لا أستطيع أن أتحدث لشخص ما وأنظر إليه في نفس الوقت!
2014-04-27 04:55:05 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
لدي مشكلة، وأعتقد أنها بدأت منذ مرحلة الثانوية، أي وأنا بعمر 16 سنة, والآن أنا بعمر 20 سنة، لم ألاحظ هذه المشكلة إلا منذ فترة, عندما ظللت أفكر فيما يحدث معي.
المشكلة هي أنني لا أستطيع أن أتحدث لشخص ما، وأنظر إليه في نفس الوقت، فأنا فقط أتحدث وأوزع نظراتي حول المكان، وإلى الشخص، وحاولت أن أنظر لمدة طويلة فوجدت الكلمات اختفت وذهني أصبح فارغا، وتنتهي المحادثة بشكل غريب جدا.
عندما أفكر بالأمر أجد أن هذه المشكلة موجودة بي منذ بضع سنوات, فأنا لا أذكر أنني كنت هكذا في طفولتي حتى في بداية مراهقتي.
أرجو أن تساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ gawaher حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا بهذا السؤال.
يبدو أنك من أصحاب الشخصيات الحساسة نوعا ما، وما وصفت من ارتباكك عند النظر في عيني أو وجه المتحدث، فكثير مما ذكرت لأمر طبيعي، وخاصة مع سنك اليافع.
يمكننا أن نصنف هذا الارتباك ضمن حالات الرهاب الاجتماعي، فبعض الناس ليس عندهم شيء من الخوف أو الخجل والارتباك في الظروف العادية، إلا أنهم يشعرون بالحرج والارتباك عند النظر في وجه من يتحدثون معه، وخاصة مع من هم في مكانة اجتماعية أو إدارية أعلى منهم، وهذا الأمر طبيعي، وإن كنا نسميه الارتباك الاجتماعي.
لا بد في موضوع الرهاب الاجتماعي من ذكر أن وضوح التشخيص هو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.
ما هو الحل؟ مما يفيد هنا أن تدركي طبيعة ما يجري معك أنها حالة من الانفعال العاطفي عند النظر إلى المستمع أو المتحدث، وأنت تتكلمين معه أو أمامه، ومن ثم قد تجدين نفسك غير راغبة في الكلام أو تشعرين بالارتباك بهذا الكلام، أو كأن الكلام قد طار كليا من رأسك، ولذلك فقد تقررين عدم الحديث مع الناس.
من أهم علاجات الرهاب والخوف والأكثر فاعلية هو العلاج المعرفي السلوكي، وكما هو واضح من اسمه، أن لهذا العلاج النفسي جانبين، الجانب المعرفي: والذي يقوم على التعرف على الأفكار السلبية التي يحملها المصاب، والعمل على استبدالها بأفكار أكثر إيجابية، ومنها مثلا فكرتك عن هذا الموقف عندما تنظرين في وجه المتحدث، وما يمكن أن تتوقعي حصوله.
الجانب السلوكي: والذي يقوم على إعادة تعليم المصاب بعض السلوكيات والتصرفات الصحيّة كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب المواقف المزعجة كلقاء الناس، يقوم العلاج بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى تتعلمي من جديد كيف أن هذه المواقف والأحاديث ليست بالمخيفة أو الخطيرة، كما تتصورين حاليا.
يشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي، أو الاختصاصي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.
بالإضافة لهذه المعالجة المعرفية السلوكية، يمكن للطبيب النفسي أن يصف لك أحد الأدوية، التي تحسن من ظروف العلاج، ويبقى العلاج الرئيسي هو العلاج السلوكي.
هناك العديد من الأدوية المفيدة، ويتحدد الدواء المناسب بعد تقييم الطبيب النفسي لحالتك بالشكل الشامل والمناسب.
ولا أقول: إنك بالضرورة تحتاجين لزيارة الطبيب النفسي، وإنما يمكنك أن تحاولي القيام بهذا بنفسك لتتجاوزي هذه الصعوبة عن طريق الإقدام، وعدم تجنب اللقاء بالناس والحديث معهم.
بشيء من التدريب والتدرّج ستجدين نفسك أكثر جرأة، وأقل ارتباكا في مواجهة الناس، والحديث مع النظر في وجوههم، ولكن حاولي أن تتحلي ببعض الصبر، وستجدين تغيّرا كبيرا وفي وقت قصير بعون الله.
وفقك الله، وأطلق لسانك بالطيب من الكلام.