أعاني أنا وإخوتي من غضب أبينا وصراخه علينا، ما نصيحتكم؟
2014-03-20 02:47:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعاني معاناة حقيقية مع والدي، لا أعرف ما الطريق إلى النجاة منها؟! أؤكد لكم لست الوحيد من بين أسرتي أعاني، فإخوتي أيضا يعانون.
والدي مستفز ومحبط، لا يرفع من هم أبنائه ولا يحفزنا لكي نبلغ النجاح، كل همه المال، صراحة علاقته معنا أصبحت بين إدارة وموظفين تحته، نعمل من أجله، ونرسل له من أجل المال, وأكون صادقا، والدي يعطينا من هذا المال مرات القليل ومرات الوسط، لكن والله إني لا أحتاج إلى مال ولا داعم، إنما أحتاج إلى مربي يدعمني ويرفع من ثقتي بنفسي، ولا يثبطني عن همتي.
كل هم والدي جلب المال من أجل أن يطعمنا ويطعم نفسه، لكن ما جدوى ذلك من غير تربية, أثر علي كثيرا نفسيا، مثلا عند تعلمي سواقة السيارة أثر علي نفسيا، وكان يعلمني بالصراخ ورفع اليد أمامي وأنا سائق!
كم سبب لي من الألم ما الله به عليم، ولكن رغم ذلك أصبحت أسوق ولكني أخاف أن أسوق له من رهبة سابقة آلمتني كثيرا.
أعلم أن والدي يريد مصلحتي، لكن ما جدوى هذه الصرخات والبطش إلا تخويفنا, وأؤكد لكم أني أصبحت لا أستطيع مجالسته، خوفا من الكلام معه، لأنه أبدا لا يعرف كيف يجذب أبناءه إليه!
أعلم أن رضا الوالدين مهم، وأوصانا به الله، والله إني صابر، وأعلم أني أنا وأخوتي مبتلون بوالدنا، من ناحية التربية، فتربيتنا كانت بالخوف، وسلوكنا قومناه بالخوف، وأي شيء في منزلنا كان مبنيا على الخوف.
لهذا طاعة والدنا كانت طاعة عمياء! وما هذه تربية، رضا الوالدين مهم لكن أليس على أبي أن يراعي شعورنا، ويرفع من ثقتنا من أنفسنا بدل أن ينقصها؟! ألم يوصه ربي بتوقير الأبناء؟
تربية والدي جلبت لي الكثير من الجوانب السلبية، ولست قادرا على الفكاك منها، ومنها عدم الثقة بالنفس والخوف! فتبا لهذا، والله إني أشعر بالحزن عندما أرى والدا ينصح ابنه بعدم عمل كذا أو كذا، وأنا عند نصح والدي لي تكون بالصراخ!
أفيدوني في هذا أثابكم الله، فأنا في محنة والله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابننا الكريم في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير.
حقيقة أفرحنا وأسعدنا قولك (والدي يريد مصلحتنا) وهذا هو الذي ينبغي أن نؤكد عليك، ولكنه بلا شك أخطأ الطريق، وفي هذه الحالة نحن نتمنى من أبنائنا أن ينظروا إلى نيَّاتنا وقصدنا لا إلى تصرفاتنا، فالتصرفات والشدة والزجر مرفوض، ولكن إذا نظرنا إلى النية ورغبته في أن نكون رجالاً ورغبته في مصلحتنا وفي أن نتعود على العمل، عند ذلك ينبغي أن نقدر هذا الذي يحدث.
الحمد لله أنتم في عمر تستطيعون أن تمتصوا فيه صدمات الماضي، فلا تقف طويلاً أمام هذه الأمور، وعليكم أن تصبروا على الوالد – كما قلت – وتُحسنوا إليه، وتتجنبوا ما يُثير غضبه، واعلموا أنه يسعى في مصلحتكم – بلا شك – وربما كان الصراخ الزائد والشدة الزائدة والخوف الزائد، كل هذا لأنه شديد الشفقة عليكم، شديد الحب لكم، والوالد دائمًا يريد أن يرى أبناءه أفضل أبناء على وجه هذه الأرض، بل لا يوجد إنسان على وجه الأرض يتمنى أن يكون الآخر أفضل منه سوى الوالد أو الوالدة والمعلم الصالح والمعلمة.
لذلك أرجو أن تنتبهوا لهذه الجوانب، ونسأل الله أن يعينكم على الصبر على هذا الوالد، ولا تحمل نفسك فوق طاقتها، واعلم أن الإنسان يؤجر على صبره على الوالد، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، بل نتمنى من أمثالك – وهذا يدل على نضجك – أن تشجع إخوانك على الصبر، وتفهم ما يحتاجه الوالد، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وكم تمنينا لو أن الآباء أدركوا – كما قلت – حاجة أبنائهم إلى العطف والشفقة، بل حاجتهم في أن يكونوا كالأصدقاء معهم عندما يصلوا إلى هذه المراحل العمرية المتأخرة، يحاورونهم، ويشاورونهم، ويقنعونهم، ويلاطفونهم، ويشاركونهم، وبهذا يكسبون أكثر من الشدة.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.