أخي المراهق لا يفعل أي شيء جاد أو مفيد في حياته، بماذا تنصحونني؟
2013-11-21 03:07:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة بعمر 21 عاماً، وترتيبي الأكبر بين أشقائي، والدتي - شافاها الله - تعاني من مرض مزمن جعلها طريحة الفراش، وأنا بصفتي الابنة الكبرى حاولت أخذ ولو جزء بسيط من مهمة والدتي في تربية إخواني.
المشكلة تكمن في أخي المراهق الذي يبلغ من العمر 16 سنة، ويملك شخصية عنيدة جداً منذ أيام طفولته المبكرة، مما يجعلني أجد صعوبة بالغة في محاولة توجيهه ونصحه، فهو مهمل جداً في دراسته ويتغيب كثيراً عن مدرسته، ويسهر الليل بأكمله حتى في أيام الدراسة، بل حتى الصلوات لا يصليها إلا بعد مجادلة منا، باختصار لم أره يفعل شيئاً جاداً ومفيداً في حياته، حاولنا معه أنا ووالدي بشتى الطرق، لكن كلما حاولنا يزداد الأمر سوءً، وكأنه يعلن التحدي علينا، أحياناً يمارس التهديد على والدي كقوله: إذا لم تضعني في المدرسة الفلانية - وهي من المدارس الأهلية التي تمنح الطلاب علامات دون أي مجهود منهم - فلن أكمل دراستي. المحزن في الموضوع أن والدي غالباً يستجيب لرغباته، وإذا لم يوافق والدي على بعض طلباته لاحظت أنه يقوم بسرقة المال منه لشراء ما يريد من أجهزة وما إلى ذلك.
أنا أعلم جيداً أنه يمر بمرحلة المراهقة، لذلك يفضل عدم الضغط عليه في هذه الفترة، لكن من ناحية أخرى أرى أنه يجب علينا توجيهه وإرشاده، أحس أنني دائماً في صراع مع نفسي، هل أتجاهله و لا أهتم لأمره كما تفعل أختي الصغرى؟ فعلى كل حال أنا لست والدته ولست ملزمة به، أم أنه يجب علي أن أوجهه؟
أرجو أن تفيدونني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريحانه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية نسأل الله أن يقر أعينكم بسلامة الوالدة، وأن يكتب لك الشفاء العاجل، وأن يلهمكم السداد والرشاد، ونشكر لك حقيقة هذا الاهتمام أولاً، والقيام بدور الوالدة في رعاية إخوانك، ونشكر لك الاهتمام بأمر هذا الشقيق، ولا يجوز لك ولا لغيرك أن تسكتوا عنه وتتركوه وتُهملوه، ولكن ينبغي أن نتخذ الأسلوب الحسن في التعامل مع هذه الفئة العمرية، فإن المراهق يحتاج إلى أن نقترب منه، أن نقبله، أن نؤمّنه، أن نحتويه، أن نحاوره، أن نقنعه، أن نتواصل معه جسديًا بالملاطفة والمسح على رأسه، يحتاج إلى أن ندعو الله تبارك وتعالى له.
هذه النظريات التربوية الواضحة يستطيع الإنسان أن يستخرجها من حديث واحد من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم – في قصة الشاب الذي جاء يستأذن النبي في الزنا، رغم هذا الكلام الفاحش الخطير، وكان شابًا والصحابة همُّوا به، لكن نبي الرحمة قربه وأمّنه وتقبّله واحتواه وحاضره، وأقنعه وتواصل معه جسديًا ودعا له، فماذا كانت النتيجة؟ فما فكّر الفتى في مثلها أبدًا.
إن فهم طبيعة هذه المرحلة ومحاورة هذا الأخ وتحميله جزءًا من المسؤولية، وإذا كنت أنت تحملت مسؤولية الوالدة، فذكّريه بضرورة أن يتحمل مسؤولية الوالد، فيقرِّب له البعيد ويكون إلى جواره، ويعاونه على صعوبات الحياة، أشعروه أنه ولي العهد في البيت، وأن المسؤوليات تؤول إليه، وأن البيت بحاجة إليه، وأعطوه فعلاً مساحة يثبت فيها ثقته في نفسه ويثبت فيها قدرته على الإنتاج ويثبت فيها إمكاناته الخاصة، ونتمنى أن يجد منكم التشجيع.
لا شك أن الأوامر التي يرفضها لأن الطريقة التي تلقى بها كأنه طفل يؤمر ويُنهى، ولذلك أرجو أن تلاطفوه، وتحاوره، وتشاوره، ويأخذ مكانته في المنزل، لأن الأمر كما قال عمر: (لاعب ابنك سعبًا، وأدبه سبعًا، واصحبه سبعًا) فهي سن ينبغي أن يكون فيها كالصديق بالنسبة لكم، وهذا يسهل عليكم التوجيه والمناقشة معه في الأمور النافعة والمفيدة بالنسبة له.
نتمنى أيضًا ألا تشتدوا عليه، ألا تقفوا عند كل صغيرة وكبيرة، يعني لا بد أن نفوت الأمور الصغيرة، لا بد أن نعرف حاجته إلى إثبات ذاته فنتيح له هذه الفرصة، حاجته للانطواء أيضًا، فنحاول أن نتيح له هذه الفرصة، حاجته إلى الرفاق، نبحث له عن رفقة صالحة، ونرحب بهم في البيت ونحتفي بهم، ولا ننتقده، ولكن نحاوره عن نموذج الصديق الصالح والصفات وهل هي متوفرة، نترك الأسئلة مفتوحة بهذه الطريقة، لأن الطريقة الحوارية هي التي توصل إلى الإقناع.
أكرر مرة أخرى: ما ينبغي أن يُترك هذا الأخ في فترة هو أحوج ما يكون للتوجيه، حتى الأخت الصغرى ينبغي أن يكون لها دور فيه، فإن قربكم منه ودخولكم إلى حياته واحترامه والاحتفاء به، وتقديمه وإعطائه المسؤوليات ومصادقته، هي الأمور التي ستغيّر - إن شاء الله - هذا الطريق الذي يسير عليه، ونسأل الله تبارك أن يقرَّ أعينكم بهدايته وصلاحه، وأن يكتب السلامة والعافية للوالدة.
نتمنى أيضًا أن تكون هناك خطة موحدة متفق عليها، دون أن يشعر في التعامل معه، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.