كلما تذكرت ابتعادي عن صديقاتي بعد تخرجي أصاب بالحزن والقلق
2015-01-03 14:32:05 | إسلام ويب
السؤال:
السﻻم عليكم
أنا فتاة في آخر مرحلة جامعية، أعاني منذ أسبوع من أفكار أزعجتني وأفقدتني روحي المرحة، أحسست باكتئاب حيالها، ما أعانيه هو أنني ﻻ أريد أن أتخرج، وﻻ أريد ترك الجامعة، ﻻ أريد ترك دكاترتي وﻻ صديقاتي، دكاترتي يعاملونني كابنة لهم، وصديقاتي كأنهن أخواتي، بفضل من الله عشت في تلك الجامعة أجمل سنين عمري.
أعاني الآن من تعب نفسي شديد، وأنا أفكر أني بعد بضعة أشهر لن أراهن! وﻻ أسمع ضحكاتهن! سأفقدهن سأفقد حبهن، واهتمامهن، وكل ما يربطني بهن، الآن أذهب للجامعة وكأني روح بلا جسد، التزم الصمت طيلة الوقت، جامعتي هي بيتي الثاني إذا لم تكن هي الأول.
أكتب لكم ودموعي تنهمر، أريد تخطي هذه الحالة، أريد أن أتناسى موضوع التخرج، وأعيش أجمل ما بقي من أيام معهن، أريد عﻻجًا سلوكيًا فقط.
دمتم بتوفيق من الله ورعايته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بوح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحلة الدراسة الجامعية تعد مرحلة مهمة في حياة الكثيرين بما تحمل من صداقات مميزة، ونمو للفكر والذات، لو سألت من قبلك من زميلات لوجدت شبه إجماع حقيقي على تعرضهن لمشاعر الحزن لمفارقة الحرم الجامعي، ومفارقة من سقاهن العلم النافع من أساتذة أفاضل، ومفارقة رفقاء الدرب طلبًا للعلم والمعرفة.
ابنتي وحبيبتي ما تمرين به من مشاعر مررنا بها جميعنا، فما أصعب لحظات الفراق على النفس، فكيف بفراق من ترعرع فكرك وسطهم، ونضجت بمساعدتهم ودعمهم، ولكن يبقى جسر الود متصلاً، ومشاعر المحبة تجمعنا بمن نحب، فلا المكان ولا الزمان شرط لاستدامة التواصل، ولكن قلوبنا هي حجرات تفتح لمن نحب دائمًا وأبدًا، وتيقني أن الحب يستمر بالتواصل مهما بعدت الأماكن.
ابنتي الحبيبة أقدر حبك لأساتذتك ومشاعرك تجاه صديقاتك وارتباطك بالحرم الجامعي، ولكن اعلمي أن التواصل لا يحده مكان، تستطيعين التواصل معهم جميعًا وبكل سهولة بعد انتهاء سنوات الدراسة، فما زلنا إلى لآن تربطنا أجمل العلاقات وأرقاها بزملاء مقاعد الدراسة وأساتذتنا الأفاضل باختلاف المراحل الدراسية، اضحكي مع زميلاتك، وامرحي معهن، وتبادلي معهن أروع المشاعر واللحظات، وجددوا العهد معًا على مواصلة التواصل، والالتقاء حتى خارج أسوار الجامعة، فكما قلت لك سابقًا التواصل لا يحده زمان ولا مكان، بالعكس قد يكون تواصلكم بعدها في العمل، وفي صحبة دائمة.
هنا أذكرك أنك إذا كانت علاقتك بمن تحبين لله، وفي الله فلن تنقطع، وستدوم ويظل صداها دومًا في كل مكان، العلاقات لا تنتهي بانتهاء المهمات، فالدراسة الجامعية مهمة، أما حبك لزميلاتك وأساتذتك فهي ليست مهمة وتنتهي، إنما هي مشاعر جميلة نعيشها كلنا، وتروي حياتنا دائمًا وأبدًا بالسعادة.
أما عن خوفك من فقد حب واهتمام زميلاتك وأساتذتك، فيجب يا غاليتي أن تعلمي أن ما كان لله دام واتصل، فاحرصي على أن تكون علاقتك بهم لله، وفي الله، ولن تنتهي محبتهم واهتمامهم بك إن شاء الله تعالى.
ابنتي الحبيبة: الحياة رحلة جميلة نغذيها بالعلاقات الإنسانية الرائعة، وأنت إنسانة رائعة بروعة اهتمامك بهذه العلاقات وهذا ما تلمسته من خلال رسالتك الشجية، والتي ترجمت طيبة قلبك وحبك للآخرين، من اليوم ادخلي جامعتك وأنت ترسمين الابتسامة على وجهك، وتطلقين عبارات متفائلة لحث الزميلات على مد جسور التواصل بعد انتهاء الدراسة، واربطي علاقتكن بإنجازات تشيدونها معًا تترك أثرًا في جامعتكن، فالعمل الخالص لوجه الله يجمع أصحابه دومًا، واحرصي على تدريب نفسك على غرس مشاعر التفاؤل بامتداد جسور التواصل، فمن قوانين العقل الباطن المهمة أن الإنسان يحصل على ما يفكر به، ( أنت ما تفكر به ) فإذا تفاءلت وفكرت باستدامة العلاقات مع من تحبين فستحصلين على ما تريدين.
اعلمي -رعاك الله- أن العبرة في تمام الأعمال في اعتمادها على إخلاص العمل لله، فاجعلي محبتك لهم جميعًا في الله ولله، واحرصي على عمل أعمال تجمعكم معًا وتكون خالصة لله، ولن تتفرقوا إن شاء الله أبدًا، واحرصي على عدم ارتباط قلبك وتعلقك بأحد إلا لله، وهذا ما يحدث التوازن النفسي، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أوثق عرى الإيمان الحب والبغض في الله عز وجل).
في النهاية أتمنى لك الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، وأتضرع إلى الله العلي القدير أن يوفقك في دراستك الجامعية، ويحقق لك أهدافك وطموحاتك، وينور قلبك بنور طاعته، ويرزقك حبه وحب من يحبه.
والله الموفق.