هل أعود لدعوة الفتاة التي ارتكبت معها المعاصي سابقا؟
2014-02-13 03:18:54 | إسلام ويب
السؤال:
بارك الله فيكم وتقبل منكم جهودكم
أردت من فضيلتكم نصحي حول موضوع أهمني ويتعلق بالعلاقات غير الشرعية وعواقبها السيئة.
كنت في بداية شبابي في حالة من الغفلة، ولم أكن أهتم اهتماما شديدا بديني للأسف, وفي تلك المدة تعرفت على فتاة عن طريق الإنترنت، وكنا نتواصل كثيرا، وكانت كما توهمت مجرد صداقة، ثم تطورت بعد مدة إلى حب وغرام وهذه الأمور.
هذه الفتاة هداني الله وإياها كانت تسكن بعيد جدا عني، فلم نكن نلتقي لكن قررنا أن تزورني هي وأهلها، وهم للعلم ليسوا مسلمين، فحصل ذلك وتعارف أهلي وأهلها، ونحن للأسف كنا نحتال ونذهب لوحدنا وفعلنا أشياء والحمد لله أنها لم تصل إلى درجة الزنا.
بعد ما رجعت هذه الفتاة إلى بلدها، وبعد ما مرت الأيام، كنت أفكر بجدية أن أتزوجها، وكنت أحاول أن أدعوها للإسلام وتقبلت ولله الحمد البعض مما علمتها، لكني لاحظت على نفسي وهي لاحظت أني بدأت أتغير قليلا, كنت على طريقي لتحسين وضعي مع ربي وله الحمد، كانت تلك الأيام بداية التزامي، ومع أني كنت أريد أن أرشدها وأعلمها الدين إلا أني لعلي تعجلت في بعض الأمور وقصرت تقصيرا شديدا، ولم أركز على ما يهمها ولكن الحمد لله على كل حال.
والآن أشعر أني فعلا شددت على أمور لعله كان من الأفضل عدم الدخول فيها، استمر الحال وبدأنا نبتعد عن بعضنا، حتى أتي اليوم الذي قررت أن أنهي علاقتنا التي استمرت لا أدري لعلها كانت أربع أو خمس سنوات، والحمد لله أني خرجت من تلك الحالة التي لا ترضي الرحمن وذقت مرارة معصيته والعياذ بالله، أسأل الله أن يعفو عني وعن جميع المسلمين.
سؤالي لكم أيها الكرام: ماذا تنصحوني به تجاهها الآن بعد مرور سنين من افتراقنا، وأنا لا أزال أشعر بالذنب؛ حيث أخشى أن أكون شوهت لها صورة ديننا الجميل وفتحت عليها باب شر عظيم؟
أنا لا أريد أن نعود لعلاقتنا ولكني أريد أن أصلح أخطائي، فهل تنصحون أن أكلم والدتي لتبين لها بعض ما أردت أن أوضح لها؟ هل تنصحون بذلك أم أكتفي بالدعاء لها وتركها؟
ونصيحتي لكل شاب وشابة ألا يسلكوا هذا الطريق المظلم، وأن يصبروا حتى يمن عليهم ربهم بالزوج أو الزوجة, وآسف على الإطالة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة التي حملتك لكتابة هذه الاستشارة، بعد أن نهنئك بتوبة التواب عليك، وأبشر بهذا الخير، واثبت على هذا الدرب، وتعوذ بالله من شيطانٍ يريد أن يردك إلى الوراء، ويريد أن يُدخل عليك الأحزان، وهم هذا العدو أن يُحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئًا إلا بإذن الله.
نحب أن نؤكد لك أن التوبة النصوح تجُبُّ ما قبلها وتمحو ما قبلها كما جاء عن رسولنا – عليه صلاة الله وسلامه -: (التوبة تجُب ما قبلها، والإسلام يجُبُّ ما قبله، والهجرة تجُبُّ ما قبلها) وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
ولذلك ندعوك إلى أن تستمر على هذا الطريق وتثبت على ما أنت عليه، ولا مانع من أن تتواصل الوالدة أو الأخوات معها لنصحها وإرشادها وتذكيرها بالله تبارك وتعالى، وحبذا لو آمنت ودخلت في دين الله على يد الوالدة أو الأخوات، أما أنت فلا ننصحك بالعودة لمكالمتها، أو لمراسلتها، ولكن لا مانع إذا كلمتها الوالدة ودخلت في الدين وأسلمت لله رب العالمين أن تقبل بها بعد ذلك زوجة، تكمل معها مشوار الحياة، وفي كل الأحوال فإن دعوتها إلى الله تبارك وتعالى عن طريق الوالدة أو عن طريق الأخوات سيكون فيه خير كثير، ولكن بالنسبة لك لا ننصح بالعودة إلى تلك العلاقة؛ لأنها قد تعود بك إلى نفس الخطوات، وهذا من مداخل الشيطان.
نحن نريد للإنسان أن يثبت، ونفضل دائمًا أن تقوم النساء بدعوة النساء، وأن يقوم الرجال بدعوة الرجال، وحتى لو تعرفت أنت عليها في البداية فلا مانع من أن تُكمل معها إحدى المحارم هذا المشوار – مشوار الهداية – وفي ذلك بيان لها أن المسلم عندما يلتزم بدينه له حدود في هذه العلاقة ينبغي أن يلتزم بها، بل بالعكس مثل هذه الرسائل أحيانًا يكون لها أثر طيب على نفسيات هؤلاء؛ لأن هذه الأساليب والتوجيهات الشرعية فيها الخير، وهي تلامس الفطرة، والفتاة أيضًا تعاني من العلاقات الآثمة كما يعاني الرجل، ولذلك هي تسعد وتفرح عندما تعرف هذه المعاني من طُهر هذا الدين، وكثير من غير المسلمات دخلنَ لما عرفن طُهر الإسلام، لما امتنع الشباب المسلم عن المصافحة أو عن الممارسات التي كان يقوم بها، سألنَ عن السبب، فلما علمنَ أن هذا من الدين دخلنَ في دين الله تبارك وتعالى.
لا تظن أن هؤلاء الذين يعيشون في الشهوات سعداء، هم أتعس الناس، والسعادة والعفة واللذة والطمأنينة في طاعة الله تبارك وتعالى، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وإذا حفظ الإنسان بصره وحفظ نفسه من الفواحش وجد إيمانًا يذوق حلاوته في قلبه، وطمأنينة يسعد بها في الحياة، ويستطيع كذلك العفيف أن يسعد في حياته الزوجية والأسرية؛ لأنه قدم رضا رب البرية.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونشكر لك المشاعر الإيجابية، ونسأل الله أن يهديها إلى الحق، وأن يعينك على الثبات، وأن يلهمك السداد والرشاد.