رغم ما أبذله من جهد وعناء إلا أنني لا أحقق أهدافي!!
2014-11-04 02:59:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعاني من صعوبة في حياتي، وأقل الأمور أبذل جهداً كبيراً جداً لكي أحصل عليها، وبعد جهد ووقت، وقد لا أحصل عليها في النهاية، أو حتى لا أحصل على ما كنت أرجو لقاء تعبي وجهدي.
أشعر بأن عدم التوفيق يلاحقني في كل أموري، وأرى من حولي أمورهم تسير بسهولة ويسر، بل تحدث الأمور وتتم على أكمل وجه، دون تدخل منهم، بل وهم جالسون بمنتهى الراحة، ولا أي جهد، حتى ولو بالتفكير في الأمر.
مع العلم أنني أصلي بانتظام، وأقرأ القرآن، وأحافظ على الأذكار، ولا تزال أموري صعبة على كل الأصعدة، وغيري لا يتكبد حتى عناء ذكر الله، بل لا يصلي من الأساس، وبالرغم من هذا فحياته سهلة، ورزقه متسع، ويأتيه المال من دون جهد، وهو في مكانه دون تعب، أو حتى سعي، وأنا قد أعمل على الأمر ليلاً ونهاراً وبكل ضمير وجهد، ويفشل في النهاية، أو يتوقف كل شيء ويتجمد، ولا أحصل حتى على نظير تعبي، فهل حقا خلق الله بعضنا في شقاء، وهذا هو مصيرهم حتى الموت، مهما تعبوا واجتهدوا؟ ما هو الخطأ في حياتي، وماذا علي أن أفعل حتى تتحسن أموري ويتقبلني الله؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقعك ونشكر لك الاهتمام والسؤال، وندعوك إلى تجنب الحزن والاغتمام، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يحقق لك المقصد والمرام، وأن يملأ قلبك بما يقدره لك الكريم المنان.
وأرجو أن تعلمي أن نعم الله مقسمة، والسعيدة هي التي تتعرف على نعم الله عليها، وتشكر المنعم الوهاب، وحذاري من أن تشتغلي بما عند الناس وتمدي عينيك إلى ماعندهم؛ فإن ذلك يشغل ويتعب ويورث عدم الرضا، وقد أحسن من قال:
فإنك متى أرسلت رائداً *** لقلبك أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وأرجو أن تعلمي أن نعيم الدنيا منقص، وأنها لا تزن عند الله جناح بعوضة، ولو كانت كذلك ما سقى الكافر منها جرعة ماء، ولذلك فقد يحرم من الدنيا بل يسجن فيها الكريم بن الكريم، ويتمتع فيها لكع بن لكع، وكم هي حقيرة هذه الدنيا التي افتقر فيها الكليم وجاع فيها رسولنا الكريم حيث ربط الحجارة على بطنه!
ونصيحتنا لك أن تغيري هذه النبرة التي يشم منها رائحة الاعتراض، مع أنك -ولله الحمد- تنغمسين في أعظم النعم وأنفعها، وهي نعمة الصلاة والدين، والعظيم يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، لكنه لا يعطي الدين إلا من أحب، وكل ما يرى للناس هو زهرة الحياة الدنيا، والزهرة قصيرة العمر، جميلة في المظهر، لكنها منتنة في داخلها، وهي تشبه الدنيا، وقد قال العظيم: "لنفتنهم فيه"، فأهلها في اختبار وما أقل من ينجح فيه، ثم ختم بأعظم النعم: " ورزق ربك خير وأبقى"، قال العلماء من الدين والصالحات.
وقد قيل للإمام أحمد متى الراحة، فقال: عند أول قدم يضعها المؤمن في الجنة، فهنيئا لمن تعب اليوم ليرضى غداً، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
وحتى تكسبي الأجر عليك إظهار الرضا، ولن تعرفي مقدار ما أنت فيه إلا إذا نظرت إلى من هم أسفل منك في الدنيا، كما هو توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هم فوقكم كي لا تزدروا نعمة الله عليكم"، فإننا نخاف على من تعترض أن تفقد الدنيا وتخسر الآخرة.
والإنسان لا يعرف أين ولا كيف ولا متى يأتيه الخير "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً"، ولو علم المبتلى مقدار الثواب لتمنى أن يطول البلاء، وكم من مبتلى قطع تضرعه ودعاءه لما جاءه الفرج، فكانت خسارته أكبر، كيف لا وقد انقطع عن الله.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.