أعاني من القلق النفسي والاكتئاب بسبب الوساوس.. فهل هناك علاج لحالتي؟
2014-02-17 03:29:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله..
بداية جزاكم الله خيرا لما تقدمونه من نصائح للناس تساعدهم في محنهم، وجعله في ميزان حسناتكم.
بعد انتهائي من دراستي الثانوية جلست في البيت لعدم توفر الدراسة الجامعية وقتها، ولكن مع نهاية تلك السنة جاءتني دوخة فظيعة، ذهبت على إثرها للطبيب، فقال لي: بأنه لا يوجد عندك شيء، ولكن الأمر لم يزدني إلا مرضا، فحصلت الأعراض تباعا، حيث كانت بدايتها شعور بالدوخة، ثم تعب شديد أحس به مع التنفس بقوة وكأني سأموت، فذهبت 3 مرات في 3 أيام للطبيب، وكان يقول لي: لا شيء عندك، واستمر الأمر لمدة أسبوعين، وكانت تأتيني ضيقة في الصدر بين الحين والآخر أيضا، والتفكير بأني سأجن قريبا وهكذا، وجاءتني حالة أخرى في الأسبوعين التاليين، وهي: الخوف الشديد عندما يحل الليل، فكنت أضيئ نور الغرفة وأسهر إلى الفجر، وأحيانا أقضيها بالبكاء الشديد، ولا أعرف لماذا؟
عندما يأتي النهار أرتاح قليلا، وأستطيع النوم، وتعاودني الحالة في الليل وهكذا، استمرت حالتي هذه شهرين، ثم أتتني الحالة الشهيرة وهي الخوف من الموت، فذهبت كل الأعراض السابقة فجأة، وتركتني مع الخوف من الموت لمدة سنة كاملة، عانيت الأمرين فيها، بعد ذلك سافرت واندمجت مع الآخرين، وذهب عني الخوف من الموت، مع أنه خلال سفري كانت تأتيني الأعراض السابقة ولكن بصورة خفيفة وعلى فترات.
عندما رجعت كانت الحالة كانت مستقرة نوعا ما، وكلما كان يأتيني وسواس الموت أحقره، لأني قرأت عنه وعرفت نوعا ما أن أتعامل معه، وعشت طبيعية تقريبا إلى أن حصلت المصيبة -والحمد لله- على كل حال، أيضا بدايتها دوخة فظيعة وأعراض موت تماما، ثم عندما هدأت النوبة فوجئت بأعراض مزعجة جدا، وهي ضغط في بطني وصدري، ولسعات في جسمي، وأعصابي مشدودة تماما، ولا أستطيع التحكم فيها، ومشكلتي أني كثيرة التفكير في أي عرض أجلس أفكر فيه ولا أستطيع نسيانه أبدا، ولهذا يزيد الأمر علي، واستمرت الحالة لمدة شهرين، ولم أعد أحتمل، فقررت الذهاب إلى الطبيب، ولكنه قال لي الكلام المعتاد أنت بخير، سوى شيء بسيط في الأمعاء، والأسوأ هو الذي حدث بعد ذلك، فقد جاءتني ضيقة شديدة في الصدر لم أطق فيها نفسي، ولا أي أحد، ولا أي شيء، لا أدري ما هذا؟
تذهب قليلا عندما أتكلم مع أحد عنها، ولكنها كانت تعود وبشدة في اليوم التالي، حتى عندما أخرج، إذا فكرت فيها تأتيني مباشرة وتفسد علي متعتي، في هذا الوقت بدأت أقرأ كثيرا عن الأمراض النفسية، وكانت تأتيني وساوس بأني مصابة بهذا المرض وذاك، وهذا يؤدي إلى اضطراب في جسدي، وفقدان الشهية، وفقدان الحياة، والأسوأ عندما أكون بخير تأتيني الوساوس بأني يجب ألا أكون بخير، أنا مريضة وستأتيني ضيقة الصدر حالا، وهكذا طول اليوم أجلس بانتظارها، ويفسد يومي كله، حقا أنا في دوامة إلى الآن، وخائفة ولا أدري ما هي هذه الأعراض؟ وهل يمكن العلاج منها؟ وهل يمكنني الزواج؟
علما بأن عمري 22 سنة، ولقد تعبت حقا، ودائما أقول بأنني مصابة بأمراض نفسية، ولا شفاء لها، وأني سأظل هكذا طوال عمري، أظن بأنني أصبت باكتئاب، لأني عرفت بأني مصابة بأمراض نفسية، وأظن القلق النفسي والهلع منهما.
في نيتي الذهاب إلى الطبيب النفسي، فهل تنصحوني بذلك؟ وهل الأمراض النفسية تأتي فجأة؟ أم لابد أن يكون الشخص سببا في ذلك؟
آسفة حقا على الإطالة، وأتمنى الإفادة وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فرسالتك ليست طويلة، إنما هي واضحة وجيدة ومفيدة، وكل المعلومات التي زودتنا بها جعلتني على درجة عالية جدًّا من اليقين أن الذي تعانين منه هو حالة بسيطة كما ذكر لك الطبيب، ولكن الشيء الوحيد الذي أريد أن أضيفه أنها مزعجة بالفعل.
أنت تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، وهذه المسميات أو المصطلحات الثلاثة يجب ألا تزعجك، لأنك لا تعانين من ثلاثة أمراض مختلفة، هي علة واحدة متداخلة (قلق – خوف – وساوس) وكلها تسير وتدور في حلقة مفرغة واحدة.
هذه الأعراض تزداد وتنقص حسب الظروف وحسب المثيرات، يعني الذين يخافون من الموت حين يموت شخص عزيز عليهم تجد أن خوفهم قد يزداد، وحين يسمعون عن موت أحد يسألون ما هو مرضه، وهكذا. فإذن هنالك مثيرات وروابط تُثير القلق والمخاوف الوسواسية.
أيتها الفاضلة الكريمة: حالتك هذه -إن شاء الله تعالى- ليست ضعفًا في شخصيتك أو ضعفًا في إيمانك، إنما هي ناتجة من مجرد حساسية نفسية، وربما تكون هنالك بعض التراكمات الحياتية البسيطة، ونسبة لحساسيتك حدث نوع من التجسيم والتضخيم لما تعانين منه، إذن اطمئني.
وحالات القلق والوساوس والمخاوف كثيرًا ما تكون مصحوبة بأعراض جسدية (ضيقة في الصدر، شعور بالإنهاك، التوتر، تسارع ضربات القلب) كلها أعراض مصاحبة للحالة النفسية، وذلك نسبة لتغيرات فسيولوجية طبيعية تحدث في الجسم.
الذي أريده منك هو: أن تتفهمي تشخيص حالتك، وكنتُ حريصًا أن أشرح لك ذلك، وأقول لك أنك لست مريضة، إنما هي مجرد ظاهرة.
ثانيًا: هذه الحالات تتلاشى تدريجيًا مع مرور الزمن والأيام والعمر.
ثالثًا: تجاهل الأعراض، وأن تسعي لأن تعيشي حياة صحية ممتازة يساعدك كثيرًا. والحياة الصحية تتطلب:
- التمسك بالدين.
- بر الوالدين.
- التوازن الغذائي.
- الحرص في اكتساب المعرفة والاجتهاد في الدراسة.
- تنظيم الوقت بصورة صحيحة.
- الترفيه على النفس بما هو طيب ومباح.
- أن يكون لك دور كبير وفاعل في أسرتك.
- التواصل الاجتماعي الصحيح الصالح والجميل مع الصالحات من الفتيات، وأن يكون لك أهداف في هذه الحياة، أهداف تجعلك تعيشين حياتك الآن بقوة، وفي ذات الوقت تفكري في المستقبل بأمل ورجاء.
هذا هو المطلوب منك وليس أكثر من ذلك، وأنا قطعًا أفضل أن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًا، ليس لأن حالتك معقدة، ولكن أعتقد أن ما سيُسديه لك أيضًا من نصائح وكلمات طيبة سوف يكون له وقع إيجابي جدًّا على نفسك، وفي ذات الوقت أنت تحتاجين لدواء بسيط جدًّا يعرف علميًا باسم (إستالوبرام)، ويسمى تجاريًا باسم (سبرالكس)، وهو دواء فاعل جدًّا للعلاج أو المساعدة في علاج قلق المخاوف الوسواسي، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
سؤالك الأخير: هل الأمراض النفسية تأتي فجأة أم لابد أن يكون الشخص سببًا فيها؟
أولاً أنت لا تعانين من مرض نفسي، إنما هي مجرد ظاهرة وبصفة عامة الأسباب الوراثية ربما تعلب دورًا سببيًا، وذلك من خلال زيادة قابلية الشخص للمرض النفسي، يعني أن الوراثة لا تعلب دورًا أساسيًا في تكوين المرض وظهوره، ولكن ربما تهيأ الإنسان لهذا المرض إذا كان لديه هشاشة نفسية وتوفرت ظروف حياتية غير مواتية، هذه تسمى بالعوامل المرسبة والعوامل المهيئة، متى اجتمعت ربما تؤدي إلى ظهور الحالات النفسية، وفي كثير من الأحيان السبب لا يُعرف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.