الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنوار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
ما تعانين منه ربما يكون نوعاً من اضطراب المزاج، وله أسباب عديدة، وهي التي تسببت في منعك من الاستمتاع بالحياة. والآن -الحمد لله- فقد أدركتِ ذلك، وهذا نصف علاج المشكلة؛ إذ أن التغيير ممكن إذا فكرتِ فيه بصورة جادة.
أولاً: نقول لك -يا ابنتنا العزيزة-: أنت ما زلت في ريعان شبابك، وما زال المستقبل -إن شاء الله- يعد بالكثير، وما زالت فرص تحقيق الآمال والطموحات أمامك واسعة. ما بالك بأناس في عمر السبعين، وما زال عطاؤهم لم ينضب، ومنهم من حفظ القرآن في هذا العمر، ومنهم من حصل على شهادات الماجستير والدكتوراه في هذا العمر، والأمثلة كثيرة.
فنطلب منك أن تبعدي شبح العجز واليأس الذي خيم على قلبك وفكرك، واستبدليه بروح التفاؤل والنظرة المشرقة للحياة؛ فأنت -مؤكد- لديك العديد من القدرات والطاقات؛ فقط محتاجة لتفجير واستثمار بصورة جيدة، وإن شاء الله تصلين لما تريدين.
انظري إلى حال من هم أضعف وأقل منك صحة وعلماً وقدرة ومهارة، تعلقوا بالحياة فأبدعوا فيها، وحققوا الكثير من الإنجازات في مجالات حياتية مختلفة، فلمعت أسماؤهم، وكبر شأنهم، وصاروا من الأعلام؛ فما تم ذلك إلا بقوة عزيمتهم وإرادتهم ومثابرتهم.
ولتكن الظروف التي أنت فيها -الآن- بمثابة دافع للتغيير، وتذكري أن من وظائف الإنسان الأساسية في هذه الحياة هي عبادة الله تعالى، وتعمير الأرض بكل ما هو متاح وممكن؛ لإسعاد نفسه وإسعاد من حوله.
فاخرجي من هذا النفق المظلم -الذي وضعت فيه نفسك واستسلمت له-، وبادري بوضع خطتك وتحديد أهدافك: ماذا تريدين؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنين تحقيقه؟ وما هي المكانة التي تريدين تبوؤَها وسط أسرتك ومجتمعك؟ ثم قومي بإختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك، واستشيري في ذلك ذوي المعرفة والعلم، وأصحاب الخبرات الذين تثقين فيهم، وحاولي اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك.
واعتبري المرحلة التي تمرين بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة، بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل. واعلمي أن كل من سار على الدرب وصل؛ فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى ونستعين بالله تعالى ونتوكل عليه، ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده -سبحانه وتعالى-، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون).
فأي إنجاز -ولو بسيط- سيؤدي -إن شاء الله- إلى تغيير نظرتك عن نفسك، وإلى زيادة ثقتك بنفسك. ولا تهتمي إلى تعليقات الأهل عن تفضيل جنس على آخر؛ فهذه مقارنة لا تجوز، وغير مقبولة شرعاً؛ فلولا النساء لما كان الرجال، ولكل دور في هذه الحياة، وما أعظم دور المرأة.
وبخصوص الأفكار التي تراودك بالانتحار، فاعلمي أنك إن فعلت ذلك -لا قدر الله-، فستنتقلين من عذاب إلى عذاب أشد، ومن تعاسة مؤقتة إلى تعاسة أبدية، ونحن نعلم أنك لن تفعلي ذلك بإذن الله، وأنها مجرد وساوس من الشيطان، فاجتهدي في الانصراف عنها ولا تتجاوبي معها، وراجعي حكم الانتحار أو التفكير فيه: (
262983 -
110695 -
262353 -
230518).
أخيراً: نوصيك بالمواظبة على فعل الطاعات، وتجنب المنكرات، والإكثار من الاستغفار، فإنه مفتاح الفرج.
شرح الله صدرك، ووفقك لما فيه الخير.