أخاف من أشياء كثيرة كنت أعملها سابقا.. هل حالتي تستدعي علاجًا؟
2014-11-09 02:27:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
منذ 5 سنوات أصبت بعرض مرضي، ولكن -الحمد لله- كل التقارير والفحوصات كانت جيدة، ولكن منذ سنتين تقريبا صار لي مثل: الخوف والقلق، الخوف من الموت، وأحيانًا الخوف من السقوط مغشيًا عليّ، وأحيانا أخاف الجلوس مع الناس، مثل: اﻻجتماعات وغيرها.
كنت ألقي محاضرات وحاليًا أخاف الظهور، ودائمًا أعتذر عند اﻻجتماعات التي فيها محاضرة، حتى أنني في الفترة الأخيرة أخاف من الذهاب للصلاة في المسجد جماعة، وخاصة صلاة الجمعة وإذا ذهبت أذهب متأخرًا.
عندما أصلي مع الإمام أشعر بأن قلبي يدق بسرعة كبيرة، وبأنني سوف أسقط، ويغمى عليّ؛ لذلك أحيانًا أجلس في الصلاة خشية السقوط.
أتمنى أن أكون في الصفوف الأولى مثلما كنت قديما، كما أنني أحيانًا أخاف أن أسوق السيارة بمفردي؛ لذلك دائمًا يأتي أحد معي بالسيارة، لم تنتابني أي حالة ذعر قوية جدًا فقط شعور بتسارع دقات القلب، وحالة من القلق.
دائمًا أخاف أن أكون بمفردي مثلا أن أموت، وﻻ أحد ينقذني، كما أنني كنت منذ فترة أسافر بالطائرة، ولكن حاليًا أخاف الطائرة خوفًا من أن تنتابني حالة من الهلع في الطائرة.
علماُ بأني مقتنع اقتناعًا تامًا بأن الشيطان يوسوس لي، وخاصة في الصلاة، لكنني لا أستطيع أن أزيحه من حياتي.
ما نوع الحالة التي عندي؟ وهل حالتي تستدعي علاجًا؟ وما هو؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هوِّن عليك ولا تحمل همومًا حول معاناتك هذه مع المخاوف، من الواضح أنك تعاني من قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي.
المخاوف – أخي محمد – كثيرًا ما تكون تراكمية تبدأ بشيء بسيط، ثم تنتقل لموضوع آخر، وهكذا تأخذ هذه الصفة التجمُّعية وتُصبح مركَّبة، ويتصور الإنسان أنها مصيبة كبيرة، وهي ليست كذلك، هي شيء واحد، حتى وإن تعددت مشاعر الإنسان نحوها، أو ازداد مصدر خوفه، أو تنوّع، أو تشكَّل فهي واحدة، ونسميها (قلق المخاوف)، هذه النقطة الأولى مهمة جدًّا أريدك أن تستوعبها.
النقطة الثانية – أخي الكريم -: المشاعر التي تأتيك بأنك سوف تفقد السيطرة على الموقف، أو أنك سوف تسقط أرضًا أو سوف يُغمى عليك هنا، أو في الصلاة أو وسط الآخرين، هذا ليس شعورًا صحيحًا، هذا لن يحدث لك أبدًا، أنا أؤكد لك هذا وأرجو أن تأخذ ما أقوله لك – أيها الفاضل الكريم -.
إذًا تصحيح المفاهيم مهم جدًّا، وأريد أن أضيف أيضًا نقطة هامة، أحب دائمًا أن أذكرها للإخوة والأخوات، وهي: ألا أحد يراقبك، ولا أحد يستشعر مشاعرك، خفقان قلبك هو قلبك أنت، لا يراه الآخر، ما تحسُّ به من تلعثم ليس كله حقيقي، مبالغ فيه، الرجفة لا توجد رجفة، التعرق لا يوجد تعرق، أنا أؤكد لك هذا، إذًا هذه النقطة يجب أن تكون بدايتنا الصحيحة نحو العلاج، فأرجو – أخي محمد – أن تستوعبها جيدًا.
النقطة الثالثة: كل المخاوف وكل الوساوس تُعالج من خلال التحقير، ورفضها، والقيام بفعل ما هو ضدها، وألا يكون الإنسان متجنبًا، فيا أخي الكريم: أطلق لنفسك العنان، صلِّ في الصفوف الأولى في المساجد، اذهب وشارك الناس في مناسباتهم، مارس الرياضة الجماعية مثل: كرة القدم، كن دائمًا في الصفوف الأولى، صِل الأصدقاء، صِل الأرحام، قم بزيارة المرضى في المستشفيات، هذا كله علاج وتأهيل، وفيه أجر وفيه خير، أريدك أن تنتهج هذا المنهج.
النقطة الأخيرة هي العلاج الدوائي: بفضل من الله تعالى الآن لدينا أدوية وأدوية كثيرة، ثوابت علمية رصينة وقوية تثبت أن هذه الأدوية مفيدة جدًّا دون أن تُسبب ضررًا للإنسان.
أخي الكريم: حتى تطمئن نفسك اذهب وقابل أحد الإخوة الأطباء النفسيين ليصف لك أحد الأدوية التي يراها مناسبة، ومن وجهة نظري: عقار (زولفت)، والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين)، سيكون هو الأفضل في حالتك، لا تتردد في تناوله، دواء سليم، دواء فاعل، آثاره الجانبية قليلة جدًّا، ربما يزيد من شهيتك قليلاً نحو الطعام، ربما يزيد عندك النوم قليلاً في الأيام الأولى، وبالنسبة للمتزوجين قد يؤخر القذف المنوي قليلاً، لكنه لا يؤثر على هرمون الذكورة، ولا يؤثر على الإنجاب أبدًا.
الزولفت يتم تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً، وقوة الحبة خمسين مليجرامًا، تتناولها بعد الأكل لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين ليلاً – أي مائة مليجرام – وهذه هي الجرعة العلاجية تستمر عليها لمدة خمسة أشهر، بعد ذلك تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم حبة يومًا بعد يومٍ لمدةِ شهرٍ، ثم حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدةِ شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أخي الكريم: الالتزام بتناول الجرعة الدوائية حسب ما هو موصوف من أهم وسائل نجاح العلاج والاستجابة الإيجابية بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وعافاك وشفاك الله تعالى.