيء، والتفكير في عدم فائدة الحياة، أشعر بصعوبة في التركيز والتفكير، وزغللة دائمة في عيني، ونسيان كل شيء، عندما أرى الناس يضحكون أشعر كم أنا تعيس، أحاول أن أهرب من هذا الشعور، وأقنع نفسي أنني أفضل، لكن بلا فائدة.
تأتيني نوبات اكتئاب رهيبة، حيث أستيقظ في الصباح وبدون أي سبب لأجد نفسي غير قادر على الحركة من السرير وأرغب في البكاء، أشعر كأن هناك جبلاً فوق صدري، وشيئاً يخنقني من رقبتي في الصباح فقط، أشعر بأنني أعيش في عالم أنا فيه وحيد، عقلي شارد، ولا أشعر بالوقت، أجلس في مكاني 5 ساعات بلا حركة، ليس عندي أي مشاعر أو عواطف، ودائمًا أشعر بإجهاد، وليس عندي رغبة جنسية.
قابلت عدة أطباء: غادة الخولي، ويحيى الرخاوي، وعبد الناصر عمر، وآخرين، بلا جدوى، نصحني الأخير بتجربة العلاج بجلسات الكهرباء، ودخلت مستشفى لمدة 20 يوماً تحت إشراف 3 أطباء، كانت مكانًا جيدًا مليئًا بالأنشطة، حيث كنت أجبر على النزول لصالة الجيم، وحمام السباحة، والرسم والتلوين، والعديد من الأنشطة كأنني في مدرسة، وهناك جدول حصص، وجربت العلاج السلوكي ولم أستفد شيئاً، وتم عمل 12 جلسة تنظيم إيقاع المخ ولم أشعر بأي تحسن، فقط فقدان للذاكرة.
جربت أدوية كثيرة: البروزاك، والسيروكسات، ولسترال، وايفكسور، وستابلون، وريميرون، وبيريانيل (كربونات الليثيوم) كل منهم على الأقل لمدة 6 أشهر بجرعات ثابتة، لم أستفد شيئًا، ومع السنين تزداد حالتي سوءاً، الآن أنا أتناول الأدوية التالية: حبتين ايفكسور ولامكتال, واريبريكس وفي الليل حبتين سيروكسات ولامكتال وأكتينون، مستمر 3 أشهر على هذه الجرعة بلا فائدة، لا أشعر بأي تحسن، حزن رهيب في الصباح، وأنام 13 ساعة يوميًا.
كيف أخرج للعمل وأنا غير قادر على التركيز؟ وذلك الشعور الرهيب يجعلني كالمشلول، كيف أتزوج بدون أي رغبة في الجنس الآخر؟ كيف وكيف وكيف؟
شكرًا لوقتكم، وأتمنى أن يكون هناك نصيحة أو دواء من سيادتكم، فأنا لم أجرب الأدوية القديمة ثلاثية الحلقات.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
أخي الكريم: قطعًا أنت قابلت كِبار الأساتذة في الطب النفسي في مصر، وقمت بأخذ الأسباب، فلا أعتقد أن لديَّ الكثير لأضيفه، وهذا يجب ألا يُشعرك بشيء من الإحباط، والذي أود أن أقوله لك: إن التغيير يجب أن يكون منك أنت، هذا واضح جدًّا، وهذا ممكن جدًّا، وأنا أقول لك –أخي الكريم–: لا حسرة على الماضي، ولا خوف من المستقبل، لأن هذا سوف يُضيِّع عليك حاضرك.
أخِي الكريم: معظم علماء النفس وعلى رأسهم (آرون بك)، أجمعوا أن الاكتئاب النفسي سببه الفكر السلبي، يعني أن الكدر المزاجي ليس الأساس، إنما اضطراب الفكر المستحوذ هو الأساس، فيا أيها الفاضل الكريم: انظر لنفسك بإشراق، انظر لنفسك بأملٍ، برجاءٍ، وضع برامج بسيطة جدًّا لإدارة وقتك، هذا مهم جدًّا، وكل إنجاز تقوم به سوف يكون له أثر إيجابي عليك.
الإنسان هو مثلث سلوكي:
الضلع الأول: هو الأفكار.
والضلع الثاني: هي المشاعر.
والضلع الثالث: هو الأفعال.
في حالتك المشاعر سلبية والأفكار سلبية، وهنالك شعور بالضجر، إذًا لا بد أن تفعّل من ضلع الأفعال. تُجبر نفسك، مثلاً:
- لا بد أن أصلي الفجر في وقته، هذا فعل، وهذا هدف قصير الأمد يمكن أن أحققه، وحين تُنجز مثل هذا الإنجاز لا شك أن ذلك سوف ينعكس إيجابًا على أفكارك وشعورك.
- أريد أن أزور صديقًا، أريد أن أزور مريضًا، أريد أن أدعوَ لوالديَّ... هذه أفعال بسيطة جدًّا، وهذه هي البدايات.
هذا هو جوهر الأمر، وهو التغيير عن طريق الأفعال، وليس عن طريق الأفكار أو المشاعر، هذا هو الذي تريده.
أما بالنسبة للأدوية، فهي متقاربة ومتشابهة، وأنا حقيقة لا أقتنع كثيرًا بالخلط بين الأدوية، دواء واحد أو اثنين يتم تناولها بجرعة صحيحة، وللمدة المطلوبة وبالتزام، مع الإصرار على حسن إدارة الوقت، وتطوير نمط الحياة، وألا يكون هنالك خوف من المستقبل، ولا حسرة على الماضي، لأن ذلك يُضيِّعُ علينا الحاضر، وعليك بالدعاء.
ومن جانبي أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد، وباركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.