أعيش في عزلة رغم رغبتي في الحصول على أصدقاء، فكيف السبيل؟
2013-12-29 03:36:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم...
أنا فتاة عمري 20 سنة، أغلب وقتي أجلس لوحدي، جلوسي مع أهلي يكون لدقائق معدودة، عندما تحدث لدينا مناسبات أو يزورنا ضيف، أظل في غرفتي ولا أخرج، وهذا الأمر أصبح يزعج أمي كثيراً؛ لأنه لم يعد لديها أي عذر تقوله عندما يسأل الناس عني, حتى أصبحت تقول لي أنني انطوائية، أو مصابة بالتوحد, وأنا أقول لها بأنني لست كذلك، ولكنني لا أحب هؤلاء الناس، ولا أخرج معها لزيارة الأقارب, وإذا حصل وخرجت لمقابلة الضيوف، فإنني أظل صامتة لا أتكلم إلا عندما يسألونني، وأشعر بالملل سريعاً، وأغادر.
أنا أخبركم بمشكلتي لأنني لا أريد أن يأخذوا عني فكرة سيئة، لا أريدهم أن يعتقدوا أنني مريضة نفسية، لأنني لست كذلك، أريدكم أن ترشدوني كيف أصبح إنسانة اجتماعية؟ فأنا لست جيدة في إدارة الحوارات والمواضيع، وليست عندي الثقة الكاملة أو الشجاعة لعمل الصداقات، دوماً أشعر أنني لن أعجبهم ولن يفهموني، وسيشعرون بالملل مني، لأنني إنسانة هادئة بطبعي ولا أحب التحدث لوقت طويل كما يفعلن الفتيات، عندما أرى الجميع لديه أصدقاء أشعر بالحزن؛ لأنه ليس لدي مثلهم -كان لدي أصدقاء لكنهم تخلوا عني، وبعدها لم أقم بتكوين صداقات؛ لأنني لم أستطع الثقة بأي أحد-، وأظل أقول لنفسي بأنني لا أحتاج إلى أي أحد، لكن أؤمن بأن هنالك أوقات سأحتاج صديقا بجانبي، أريد أن أكون تلك الفتاة التي لديها علاقات اجتماعية كثيرة، وكثير من الأصدقاء، أريد أن أكون شخصاً محبوباً من كل الناس.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ gawaher حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الناس تختلف وتتفاوت وتتباين في درجة تفاعلها الاجتماعي، فهنالك شخصيات قد تكون انطوائية بطبعها، وتحجم عن التواصل الاجتماعي، وهنالك شخصيات أيضًا مفرطة في هذا التواصل الاجتماعي، وكلاهما نعتقد أنه ليس بالأمر الجيد.
حالتك يمكن أن تعالج، وذلك لسبب بسيط جدًّا، وهو أنك مدركة لمشكلتك، الإنسان حين يعرف صعوباته ومشكلاته يستطيع أن يعالجها، ولكن الذي لا يُدرك ما به هنا تكون المشكلة. أنت مدركة وهذا أمر جيد جدًّا، وهذا الإدراك وهذا الوعي نسميه (إدراك الذات) أي أنك مدركة وواعية بذاتك، وهذا أمر جيد.
بعد ذلك تأتي خطوة تعديل السلوك أو إصلاح الذات، وهذا أمر يتطلب منك دفعًا نفسيًا إيجابيًا، وأفضل طريقة هي أن تضعي برامج يومية، تقولي (سوف أقوم بكذا، سوف أخرج مع والدتي لقضاء مشوارٍ ما، سوف أتحدث مع صديقتي عن طريق التليفون، سوف أتناول وجبة الغداء مثلاً مع الأسرة) هذه المهام الاجتماعية يجب أن تكتبيها على ورقة وتحددي وقتها وتتأملي فيها وتطبقيها، الخطوات العملية هي المهمة والضرورية.
ثانيًا: كجزء من إدراكك لنفسك يجب بالفعل أن تكوني أكثر تعمّقًا في الأمور التي قد تأتيك من العزلة الاجتماعية، بالفعل الناس سوف تبني عنك فكرة سلبية، أنت فتاة يجب أن ترسمي صورة جميلة في عقول ونفوس ونظر الآخرين، حتى تتوفر لك -إن شاء الله تعالى- حياة زوجية ممتازة، وتجدين الزوج الصالح -بإذن الله تعالى-، ففكّري وتأملي على هذا السياق، وهذا في حد ذاته يمثل دفعًا نفسيًا إيجابيًا.
ثالثًا: عليك بتطوير المهارات الاجتماعية، تطوير المهارات الاجتماعية يتطلب أن تُكثري من القراءة والاطلاع، لأن الإنسان الذي يملك ناصية المعارف يستطيع أن يخاطب الآخرين، وعليك أيضًا أن تطوري من المهارات الاجتماعية البسيطة جدًّا، أن تعرفي كيف تحيي الناس، هذا أمر بديهي لكنه أساسي، واعرفي أن تبسمك في وجوه أخواتك صدقة، وأن تكوني انفعالية بصورة إيجابية، وأن تبدئي أنت بالكلام، وحين يحييك أحد تحيه أن تردي بتحية أحسن منها، وهكذا، إذًا تطوير هذه المهارات الاجتماعية البسيطة مهمة وضرورية جدًّا.
النقطة الرابعة هي: الحرص على التواصل الاجتماعي الجماعي، وهذه يمكن الحصول عليها من خلال الذهاب إلى حلقات تحفيظ القرآن، هنالك حلقات لتحفيظ وتدارس القرآن للنساء، وهنا سوف تجدين نفسك فيما نسميه بالعلاج الجماعي الاجتماعي الدعوي في نفس الوقت، هنا سوف تجدين أن التفاعل الاجتماعي هو عملية تلقائية وعملية حتمية في ذات الوقت، وهذا قطعًا يوسع من معارفك ومن مقدراتك.
خامسًا: الحرص على بر الوالدين، بأي طريقة، هذا فيه خير كبير، ويدفعك -إن شاء الله تعالى- دفعًا إيجابيًا ممتازًا.
النقطة الأخيرة هي: أن تطلعي على بعض الكتب خاصة الكتب حول الذكاء العاطفي، الذكاء العاطفي هي الطريقة التي تعلمنا كيف ندرك أنفسنا ومشاعرنا ونتعامل معها بصورة إيجابية، وكذلك ندرك مشاعر الآخرين ونتعامل معها أيضًا بصورة إيجابية، هذا فيه خير كبير جدًّا، أنت لست في حاجة لعلاج دوائي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.