تعلقي الشديد بأهلي حرمني من تحقيق حلمي في الدراسة!
2013-11-25 04:14:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 28 سنة، وأنا الكبرى بين أخواتي، والفتاة الوحيدة أيضاً متعلقه جداً بأهلي، وأعتمد عليهم كثيرا،ً ولم يسبق لي السفر لمدة طويلة بعيداً عنهم.
كانت لدي بعثة دراسية للخارج، وكنت متشوقة جداً؛ حيث أن ذلك كان حلمي منذ مدة طويلة، قبل السفر بثلاثة أيام تقريباً، أصبت بنوبة بكاء شديدة، وضيق في الصدر، وكانت هذه الحالة تلازمني عندما أكون بمفردي؛ حيث أنني أكتمها عندما أكون مع أهلي، حتى لا أجعلهم يقلقون علي، لكن بعد اليوم الأول من هذه الحالة، شعرت بألم في معدتي وغثيان وخوف شديد، ثم لازمت السرير لمدة خمسة أيام، كنت أشعر أن شيئاً سيئاً سيحدث قريباً، فكرهت حقيبة سفري، وأي كلام عن السفر، أو الحجوزات، مع التفكير أنني قد أموت قريباً، وتدهورت صحتي، فأقنعني والدي بترك فكرة السفر، حيث قد تكون حالة نفسية، سببها القلق والضغوط بسبب السفر.
قررت عدم السفر، وألغيت حجوزاتي، وبعد مدة خف الألم في المعدة مع تناول الأدوية، لكن ما زال يلازمني الضيق في الصدر، والبكاء والخوف من شيء سيء سيحدث لأهلي، لم أعد أنام جيدا،ً ولا أريد البقاء وحدي في غرفتي، وأستيقظ في منتصف الليل، ولا أستطيع العودة للنوم، أصبحت أشعر أنني أكره الحياة، وأصبحت أوسوس كثيراً مع كل ألم في جسدي، وأتخيل أنه شيء خطير، وأصبحت أتخيل حياتي عندما يمرض والديّ، وكيف سأبقى وحيدة ثم أشعر بالخوف، وأشفق عليهم عندما يحاولون إخراجي مما أنا فيه، وأتضايق من نفسي كثيراً لأنني سببت لهم القلق.
أشعر أنه لم يعد لدي شيء أتطلع إليه في المستقبل، بعد أن تخليت عن حلمي و سفري للدراسة، حيث أنه كان محفزي الوحيد للاستمرار، وعدت لعملي كمعلمة الآن، وفي فترة العمل تراودني هذه الحالة بعض الوقت.
عندما شعرت أن حالتي تحسنت قليلاً –والحمد لله- حصل ظرف طارئ، سيضطر فيه والدايّ للسفر لمدينة أخرى ليوم واحد فقط ، عادت لي حالتي السابقه من نوبات البكاء، وضيق في الصدر وخوف شديد.
لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي، ولن أستطيع الكلام وجهاً لوجه حتى لو ذهبت.
سؤالي: ماذا أفعل؟ وهل أنا بحاجة لعلاج دوائي؟
جزاكم الله عنا كل خير، ورزقكم الجنة يا رب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Asma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فحالتك واضحة جدًّا، والذي حدث لك حين كنت تعدين نفسك للسفر، هذا يسمى بـ (قلق الفراغ) وقطعًا هو مبرر، هنالك أسباب جلية وراءه؛ حيث أنك البنت الوحيدة وسط إخوانك، ولا شك أنك قد استأثرت بشيء من -لا أقول العناية الخاصة- الارتباط الوجداني بينك وبين والديك وأهلك قوي جدًّا، للدرجة التي جعلتك لا تستطيعين التكيف أو التواؤم حتى مع فكرة السفر، وحدث ما حدث، وامتد مسلسل المخاوف لديك للدرجة التي تطور إلى ما يعرف بـ (رهاب الساحة)؛ حيث إنك لا تستطيعين الجلوس وحدك، وأصبح يأتيك هذا القلق التوقعي حول ما قد يحدث لأهلك ولك.
هذه حالة من حالات قلق المخاوف ولا شك في ذلك، والعلاج يكون من خلال مناقشة هذه الأفكار، يجب ألا تقبليها وتستسلمي لها، الناس يجب أن تسافر، أصبحت الاتصالات سهلة جدًّا، ليس بإمكاننا أن نرد القدر فيما سوف يحدث، علينا فقط أن نأخذ بالأسباب ونتحوط ونتوكل على الله توكلاً مطلقًا، يجب أن تناقشي نفسك على هذا المستوى، بالرغم من أنه مستوى بسيط من التفكير، لكن هو الذي سوف ينقلك إلى الواقع الحياتي الحقيقي.
الأمر الآخر هو: ألا تعدي لشيء ثم تتراجعين عنه، إلغاء الحجزات للسفر كان أمرًا ضروريًا، لكن -بكل أسف- كانت مكافأة كبيرة جدًّا للمخاوف، حتى تتأصل لديك، فأرجو أن لا تحفزي مخاوفك من خلال التراجع، اعزمي وأصري وتوكلي وأنجزي.
بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أنت في حاجة لعلاج دوائي قطعًا، وسوف تستفيدين كثيرًا من أحد الأدوية المضادة للمخاوف، وأحسب أنه (الزولفت)، والذي يعرف باسم (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، سيكون هو الدواء المناسب والمثالي لحالتك، خاصة هو سليم وجيد، وإن أردت أن تذهبي إلى طبيب نفسي من أجل أخذ رأي آخر والتأكد، هذا أيضًا مقبول جدًّا بالنسبة لي، بل أشجع مثل هذا المنهج.
جرعة (السيرترالين) هي أن تبدئي بنصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– تتناوليها ليلاً بعد الأكل، لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلاً، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة عشرين يومًا، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.