لدي خوف من السقوط والأماكن المرتفعة والضيقة، والموت.
2014-01-26 04:36:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا فتاة عمري 19 سنة، أنا حزينة جدا، وأحس أن المرض الذي عندي ليس موجودا، فأنا أصف ولم يفهمني أحد، فتركت دراستي بسببه، أحس أني لست كاللواتي بعمري بل كأني عجوز، بدأت حالتي بوساوس وقلق وخوف حول السقوط، ثم أن أضيع أو فقدان العقل، ثم تطورت إلى نوبات الهلع والشكوك حتى في أمي وأبي، اختفت الشكوك وخفت الوساوس بعد معاناة 3 أشهر بالدعاء فقط، وهذا من فضل الله علي.
بعدها قررت البوح لأهلي والذهاب لطبيب نفسي، فذهبت للدكتورة ووصفت لي السبرالكس وشعرت بتحسن كبير بعده، الحالة التي معي الآن والتي لم يفهمني فيها أحد، هي أن كل شيء أريد أن أفعله خصوصا في الخروج من المنزل، أو عمل شيء، أتخيل الموقف وأفزع وهو ليس موقفا مخيفا، وأماكن كنت أذهب لها طيلة حياتي، وأقول في نفسي كيف كنت أذهب؟ وإذا أردت أن أذهب لمكان لم أذهب له من قبل أود أن أراه وأقلق، أو عندما أمشي أقول كيف أقدامي حملتني؟ كيف لم أسقط؟ كيف قلبي لم يتعب من النبض؟
دائما أربط ماذا سيحصل لي بالأماكن والموت، مثلا أتجنب السفر لخوفي من وقوع حادث، أتجنب الخروج من المنزل لخوفي من السقوط والدوخة، إذا هممت بقراءة القرآن قبل النوم أقول هذه آخر مرة أقرأه، وإذا اتصل بي أحد أو بررت والداي أقول سأموت، أربط كل شيء بالموت، وهو ما جعلني قلقة جدا، حيث أني أشعر أني أمشي والموت أمامي.
بالنسبة لمخاوفي، هي خوف من السقوط والدوخة، والأماكن المرتفعة والضيقة، والموت وفقدان العقل والوالدين، والخوف من الكوارث، حيث أني عندما أكون بمكان عام أقول سوف يحدث تفجير، أو حريق أو تماس كهربائي أو سيسقط المبنى، ولدي خوف من الأمراض، أصبحت كالطفلة لا أريد الخروج من المنزل، ولا أريد الابتعاد عن أمي وأبي ولا أخرج وحدي، مع العلم أني كنت عكس ذلك تماما، وذات شخصية اجتماعية ومحبوبة جدا، لا أعلم ما الذي حصل لي، أحس أن حياتي انتهت.
أنا على ثقة تامة بك يا دكتور محمد، أرشدني إلى الطريق الصحيح.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
سوف أجيبك إجابة مباشرة أرجو أن تقتنعي بها، اطلعت على رسالتك وتفهمتها تمامًا في حدود ما أملك وأعرف، -وإن شاء الله تعالى- أنا على درجة كاملة من اليقين أنك تعانين من المخاوف الوسواسية، وليس أكثر من ذلك. أنا مقتنع وأعتقد معك أنها سخيفة، أنها معطلة، لكن أرجو أيضًا أن تقتنعي أيضًا أنه يمكن علاجها.
مشكلتك الأساسية هو القلق الافتراضي، أو القلق التوقعي، أنت تقدمين القلق الوسواسي على كل خطوة تريدين أن تخطيها، وهذا ليس بالأمر الصحيح. الإنسان حين يكون خارجًا من المنزل يكون لديه هدفًا، لكن يجب وهو خارج أن يسمِّي الله تعالى ويقول (توكلت على الله)، كثيرًا ما ننسى هذا الدعاء الطيب، هذا يُحفزنا ويقوّينا، ومن تلك اللحظة يعرف الإنسان أنه في حرز الله وفي حفظه.
دعاء الركوب، الناس تقوله، وهذا أمر جميل يُفرحنا كثيرًا، لكن كم من الناس يقوله بتيقن وتدبر وتفكر وتأمل؟! صدِّقيني مَن يتمسك بهذه الأدعية ويقولها على أصولها، وتكون قناعاته الفكرية بها مطلقة، لن تُصيبه مخاوف، ولن تُصيبه وساوس.
أنا لا أريد أن أختزل الأمور أو أبسطها، لكن أريد أن ألفت نظرك لعلاجات بسيطة جدًّا كثيرًا ما نقفز عليها ونبحث نحو الدواء، ونحو التحليل النفسي وغيره، هذا علم لا نرفضه بل نمارسه، وقدَّم الكثير من الخير للبشرية، لكن أعتقد أن مخاوفك كالخوف من السقوط، الخوف من الموت، الخوف من كذا وكذا، هذه كلها مخاوف نسميها بالمخاوف الاستباقية الافتراضية، لن تحدث -أيتها الفاضلة الكريمة-، والشيء إن لم يحدث الإنسان يجب ألا يزعج نفسه به، إذًا لديك مهمة كبيرة جدًّا، وهي ألا تقلقي استباقيًا، وعليك بالدعاء في هذه المواقف.
الأمر الثاني، وهو: أن تتذكري مآثرك الشخصية، أنت في بدايات سن الشباب، أنت أمامك أيام طيبة وجميلة -إن شاء الله تعالى-، أنت لديك الآن فرصة من أجل البزوغ والتميز العلمي الكبير، هذه كلها فرص عظيمة، أمامك فرصة عظيمة جدًّا أن تكوني بارة بوالديك، لتري الدنيا بانفتاح ونور عظيم -إن شاء الله تعالى-، ولك أجر الآخرة أيضًا.
لا بد من التأمل، لا بد من التدبر، وهذا هو الذي يعالج نفوسنا. الوسواس يجب أن يُحقَّر، ويجب ألا يُناقش، وإن كان الوسواس ذكيًّا، فيجب أن تكوني أذكى منه من خلال تحقيره والإغلاق عليه وعدم حواره.
لا شك -أيتها الفاضلة الكريمة- أنك في حاجة للعلاج الدوائي، وأنت أحسنتِ حين ذهبت إلى الطبيبة، وتناولت السبرالكس، أنا أرى أيضًا أنك الآن محتاجة للسبرالكس أو لأي دواء آخر مشابه له، ولا تتحرجي من مدة العلاج أبدًا، العلاج يستمر سنة، سنتين، ثلاثة، لا بأس في ذلك، أنت لست مدمنة، وهذه الأدوية سليمة ولا تؤثر أبدًا على وظائف الجسم الرئيسية، ولا تؤثر على الهرمونات النسائية على وجه الخصوص.
فإذًا تواصلي مع طبيبك، خذي ما ذكرته لك من إرشاد، والذي قصدتُ به في المقام الأول هو التغيير المعرفي والفكري، هذا مهم جدًّا ويساعدك كثيرًا، وبعد ذلك تناولي الدواء، -وإن شاء الله تعالى- سوف تجدين أن الأمور أفضل مما كنت تتصورين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.