ظروف دراستي في بريطانيا أضرت علاقتي الزوجية كثيرا، ما نصيحتكم؟
2014-01-13 02:07:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
مشكلتي تكمن بأنني لا أعرف من المقصر بحقوق الآخر، أنا أم زوجي؟
أعترف بتقصيري، حيث أنني أكمل تعليمي العالي في بريطانيا، ومن المعروف أنها من أكثر الدول التي تستخدم أسلوب الضغط النفسي في التعليم، بحيث لا يوجد وقت لعائلتي، ورغم ذلك أحاول جاهدة بعد أن أنتهي من مهامي العلمية أن أجلس مع زوجي ونتحدث ولكن لا أجده، أصبح زوجي كثير السهر حتى أصبح بشكل يومي وعند عودته للمنزل فقط يريد النوم، أحتاج له ولمحبته ولحنانه ولكن في وقت ضيق ومحدود ليس بملكي.
أهملت نفسي والمنزل حتى أصبحت لا أطبخ إلا في نهاية الأسبوع من شدة الضغط الدراسي، هو يعرف مدى صعوبة الدراسة، ويعلم أنني أكدح لأجل مستقبلنا وهذا ما يوترني، ويجعلني أكرهه أحياناً، لأنني أشعر بأنني أقوم بدور الأب بالمنزل وهو لا يكلف نفسه حتى بالجلوس بالبيت ليساعدني على عبئي، أنا التي أصرف على المنزل لأنه بإجازة بدون راتب نظرا للبعثة، كله باختياري ولكن شيئاً يؤلمني بداخلي عندما أصرف على المنزل وهو فقط يهتم بسهراته وسعادته، لأنني تمنيت لو يكمل دراسته خلال إجازته بحيث تعتبر فرصة ذهبية له، لكنه دوما يقابل طلبي بالرفض.
مرت سنة البعثة –والحمد لله- بنجاحي وحصولي على الماستر، ولكن حين عودتي لم يتغير زوجي وما زال يسهر حتى الفجر، ولا أجد وقتا لأجلس معه، وما زلت أصرف على المنزل، وعندما أعاتبه يغضب ويصفني بـ"محبة المشاكل"، ويلومني ويلومني حتى أفقدني الثقة بنفسي، لدرجة أني أصبحت أرى نفسي غير جميلة على الرغم من أنني وُصفت بملكة الجمال يوما ما، ولكن لا أرى نفسي كذلك، لأنني أشعر بداخلي أنني رجل ولست أنثى بسبب زوجي الذي جعلني أقوم بدوره.
ومن ناحية العلاقة الخاصة أنا من أبادر دائما، لأنه يتعذر بقوله: إنه لا يحب أن يطلبني وأنا مرهقة أو غير مستعدة فلا يستمتع، فيفضل أن أطلبه أنا، ولكن أيضا هذا الشيء يحزنني على نفسي، فأهملته حقيقة ولم أعد كالسابق، وحتى لا ألبس سوى البيجامات وزاد وزني عن قبل، وكلما قابلته إما أن نكون صامتين -طبعاً هو الذي يصمت-، أو على الوتس أب، أو ينام، وأغلب وقته خارج المنزل مع أصحابه، وأعلم أنه هروب، وكلمته ألف مرة: لماذا تهرب؟ وصارحني. ولكنه ينكر ويقول: أنت غبية، تفهمين الأمور بشكل عكسي؛ يحاول أن يحطمني دائماً في تفكيري ويجعلني الغبية البلهاء.
الآن أنا أتساءل: هل إهمالي له طبيعيٌ لأنه لا يبادلني أي مشاعر اشتياق أو حب، ولا يعطيني الفرصة للجلوس معه أساساً؟ ويعتبر أي نقاش وعتاب مشكلة ووجع دماغ.
تعبت -والله-، وأصبحت "أتنرفز" منه، وحالتي في الأسوأ من حيث مشاعري تجاهه، وألوم نفسي كثيراً أن ما يحدث بسببي أنا، أرجوكم أريد حلا، أو مكتب استشارات في جدة أذهب له شخصياً.
وشكرا لكم لسماعي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تولين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وبخصوص ما ورد برسالتك فإن مما لا شك فيه أن العلاقة التي قامت بينكما في بلاد الغرب ألقت بظلالها على علاقتكما الخاصة ببعضكما البعض، فانشغالك في الدراسة وحرصك على التميز، وإنهاء الدراسة على خير يبدو أنه أخذ وقتاً غير قليل مما كان مخصصا لبيتك وأسرتك، خاصة لزوجك، وأيضاً تفرغه بلا عمل ومحاولة إعطائك الفرصة لتثبتي وجودك هذا أدى به للهروب من المنزل، والبحث عمن يضيع وقته معه وقت فراغه، ووجد مما لا شك فيه فئة ساعدته على ذلك وكان يقضي معها معظم الأوقات، ولذلك أصبح عنده مركز اهتمام جديد في حياته غيرك وغير الأسرة؛ لأنه إذا رجع للبيت وجد إنسانة مجهدة متعبة، ليست لديها قدرة على العطاء الكافي، وإن كانت تحاول التجمل لكنها تعاني، ولعل هذا الأمر ظهر عليك دون شعور منك، مما جعله يحاول أن يعيش حياته، وأن يستغل الفرصة المتاحة في إسعاد نفسه.
كذلك إهمالك لنفسك ومسألة الطعام وغيره، كل ذلك ألقى بظلاله، وفوق ذلك استعداد زوجك لخوض تجارب جديدة مع أصدقاء جدد يعوض من خلالهم هذا الأمر.
لا أستطيع القول أنك مسؤولة 100% عن هذا الأمر المتردي، ولكن أقول لقد ساهمت بحد كبير في وجوده، بسبب انشغالك بالدراسة وصعوبتها وضغوطها، وزوجك لم يتحمل هذا، وهو رجل وجد فراغا ومالا تقدميه له، فأراد عيش حياة عبثية ووجدها بسهولة مع فئة على شاكلته، وكان من الممكن أن يأخذ برأيك ولكن يبدو أنه ليس من النوع الجاد.
أقول الأمر يحتاج قبل البحث عن استشارات نفسية وأسرية، يحتاج لجلسة مصارحة تعيدون فيها الحياة الزوجية لطبيعتها، خاصة أنكم الآن في بلدكم، ولا يوجد ما يكدر صفو علاقتكم الزوجية سوى هذه الفوضى التي ورثتموها في بلاد الغرب.
أتمنى أن تحثيه على هذه الجلسة بعيدا عن جو الأسرة، تذهبان إلى مكان وتناقشان هذا الأمر في مكان هادئ، بدون إتهام وإساءة ظن له، وهو كذلك لا يتهمك، وقولي له: نحن نريد حل هذه المشكلة وأن نعيد الحياة الزوجية لطبيعتها، وبيني له ظروفك، ولا تعتبي عليه ولا تقولي له: أنت السبب، وإنما قولي له حياتنا أصبحت في كذا وكذا، ونريد الحل، فإن استطعتما الوصول لحل مقنع، وصبرت عليه حتى يتحقق ذلك، فحسن وسيكون رائعاً، وأعتقد أنه ممكن -بإذن الله-، خاصة أنكما على ثقافة ووعي، وإن قدر الله ولم يتيسر لكما ذلك فلا مانع من الذهاب لأحد مراكز الاستشارات، وهي منتشرة -لله الحمد- في جدة، وأعتقد أنكما ستجدان الحل، واعلمي أنه لا توجد مشكلة إلا ولها حل، واعلمي أن أسوأ الحلول هو الطلاق، فحافظي على أسرتك.
هذا وبالله التوفيق.