كيف أقنع والدتي برغبتي بسكن مستقل؟
2013-11-17 00:44:07 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أنا شاب من الجزائر, عمري 30 سنة, مقبل على الزواج, وقد اخترت المرأة التي أراها مناسبة لي, وقد تم العقد الشرعي بيننا، وبعد أن فكرت مليا قررت أن أستقل عن سكن عائلتي لأسباب منها, هناك حساسية بيني وبين إخوتي الذكور, لذا أردت تجنب الاصطدام بهم بالانفصال عن السكن, وحفاظا على العلاقة التي تربطنا, ولكن الوالدة لما أخبرتها بقراري ظنت وشكت بأن زوجتي هي التي أرادت ذلك، وهذا ما يقلقني, فأنا قلق على عدم رضاها عني، فماذا أفعل؟
أجيبوني أرجوكم، فأنا في حيرة من أمري، بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يُديم مشاعر الود بينك وبين أسرتك وبينك وبين زوجتك، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ولا يخفى عليك أن احترام مشاعر الوالدة والحرص على رضاها من الأمور الهامة، وأنت تشعر بهذا، والدليل هو هذه الاستشارة التي تواصلت بها معنا، لأنك تشعر بأن الوالدة متضايقة، ولا شك أن الوالدة تريد أن تكون إلى جوارها، فاحرص على أن تكون معها حتى ولو خرجت من البيت بكثرة الزيارات والاجتهاد في إرضائها، وبالتفاهم معها بمنتهى الهدوء.
وشجع زوجتك على برها والإحسان إليها، وقدِّر لزوجتك هذا الجانب الكبير، وأثبت للوالدة أنك صاحب الفكرة، وأن لك أهدافا، حتى لا تضايقهم، يعني تقول: (نحن ما نريد أن نضايقكم، وعندي إخوان، حتى يأخذوا راحتهم) أو نحو ذلك من الكلام، لأن الشيطان يتدخل في مثل هذه الأمور، وطالما كانت الزوجة ولله الحمد بريئة وأنت صاحب الفكرة مائة في المائة فمن حقك أن تُقنع الوالدة، ولا مانع من أن تحلف لها أنك صاحب الفكرة، وأن زوجتك لم تتدخل في هذا الأمر.
ونتمنى ألا تشعر الزوجة بهذا الظن السيء من الوالدة، لأنها ظنت فيها أمرًا لم يحصل منها، لكن ينبغي أن تنمّي بين زوجتك وبين والدتك مشاعر الخير وتنقل الكلام الجميل بينهما، وطبعًا الرجل هو الذي يُقدِّر هذه المسألة، والشريعة التي تأمرك ببر الوالدة هي الشريعة التي تأمرك بالإحسان للزوجة، هي الشريعة التي تأمرك بالإحسان لإخوانك، هذه واجبات شرعية لا بد أن توازن فيما بينها، ونتمنى ألا يشعر الإخوان أيضًا بأنك لا تُحب وجودهم وأنك كذا، حتى لا يتدخل الشيطان في الأمر، ولكن تبين لهم أصول هذه المسائل وأنهم سيظلون إخوانا، وتُحسن إليهم فعلاً، وتهتم بالوالدة أكثر.
نحن دائمًا نقول: الذي كان قبل الزواج يزور والدته في اليوم مرتين عليه بعد الزواج أن يزورها أربع مرات، يُضاعف الاهتمام، ويضاعف الزيارات، ويضاعف الترحيب والاحتفاء بالوالدة والإكرام للوالدة، حتى لا يجد الشيطان مثل هذه المداخل، فإن هناك شياطين إنس وشياطين جن، لا همَّ لهم إلا أن يغرسوا ظنَّ السوء بين الناس.
نسأل الله أن يُديم عليكم الخير، ونؤكد لك أن وجود الزوجة في مكان منفصل طالما كان في البيت بعض الرجال الذكور –إخوانك– هو الأفضل، وهو الأوفق من الناحية الشرعية، فاحرص على إرضاء الوالدة، واجتهد في أن تنال رضاها، وفي أن تصحح الفهم المغلوط عندها، واحرص على أن تكون الزوجة بعيدة من هذا الشعور أنهم أساؤوا بها الظن، واحرص على أن تشجع زوجتك على أن تتواصل معهم، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك وللوالدة وللزوجة التوفيق والسداد.
ونحب أن نؤكد مرة ثانية أنك مطالب أن تُحسن إلى الجميع، سواء كانوا أرحاما أو الوالدة أو الزوجة، فهذه كلها واجبات شرعية، وأنت ممن يعرف هذا، والدليل هو أنك كتبت إلينا مهمومًا حزينًا؛ لأن الوالدة غير راضية، لكن طالما كان سعيك في إرضاء الله وطالما كنت تحاول وتكرر وتجتهد حتى تسترضي الوالدة فإن شاء الله لا حرج عليك، ونحن نتمنى أن تبذل كل ما عندك، وكل ما يمكن أن يساعدك من أصحاب الوجهات من أعمام وعمات وأخوال وخالات، أن تسعوا جميعًا في إرضاء الوالدة وتطيب خاطرها، ونحن على ثقة أن خاطرها سيطيب، لأن قلب الوالدة رحيم.
ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.